Site icon IMLebanon

ما مصلحة واشنطن في “تبنّي” مرشح رئاسي؟

 

 

أقفل مجلس النواب أبوابه، أقلّه خلال فترة الأعياد. الوضع الانتخابي على حاله. لا تقدّم فعليّ، ولا مشاورات جديّة قد تحرّك المياه الراكدة. لا أحد يدري ما هو المعيار الذي سيغيّر المعادلة الداخلية، فيدقّ ساعة التوافق الداخلي، ويؤمّن أغلبية من شأنها أن تأتي برئيس جديد للجمهورية. الكلّ في حال انتظار. أمّا انتظار ماذا؟ فلا جواب.

 

وحدها المبادرة القطرية، غير الرسمية، بالتوازي مع الحراك الفرنسي الخجول، هما المؤهلان للعب دور ما، من خلال تقديم قائد الجيش جوزاف عون، مرشّحاً توافقياً، مع العلم أنّ مقتضيات هذا التوافق، أو بالأحرى شروطه لتأمين تأييد الثنائي الشيعي، وتحديداً «حزب الله»، لا تزال مجهولة… ويقول المواكبون إنّ التحرّك القطري لا يتجاوز السقف الأميركي والذي عبّر عنه البيان الثلاثي المشترك الأميركي- الفرنسي- السعودي، والأرجح أنّه لا يشبه في حيثياته الحراك الفرنسي بمعنى تهيئة الأرضية لتفاهم يفترض أن يكون أميركياً- إيرانياً بالدرجة الأولى، قبل دخول السعودية كشريكة، والتي لا تزال حتى اللحظة، وفق المتابعين تتعاطى بكثير من اللامبالاة السياسية مع الملف اللبناني، رغم اللقاء الذي جمع ولي العهد محمد بن سلمان مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والذي لم يكسر الجمود الرئاسي من الجهة السعودية، وفق مواكبي هذا المجال.

 

أمّا على الضفّة الأميركية، فتقول مصادر دبلوماسية إنّ الإدارة الأميركية لم تغادر المربّع الأول: لا تفضيل لمرشح على آخر. وتشير إلى أنّ هذا الموقف ليس من باب النأي بالنفس وإنّما من باب عدم الانخراط في الوحول اللبنانية، بمعنى أنّه لا مصلحة للإدارة الأميركية في الدفع باتجاه تبني مرشّح محدد، يكون محسوباً عليها ليكون عنوان المرحلة المقبلة العابقة بالتحديات الاقتصادية والمالية، التي قد تغرقه في مستنقعها، ما يعتبر انتكاسة للسياسة الأميركية. ويضيفون: إنّ واشنطن متيقنّة أنّ نتائج الانتخابات الرئاسية لن تأتي برئيس معادٍ لها، مهما كانت ميوله السياسية أو انتماءاته، ولهذا فهي لا تعطي الاسم بحدّ ذاته، أهمية بالغة بقدر ما تعطي سلّة التفاهمات، التي ستحيط بانتخابه، أهمية. بالتوازي مع تشديدها على اقرار الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي.

 

إلّا أنّ ذلك لا يعني أبداً أنّ «حزب الله» تراجع عن تأييد رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية. الأخير يتصرّف، كما «حزب الله» على قاعدة أنّ حظوظه مرتفعة، وتكاد تكون متساوية لحظوظ قائد الجيش، ويكفيه تحقيق خرق لدى القيادة السعودية لكي يوسّع دائرة مؤيديه… أو إنزال رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» جبران باسيل عن شجرة اعتراضه، فيفسح المجال أمام وصول فرنجية إلى قصر بعبدا.

 

كلّ من السيناريوين لا يزال غير ناضج. ومع ذلك، يقول أحد النواب البارزين إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يصمد كثيراً قبل أن يدعو مجدداً إلى عقد جلسة انتخابية، حتى لو كانت نتائجها معروفة سلفاً. ذلك لأنّ الانتقادات لن تعفيه من ضريبتها، من خلال تحميله المسؤولية المباشرة للتعطيل من خلال إقفال مجلس النواب، ولذا من المرجح أنّ يبادر بعد العاشر من كانون الثاني المقبل إلى عقد جلسة جديدة.

 

في هذه الأثناء، يبدو أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يعمل على تطويق ذيول الاشكال الذي أثارته الجلسة الأخيرة لحكومته، والتي تعرّضت لقصف مركّز من الجانب المسيحي، وتحديداً من «التيار الوطنيّ الحر» المعترض على اجتماع الحكومة بأيّ شكل من الأشكال. ولهذا، يستعيض ميقاتي عن الجلسة، باجتماع تشاوري، يرجّح أنّ يكون «تراند» المرحلة، لا سيما خلال الأسابيع القليلة المقبلة التي سيحاذر خلالها الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء خصوصاً وأنّ مصادره تنفي وجود أي بند طارئ أو مستعجل في الوقت الراهن قد يستدعي الدعوة لعقد جلسة في المدى القريب. من هنا كان البحث خلال الاجتماع التشاوري في الأليات القانونية المتاحة التي تساعد على تسيير أمور الناس من دون الوقوع في شرك الاعتراض المسيحي تحت عنوان ميثاقي- دستوري. ويفترض أن تتولى اللجنة الوزارية، الرباعية التي تمّت تسميتها، الاتفاق على واحدة من هذه الآليات، خصوصاً وأنّ ميقاتي أكد في الاجتماع أكثر من مرّة حرصه على عدم افتعال اشكال دستوري أو طائفي.

 

ومع ذلك، فإنّ مشهدية الاجتماع التشاوري كانت أشبه بجلسة مكتملة العناصر لعقد جلسة لمجلس الوزراء، شارك فيه 19 وزيراً إلى جانب كلّ من المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية. كذلك شارك كلّ من وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، وزير الاعلام زياد المكاري، وزير العدل هنري خوري، وزير الاتصالات جوني قرم، وزير الطاقة والمياه وليد فياض، وزير الشباب والرياضة جورج كلاس، وزير الدفاع موريس سليم، وزير المهجرين عصام شرف الدين، وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار، وزير الصناعة جورج بوشكيان، وزير السياحة وليد نصار، وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وزير الثقافة محمد وسام مرتضى، وزير البيئة ناصر ياسين، وزير العمل مصطفى بيرم، وزير الزراعة عباس الحاج حسن، وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام.