رغم المناخات السياسية الايجابية التي تسود الساحة اللبنانية موحية بقرب الفرج الرئاسي ، مع قرب تصاعد الدخان الابيض من ساحة النجمة الاثنين المقبل، يبدو ان الصورة ليست وردية ولا واضحة بل ضبابية الى حد كبير. فصحيح ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أعلن صراحة التصويت لعون الا ان الكثير من العقبات لا تزال تعترض طريق وصول العماد عون الى قصر بعبدا، بحسب مصادر متابعة التي اشارت في جلسة خاصة الى ان شكوكا اساسية وجدية تحوم حول مواقف البعض تدعو الى الريبة والشك من وجود شيء ما يطبخ في السر لقلب الطاولة في الربع الساعة الاخير، خصوصا بعدما اخرجت حارة حريك محرجيها من لعبة العسكر والحرامية.
حتى الساعة، كل المؤشرات والمعطيات المتوافرة تضاف اليها مواقف القوى السياسية كافة، خصوصاً كلام امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي حسم موقف «الحليف الاساسي» نهائياً، تؤكد انه سيكون للبنان بعد اسبوع بالتمام الرئيس الثالث عشر بعد الاستقلال والخامس بعد اتفاق الطائف، وان لبنان الذي لم يكن في سلّم الاولويات الاقليمية والدولية نظراً لكثرة الازمات الممتدة من سوريا الى العراق واليمن وصولاً الى حدود اوروبا وروسيا والولايات المتحدة الاميركية، يبدو عاد «فجأة» الى واجهة الاهتمامات الدولية من خلال التطورات الرئاسية المتسارعة التي كانت حتى الامس القريب ومن خلال نتائج حركة الموفدين الدوليين الذي عملوا على خط تذليل العقبات، شبه مستحيلة نظراً لكثرة الالغام الداخلية والاقليمية المزروعة على طريق الاستحقاق.
وتؤكد المصادر ان كثيرا من الدوائر الغربية غير مرتاحة لتبني الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، مستغربة خطوة بيت الوسط في تلك اللحظة المفصلية التي تمر بها المنطقة في لعبة عض الاصابع التي تشهدها، وما اذا كان واعيا لخلفياتها وانعكاساتها على الوضع اللبناني ، خصوصا ان الجنرال لم يقدم اي جواب حول المسائل الاساسية التي تؤرق المجتمع الدولي، فلا قرار البقاء تحت سقف الطائف هو لبناني ذلك ان نسف الطائف اذا ما حصل فهو من ضمن «سلة» اقليمية كبيرة، ولا برنامج اقتصادي مشترك او مجمع عليه، وحتى قرار تطبيق «اعلان بعبدا» من خلال تحييد لبنان الكامل عن النزاع السوري لا قيمة له لان قرار العودة من سوريا ملك السيد حسن وحده وهو وضع شرطه لذلك بتحقيق الانتصار، عليه فان ما يحكى عن اتفاق يبقى ضمن حدود توزيع الحصص الثانوية لا اكثر ، بعدما ادرك الفرقاء ان الامور والقضايا الاستراتيجية اكبر من قدرتهم علىى مقاربتها وان غطوا بها صفقاتهم.
انطلاقا من ذلك كشفت مصادر دبلوماسية اميركية في بيروت ان واشنطن تعتبر انه» آن الاوان لملء الفراغ في الرئاسة الاولى، بعيداً من سيطرة التنظيمات السياسية المسلّحة، لا سيما حزب الله الذي ما تزال الادارة الاميركية تضعه في قائمة الارهاب»، وسط حديث لمقربين من الرابية عن ان السفيرة الاميركية تصول وتجول بين الافرقاء السياسيين، معارضة وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، مؤكدة عدم رضى واشنطن على الجنرال بسبب علاقته وقربه من حزب الله، ما يتجاوز الأسس الدبلوماسية ويعتبر تدخلاً في الشؤون اللبنانية، خاصة وأن بعض الأوساط تجزم أن «السفيرة تطلب من بعض الكتل عدم التصويت لعون».
في الاثناء، بقيت الانظار معلّقة على مواقف بري الذي يمضي في جبهة الرفض المطلق لعون، ويلوّح بأوراق تعطيل تشكيل الحكومة، كما على مرحلة ما بعد الانتخاب وما قد تشهد من تطورات لجهة تسهيل مسار العهد الجديد بدفع من جبهة مؤيدي العماد عون التي يتزعمها حزب الله وتيار المستقبل والقوات اللبنانية، ام عرقلته بفعل تصلب بري في موقع المعارضة، وما تنقل عنه الاوساط عن ان «المهم ليس شهر العسل بل من يأكل العسل»، وان الحكومة لن تشكل قبل 5 او 6 اشهر، وسط تساؤلات عما اذا كان سيستعيض عن طروحات سلته الشهيرة، برفع سقف شروطه ومطالبه للتشكيل الى الحد الاقصى، خصوصا اذا ما انضم اليه النائب جنبلاط.
بين تغريدة الاحد وزهر المرشح الرابع، وتغريدة الاثنين بطريق بعبدا الوعرة التي يكسو جوانبها الخضار، مصوبا نحو اهداف غامضة حتى الساعة، تماما كما موقف كتلته من التصويت في جلسة الانتخاب الذي يبقى معلقّا خاضعا لتقلبات بورصة التحليلات، يلعب وليد جنبلاط لعبة الوقت، بانتظار زيارة عونية لم تنضج ظروفها بعد في ظل الموقف «المتذبذب» لوليد جنبلاط الممتعض من محاولات الرابية اسقاط كل ما انجز سابقا من مصالحات في الجبل حاصرة الامر بالثنائي المسيحي ، حيث يطالعك زوار المختارة ببسمة ، داعين الى التمهل والروية لان الأمور بخواتيمها والشاطر من يضحك في الآخر، مؤكدة أن اعتبارات وطنية مهمة تحكم وتقف خلف أي موقف سيتخذه بيك المختارة، موضحة أن هناك أمورا أساسية ينتظر جنبلاط توضيحها ليبني على الشيء مقتضاه، متعلقة بشكل أساسي بمسألة التفاهمات السياسية المحلية والقبول الدولي والإقليمي للعهد الجديد ، وهو ما لا يزال غير متوافر حتى الساعة، من هنا ضرورة بذل الجهد اللازم للوصول إلى توافق عام حول هذا الانتخاب وأن لا يكون مدخلا لمشكلات أو انقسامات قادمة، غامزة من قناة الانتخابات النيابية حيث يرى جنبلاط نفسه عالقا بين التزامه بكلمة الشرف التي قطعها لرئيس مجلس النواب بالسير معه على الحلوة والمرة وبين التحالف المسيحي-السني الذي بدأ يهز له العصا في الشوف..
اذا سارت الرياح كما تشتهي السفن وتخطّت حاجز «ربع الساعة الاخير» الذي تشتهر به السياسة اللبنانية، فان الطبخة الرئاسية التي وُضعت على نار حامية ستنضج الاثنين المقبل موعد الجلسة 46 لانتخاب رئيس،وسط علامات التعجب الكثيرة من مواقف الأمين القطري لحزب «البعث» في لبنان النائب عاصم قانصوه عمن هو الأفضل لرئاسة الجمهورية النائب العماد ميشال عون أم النائب سليمان فرنجية، والتي تضمنت كلاما خطرا يشير الى وجود قطبة مخفية في مكان ما.
التزم نصرالله بالواقعية في معرض تفاؤله بانجاز الاستحقاق الرئاسي، تاركا للوقت البت بمصيره . فالاكيد ان الايام المقبلة ستشهد تغييرات في الارقام، قد تكبر الكتلة البيضاء اي الذين سيصوتون بورقة بيضاء، وقد ينخفض عدد المعترضين على عون، يقول كثيرون إن وصول عون شبه محسوم ولكن من قال ان عدد الاوراق البيضاء والعدد الذي سيناله فرنجية ليس لها أي تأثير في السياسة؟ هل يطمئن الرئيس بري المتوجس من الاتفاقات السرية والحصص والحقائب، ليس فقط من باب الحرص على تأمين النصاب كمؤتمن على مجلس النواب، انما من باب رئيس يريد مع الحلفاء والخصوم الوصول إلى بلد آمن ركيزته قانون انتخاب يعدل بين أبنائه؟ هل تكفي الأيام الفاصلة عن موعد الانتخاب لاحداث المعجزة؟ ام يصدق من توقعوا تطيير جلسة الـ 31 من تشرين الأول؟