Site icon IMLebanon

تواطؤ أميركي – روسي في سوريا

دخل رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف الساحة الاعلامية بقوة دعماً لسياسة رئيسه في سوريا. الوجه “الليبرالي” في دائرة فلاديمير بوتين لا يصعد منذ أسبوع إلى منصة الا ويبرر التدخل الروسي في سوريا، “مطمئناً” الى أن الحرب ستستمر حتى لو حصل اتفاق على وقف النار، ويذهب الى التحذير من حرب عالمية ثالثة إذا تدخلت السعودية وتركيا برا في سوريا.

هذا الكلام صار أخيراً بمثابة لازمة روسية – ايرانية – سورية تطلق من دمشق وطهران وموسكو في الوقت نفسه وبالوتيرة ذاتها، الا أن ما تميز به رئيس الوزراء الروسي هو تشبيهه الحماية القاتلة التي توفرها بلاده للرئيس السوري، بدعم واشنطن ديكتاتوريين كثراً عبر السنين. واستذكر في هذا السياق القول الشهير الذي ينسب الى الرئيس الاميركي الراحل فرانكلين روزفلت عن ديكتاتور نيكاراغوا أناستازيو سوموزا عام 1939: “هو ابن عاهرة، لكنه ابن عاهرتنا”.

كثيراً ما استُحضرت هذه النظرية لتوصيف الدعم الذي قدمته واشنطن لديكتاتوريات حول العالم، بما فيه الشرق الأوسط. وإذا كان ممكناً اسقاط هذه النظرية على الحماية التي توفرها موسكو لنظام الاسد، فهذه الحماية باتت تحظى أخيراً بغطاء أميركي واضح.

الاستسلام الأميركي المريب في سوريا يطلق يد موسكو سياسياً وعسكرياً في هذا البلد ويزيد التوترات مع تركيا والسعودية ويقوض أي آمال في اتفاق سلام قابل للتنفيذ. وزير الخارجية جون كيري نسف مؤتمر جنيف قبل انعقاده باذعانه للطلب الروسي اسقاط شرط رحيل الاسد واسكاته الانتقادات لروسيا بقصفها الفصائل السورية كلها، بدل التركيز على “داعش”.

ليس المطلوب مواجهة غير محتملة اصلاً، بين موسكو وواشنطن لتحقيق سلام في سوريا. الا أن التواطؤ بينهما في هذا الشكل لن يؤدي الا الى زيادة الأمور تعقيداً. الاقتراح الروسي وقف النار في الأول من آذار يحفظ ماء وجه الديبلوماسية الأميركية الساعية منذ أشهر الى اتفاق كهذا يمهد لعملية انتقالية يركز بعدها المتحاورون على القضاء على “داعش”. لكنّ هذا الموعد صار عملياً فرصة جديدة لموسكو لانتزاع مزيد من المكاسب على الأرض، الأمر الذي سيقضي على أي أمل في اعادة اطلاق المحادثات السياسية في 25 شباط.

لقد حققت الجبهة الشمالية لبوتين حتى الآن هدفاً جديداً كثيراً ما حلم به. وبزيادته تدفق اللاجئين الى تركيا، وجد سلاحاً جديداً يرعب به أوروبا ويقسم معه الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي. وبحلول الاول من آذار، يمكن أن يكون أنجز هدفا آخر له بتأمين الحدود مع تركيا. وللأمانة ينبغي القول إن كيري طالب موسكو أكثر من مرة بوقف القصف!