«لبنان واجه داعش قبل 100 عام.. والتعددية الوصفة الوحيدة لمحاربته»
نافذة باسيل الأميركية: مكافحة الإرهاب وتنشيط النموذج اللبناني
لفت باسيل في مؤتمر واشنطن إلى ان ايديولوجية الإرهاب غير مرتبطة بأرض بل هي تنتشر كالفيروس
إكتسبت الإطلالة الأميركية لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بُعداً لافتاً في دوائر الإدارة في واشنطن، نظرا الى أنها شكلت فرصة للبنان كي يطل على الولايات المتحدة بإدارتها الجديدة ويشرح وجهة نظره من مختلف الامور وخصوصا الحرب على الارهاب وعلى داعش وأهمية الوجود المسيحي أو ما بقي منه في المشرق.
تبيّن أن ثمة في واشنطن من لا يزال يعتبر لبنان شريكا هاما ورئيسيا للولايات المتحدة، لكن غالبا ما يكون صوته غير مسموع، وخصوصا في مواضيع رئيسية ومفتاحية كالحرب ضد داعش.
وعبّر المسؤولون الأميركيون، في لقاءاتهم مع الوزير باسيل، عن إرتياح لحل الازمة السياسية في لبنان بعد الفراغ الرئاسي، مما أدى الى إكتمال عقد المؤسسات الدستورية، مع إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتعيين سعد الحريري رئيسا للحكومة، وهما يعملان سوية لحل المشاكل السياسية التي تواجه لبنان، مع لحظهم في الوقت عينه أن «كلا الرجلين يتحدران سياسياً من توجهين مختلفين، وهذا تقليد لبناني تحترمه واشنطن».
ولا يخفي المسؤولون الأميركيون تقديرا لباسيل الذي ينظرون اليه على أنه «أحد اكثر الوزراء دينامية وتأثيرا في الحكومة اللبنانية».
في الموازاة، قدّم وزير الخارجية شرحا وافيا لأهمية الدور الذي يلعبه لبنان في محاربة الارهاب في نواحٍ عدة، عسكريا وماليا وعقائديا وقانونيا، لافتا الى أنه هو في الجبهة الامامية لمحاربة داعش، وجيشه ينتشر على الحدود دفاعا عن أهله. وقد نجح لبنان نجاحا باهرا في حربه ضد هذه الخطر، في حين أن دولاً عدة في المنطقة كسوريا والعراق وليبيا تنهار أو تشهد تفسّخات دراماتيكية في مواجهة خطر الارهاب وداعش.
وشدد باسيل على أن لبنان كان له دور في حضّ العدالة الدولية على إتخاذ اجراءات عملية ضد الارهاب، وخصوصا في المجازر التي ارتكبها ضد أهل الموصل في العراق، مستغربا في الوقت عينه هذا التراخي الدولي في القضاء على الارهاب، مع غياب اي ادانة قانونية دولية لداعش رغم أنه يجاهر بجرائمه الموثّقة في افلام ينتجها ويوزعها بغرض تعميم الخوف. كل ذلك يحتّم إستنتاج حقيقة أن المنظومة الدولية فشلت في صدّ داعش، وصار كل النظام السياسي والقضائي الدولي على المحك بعد فشله الذريع في الحرب المعلنة ضد الارهاب.
وشدد باسيل على الدور الاستثنائي والحصري للبنان كشريك طبيعي في الحرب على الإرهاب، بسبب النموذج الفريد الذي يمثله على مستوى التعددية، إذ أنه عبارة عن puzzle من 18 مذهبا متوائمة. وأكد أن التشارك بين المسيحيين والمسلمين والتعددية هما الوصفة الوحيدة والأكثر فاعلية لمحاربة داعش الذي يحتاج للإستمرار والتمدد الى خلق الفوضى والى ايجاد مجتمع أحادي يقبل فكرة دولة الخلافة، في حين أن النموذج اللبناني هو بالتحديد النقيض الكامل لنموذج داعش. وهذه هي الايديولوجيا المطلوبة أينما كان، شرقا وغربا، لمواجهة داعش ودحره. وهنا يكمن دور لبنان وشراكته الرئيسة في الحرب على الارهاب.
ولفت الى ان ايدولوجية الارهاب غير مرتبطة بأرض، بل هي تنتشر كالفيروس، ولا تحدها حدود جغرافية، بدليل تفشيها في الكثير من البلدان التي لا يجمعها رابط جغرافي، من سوريا والعراق واليمن وليبيا، الى مالي والسودان ونيجيريا واندونيسيا وغيرها من الدول التي تعاني الارهاب ومخاطره. تأسيسا على ذلك، يصبح داعش مجرّد إسم لحالات كثيرة سابقة وربما لاحقة. فلبنان واجه الداعشية على امتداد تاريخه. هو فعل ذلك قبل 100 عام على سبيل المثال، عندما أُجبر ثلث اللبنانيين في العام 1915 على الهجرة ولجأوا الى الولايات المتحدة والى اميركا اللاتينية، فيما قضى الثلث الثاني جوعا بسبب الحصار، ونحن، الجيل الراهن، نمثّل من بقي من الثلث الثالث.
وكان المسؤولون الأميركيون قد أبدوا تقديرا للبنان بإعتباره على مستوى إستضافة النازحين الاكثر كرماً بين دول كثيرة، إذ هو يستقبل 1.5 مليون نازح سوري، أي أنه يستوعب من النازحين ما يقرب ربع عدد سكانه الأصليين (4.5 ملايين)، يضافون بالطبع الى اللاجئين الفلسطينيين.
شرح باسيل حقيقة أن الكثافة السكانية في لبنان هي 200 سوري وفلسطيني في الكيلومتر المربع وهي نسبة هائلة، ويكفي مقارنتها مع تلك الموجودة في أي من الولايات الاميركية لمعرفة ما يحتمل لبنان من أعباء سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وإنسانية. ولفت الى نسبة النازحين السوريين المسجلين تشكل 25 الى 30%، وترتفع هذه النسبة مع النازحين غير المسجلين والفلسطينيين الى أكثر من 50% من عدد سكان لبنان، يقع عبء استقبالهم حصرا على اللبنانيين.
وشدد وزير الخارجية على أن النزوح السوري خطر أيضا على سوريا نفسها، إذ إن هجرة المعتدلين من السوريين تترك مساحة واسعة لكي يملأها معتنقو ايديولوجية «داعش» والارهاب. وقد تم استبدال هذه الكتلة المعتدلة بكتلة من المتطرفين الاجانب الذين يأتون من أكثر من 80 دولة. ورأى أن «هذا التحرك للكتلة السورية البشرية الهائلة خطير جدا وهو مرتبط مباشرة بالارهاب، إذ إن النازحين هم عرضة أكثر من غيرهم الى أحتكاك بأفكار التطرف، ويتم إستخدام حاجاتهم تحت شعارات دينية، ويصير أي تجمع للنازحين بنظر الارهاب المساحة الفضلى للتجنيد».