دخل البلد في أجواء تدويل ملفاته السياسية ، لا سيما الإستحقاق الرئاسي من خلال الإتصالات واللقاءات الجارية في عواصم القرار، والتواصل الفاعل الذي حصل منذ يومين على خطّ واشنطن والفاتيكان، وصولاً إلى باريس ودول خليجية وعربية. واللافت في هذا السياق، كما أفادت المعلومات، أن وفد الكونغرس الأميركي الذي يزور بيروت، ركز على انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وحضّ المسؤولين الذين التقوه على التفاهم حول هذه المسألة، وخصوصاً أن الوفد لا يحمل معه أي اسم معين، بل يمكن القول ان ما من «فيتو» أميركي على بعض الأسماء المطروحة بقوة، ومن بينها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون، والأمر عينه للمرشّح الحالي النائب ميشال معوض.
وتنقل المعلومات، أن الهدف الاساس في زيارة وفد الكونغرس، هو تبليغ المسؤولين اللبنانيين بخطورة ما يجري في بلدهم، وبالقلق على أمنه وخصوصاً الإجتماعي، الذي يمكن أن يؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه، وهو ما يدفع إلى تفعيل وتزخيم الدور الأميركي في هذا الصدد، معطوفاً على المساعي الفرنسية والفاتيكانية، التي تتلاقى حول هذه الاهداف.
ولكن ومن خلال ما سمعه الوفد من الذين اجتمعوا معهم، تنفي المعلومات وجود أي تسوية في توقيتٍ معين أو صيغة حلّ، ستعمّم على الأطراف اللبنانية لانتخاب هذا المرشّح او ذاك، بل ممارسة الضغوط والوصول إلى إجماعٍ حول المرشّح الذي قد يكون توافقياً بين سائر المكونات، وهذا ما سيحتاج إلى مساعٍ ستبذل على أعلى المستويات، وهي حتى الآن جارية على قدمٍ وساق ولكنها تواجه تعقيدات، أكان في الداخل اللبناني من خلال أجواء الإنقسام السائدة بين الكتل النيابية، أو في الخارج. مع العلم ان التسوية قد تنضج بعدما بات يشعر الجميع في الداخل والخارج، أنه كلّما تمّ تأخير انتخاب رئيس للجمهورية، سيزداد الخراب والمعاناة، وربما يؤدي إلى فوضى تجتاح البلاد في ظلّ ظروفٍ قد تستغلها فئات متعددة في الداخل والخارج، ممّا يصعّب مهمة الحل في هذا البلد.
من هذا المنطلق، فإن هذه الزيارة للوفد الأميركي، تدلّ على أن طريق التسوية باتت مفتوحة، لكنها تحتاج إلى توافق محلي وخارجي على غرار ما جرى في تسويات سابقة وآخرها الدوحة، وعندها يمكن البناء على أن الاتجاه لانتخاب رئيسٍ بات وشيكاً، في ضوء نقل الصورة إلى الإدارة الأميركية من قبل الوفد، وصولأ إلى التلاقي بين الدورين الاميركي والفرنسي، واللقاء المرتقب بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وجو بايدن قريباً في واشنطن، وهو اللقاء الثاني في مهلة زمنية قصيرة، ممّا يفتح الآفاق أمام الحلّ في لبنان وانتخاب الرئيس، لاسيّما وأن هذا الموضوع سيكون من الملفات الأساسية التي سيتمّ بحثها بين الرئيسين، وكلّ ذلك يصبّ في خانة الإهتمام الدولي بوضع البلد.
ولكن في موازاة هذه الإهتمامات والجولات واللقاءات، فإن القلق يبقى قائماً من أي تطورات دراماتيكية قد تحصل في المنطقة، وتعيد خلط الأوراق، على اعتبار أن تداعياتها تنسحب على الساحة الداخلية، فيما البعض من المتابعين الأساسيين لهذه الزيارات واللقاءات، يؤكدون بان هناك تسوية قادمة إلى لبنان ستنتج رئيساً للجمهورية، ولكن اعتباراً من العام المقبل.