IMLebanon

رسائل أميركية عاجلة من «بيونغ يانغ» الى طهران!؟

 

تتركز الأنظار على حراك الإتحاد الأوروبي الديبلوماسي في اتجاه طهران وموسكو تجنبا للحرب الكبرى بعد القرار الأميركي بنقض التفاهم النووي الإيراني، من دون اغفال حجم الرسائل الأميركية السريعة التي وجهتها واشنطن الى طهران من بيونغ يانغ قبل ايام، وكذلك من تل ابيب. فما هي بعض من هذه الرسائل في توقيتها وشكلها والمضمون؟

مما لا شك فيه ان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتجميد التفاهم النووي الإيراني قد كشف المنطقة على المجهول. وبات رهنا بما يمكن ان تأتي به الوساطات الديبلوماسية لتجنيب المنطقة حرباً كثر الحديث عنها منذ فترة طويلة. فلا يمكن أحد ان يتجاهل ان القرار الأميركي اضاف ازمة من نوع آخر الى سلسلة الأزمات فيها، ما يؤدي تلقائيا الى توقع المزيد من السيناريوهات السلبية المحتملة.

فاسرائيل التي رحبت بالقرار الأميركي اعلنت حال الحرب بفارق دقائق من صدوره. وبعدما اعلنت حال الطوارىء طلبت فتح الملاجىء في الشمال والجليل الأعلى ووسعت إجراءاتها الاستثنائية الى الجولان المحتل فور سقوط الصواريخ الإيرانية على المنطقة بعد اقل من 24 ساعة تقريباً على قصف صاروخي قيل انه اسرائيلي، على مواقع ايرانية في منطقة الكِسوة في ضواحي دمشق قبل ان ينفلت الوضع على طول جبهة الجولان لثماني ساعات استخدمت خلالها «عدة حرب كاملة» ضمت عشرات الطائرات والصواريخ البعيدة والمتوسطة المدى، فصبت نيرانها على عشرات المواقع الإيرانية التي سلّمها النظام لوحدات من الحرس الثوري الإيراني وحلفائه في سوريا.

اما في سوريا فلم يتغير شيء سوى ان جبهة جديدة فتحت في جنوبها بين المواقع الإيرانية والإسرائيلية لتضاف الى عشرات الجبهات الأخرى المفتوحة على كل جديد محتمل.

وعليه طرحت سلسلة من الأسئلة ابرزها:

– ما هي الإحتمالات التي تؤدي الى توسع المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية المباشرة؟ وما هو حجمها ومداها؟

– اين كل من موسكو وواشنطن مما يجري؟ فهل يحولان دون الإنفجار الكبير؟ ام يباركان وينخرطان الى جانبي حليفيهما؟

– وهل يمكن إسرائيل ان تفي بتعهداتها بإخراج إيران من سوريا؟

– وهل وفت ايران بوعودها التي اطلقتها مرارا منذ انتصار الثورة الإسلامية في بداية ثمانينات القرن الماضي بضرب اسرائيل من اقرب المواقع الجغرافية اليها تمهيدا لمحوها من الوجود؟!

وعدا عن كل هذه الأسئلة، هل سيبقى لبنان في منأى عما يجري في المنطقة؟ وهل سيكتفي بما يجري جمعه وإحصاؤه من بقايا الصواريخ المتبادلة بين اسرائيل وسوريا؟

لا تغفل التقارير الديبلوماسية العاجلة التي وصلت الى بيروت تزامنا مع صدور القرار الأميركي، ما يمكن ان تشهده الساحة السورية من تطورات عقب الإجراءات الإسرائيلية التي واكبت هذا القرار قبل حصول المواجهة المباشرة الأولى بين تل ابيب وطهران.

وهو ما يوحي ببعض الرسائل السريعة التي وجهتها واشنطن على وقع «تجربة بيونغ يانغ» في اتجاه طهران، انطلاقا من الأسئلة الآتية:

– هل يصح الربط بين اقفال الملف النووي الكوري الشمالي في الشكل الذي جرى اقفاله والتوقيت الأميركي باستعجال القرار في شأن الملف النووي الإيراني؟

– هل قدم رئيس كوريا الشمالية لجاره رئيس كوريا الجنوبية في لقاء القمة التاريخي بينهما ما تملكه بلاده من معلومات عن حجم ما بلغه الملف النووي الإيراني من تطور اقلق الأميركيين وحلفائهم.

– وهل ان مثل هذه المعلومات هي التي دفعت الى استعجال صدور قرار الأميركي في شأن طهران.

ثمة تقارير ديبلوماسية نقلت معلومات تشكل في مضمونها أجوبة ايجابية توحي بطرح مثل هذه الأسئلة الثلاثة. فليس مستغربا ان تكون دقيقة لسبب بسيط، وهو ان كوريا الشمالية هي احدى الدول التي شاركت في بناء القدرات الإيرانية النووية ويمكن ان تكون قد سربت معلومات من هذا النوع. وهي بحسب هذه التقارير تلاقت في تفاصيل منها مع ما كشفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من معلومات عن تطور الملف النووي الإيراني في اتجاه الجوانب العسكرية التي تخشاها واشنطن وحلفاؤها.

وامام هذه الصورة المتشعبة، تفيد التقارير ان واشنطن طرحت على طهران في سلسلة الإتصالات الديبلوماسية المعلن عنها وتلك السرية «النموذج الكوري الشمالي» حلا للمعضلة الخاصة بملفها النووي قبل أن يلجأ الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى قراراته الأخيرة في شأن الاتفاق النووي الايراني واحياء العقوبات المنوي فرضها على ايران. لوما جاء القرار الإيراني بالرفض على اساس ان طهران ليست بيونغ يانغ.

وهو ما ادى الى استعجال القرار الأميركي بمعزل عما يمكن ان يتسبب به من اضرار وخسائر تلحق بالشركات الأميركية والأوروبية العملاقة التي احيت علاقاتها مع ايران وبحلفائها الذين تتقدمهم دول الإتحاد الأوروبي التي عبرت عن قلقها من النتائج السلبية المترتبة عن هذه القرارات على حجم استثماراتها التي تنامت مع طهران في الفترة التي تلت التفاهم النووي بين طهران ومجموعة الدول الـ «5 +1» والتي لا تقاس بحجم استثماراتها مع واشنطن إذا ما فرض عليها الإختيار بين هذه وتلك.

اما في شان الإنعكاسات على الساحة اللبنانية فقد تحدثت التقارير البدلوماسية عن استمرارها هادئة في المدى المنظور، فهي الى الآن لا تشكل امتداد طبيعيا للساحة السورية. وان مختلف الأطراف المتنازعة على الساحة السورية تتجنب ما يؤذي الإستقرار القائم في لبنان.

وان كانت التوقعات تشير الى مرحلة استراحة اعقبت ما حصل ليل الأربعاء – الخميس الماضي من «حرب مصغّرة» فإن لبنان باق خارج دائرة المواجهة طالما ان الساحة السورية تتسع لها ولا حاجة لتوسيع دائرة الحرب الى ان تأتي الأيام المقبلة بما يعزز هذا التوجه او يخرج عنه.