يجمع المراقبون للاوضاع الداخلية والاقليمية، ان المنطقة دخلت مرحلة جديدة تتسابق فيها الاحداث على تصدر الاهتمام، مع ما تتركه من تداعيات على الساحة المحلية، مع ارتفاع منسوب المخاوف من أن يؤدي انضمام لبنان الى التحالف العربي ضد الارهاب الى اسقاط الحكومة المشلولة اصلا وتحويلها الى حكومة تصريف اعمال، رغم الاقرار بان النتيجة ستكون مشابهة لما سبق وحصل ابان اطلاق التحالف الغربي ضد «داعش».
فانشاء الحلف العربي، انعكس سجالا على الساحة الداخلية كنتيجة مباشرة للتباعد السعودي – الايراني، حيث سجل عدد من الاطراف الحكومية تحفظه على انضمام لبنان الى التحالف، مقابل رئيس الحكومة وفريقه الموافق على مبدأ الانضمام الى حلف يواجه الارهاب استنادا الى البيان الوزاري، فيما رأت مصادر في تيار المستقبل ان التحالف العسكري السعودي الجديد لمحاربة الارهاب خطوة رمزية وليست حقيقية، موضحة ان إعلان السعودية إنشاءها تحالفاً عسكرياً سنياً يوحي بالثقة بالإسم فقط ، اذ جاء ارضاء للولايات المتحدة التي طالما اشتكت من غياب وجود أي جيش سني على الخطوط الأمامية لمحاربة تنظيم «داعش»، رغم أن عدم وجود خطة او استراتيجية لن يخيف الإرهابيين من هذا التحالف العسكري السعودي.
وفيما دعت المصادر نفسها الى عدم التوقف امام التسمية، رأت ان لبنان بامسّ الحاجة الى الانضمام الى هكذا تحالف ،خاصة أنه بحاجة الى غطاء ومظلة احتياط تحميه من غدر الارهاب المتربص على الحدود، خصوصا أنه يستحيل على لبنان الانضمام للتحالف الروسي ،كما ترغب بعض الجهات اللبنانية،لان ذلك سيضعه حتما في مواجهة مع الاميركيين،ما قد يعرضه الى فقدان المساعدات المفتوحة التي يحصل عليها الجيش من الغرب، خصوصا انه في العلم العسكري في حال طلب مؤازرة جوية روسية يستلزم ذلك ساعات فيما الطائرات التحالف الموجودة في قبرص قادرة على الوصول الى اهدافها في أقل من 12 دقيقة.
من جهتها رأت مصادر في الثامن من آذار أن قرارا بحجم انضمام لبنان الى المحور السعودي، يحتاج الى قرار في مجلس الوزراء، وتحديد رؤية واضحة في هذا المجال، طالبة من رئيس الحكومة ووزير الخارجية اجراء الاتصالات اللازمة بالجانب السعودي لتوضيح الموقف اللبناني بشكل واضح وصريح، خاصة ان الدول المشاركة لا تملك مفهوماً موحّداً للإرهاب، متحدثة عن قطبة مخفية ذلك أن «الكيان» الجديد لن يكون في مواجهة «داعش» وحدها، بل كل المنظمات الارهابية،بحسب ما رشح، مع ما يحمله ذلك من معان مطاطة،قد تطال في حدودها الواسعة حزب الله، اذا ما علمنا أن التمويل والقيادة خليجي – سعودي، يضاف الى كل ذلك خطوة الرياض تجاه القاهرة، الدولة التي قد تشكل عماد أي قوة برية،محذّرة من ان يكون هذا القرار قد ولد من رحم مؤتمر المعارضة السورية التي اجتمعت في الرياض، وأبرز من شارك فيه جيش الفتح حيث لدى لبنان مشكلة معه فهو يمثّل من خطفوا العسكريين «واحتلوا» عرسال، معتبرة انه لا يجوز لأي دولة ان تفرض انضمام دولة أخرى الى أي تحالف دون علمها المسبق.
مصادر دبلوماسية عربية في بيروت، أكدت أن إنضمام لبنان الى التحالف أمر طبيعي، كونه مستهدف والمعني الأول بمكافحة الإرهاب، مضيفة أنه ليس المطلوب منه المشاركة في الاعمال العسكرية، إنما التعاون في المجال الإستخباراتي والأمني وتبادل المعلومات وفتح الأجواء،مؤكدة أن اتصالات جرت بعدد من كبار المسؤولين اللبنانيين المعنيين حيث أعلموا بمضمون البيان الصادر عن السعودية، وذلك بعدما أجرت عدّة دول عربية وخليجية اتصالات بالرئيس سلام الذي كانت أجواؤه مرحبة، مدرجة التحالف الجديد ضمن سلسلة خطوات «تمهيدية» اتفق على تحقيقها خلال مؤتمر فيينا الاخير، تحضر الارضية المناسبة للحل الذي يحاك للأزمة السورية، ومنها توحيد فصائل المعارضة صفوفها لتشارك في مفاوضات مع النظام السوري، وتشكيل قوة عربية تشرف على وقف اطلاق النار بعد أن يدخل حيز التنفيذ في الميدان، لافتة الى ان الحلف الذي ترأسه السعودية ويضم دولا سنية كبرى أريد له ان يكون طابعه اسلاميا، لأن مهمته المتمثلة بمواجهة الارهاب، تقتضي ذلك، لان اشراك ايران «الشيعية» من شأنه تشنيج الواقع أكثر وتغذية نقمة الجماعات المتطرفة، آملة أن يكون لتشكيل التحالف صدى ايجابي في مداولات مؤتمر نيويورك.
لا شك أن الخطوة السعودية بالغة الاهمية في هذا الظرف بالذات، حيث تسعى الاطراف الاقليمية الى حجز مقاعدها الى طاولة تقاسم المنطقة، ما يطرح أكثر من علامة استفهام. فهل الحلف الجديد هو لمواجهة التحالف. الروسي-الايراني- السوري- العراقي؟ هل ما تم الاعلان عنه جدي وفعلي، أم أنه مجرد إستعراض؟ أم تشهد المرحلة المقبلة خطوات عملية كتشكيل قوة عسكرية مشتركة للقتال في المناطق الساخنة تحت حجة مواجهة الجماعات الارهابية؟ حتى الساعة يبدو هذا الاحتمال دونه عقبات، أقله نسبة الى ما أعلنته مصر وتركيا.