انتقل ملف إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من إطار العلاقة الثنائية بين لبنان والمملكة العربية السعودية إلى الإطار الديبلوماسي الدولي، بعدما انخرطت عواصم القرار الدولية في الحراك الجاري على أعلى المستويات لحلحلة الأزمة المتصاعدة بين بيروت والرياض، إنطلاقاً من جلاء صورة الإستقالة الملتبسة. وفي هذا المجال، فإن أوساطاً نيابية قريبة من رئيس الجمهورية، تحدّثت عن استراتيجية عمل متكاملة يستكملها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأسبوع المقبل، بالتنسيق مع العاصمة الفرنسية في الدرجة الأولى للوصول إلى تحقيق هدف عودة الحريري إلى بيروت، على أن يتم لاحقاً البحث بأية عناوين أخرى مرتبطة بالوضع السياسي والإقليمي المشحون بفعل الصراع السعودي – الإيراني.
وقالت الأوساط النيابية نفسها، أن الدعم الإستثنائي الذي تلقاه رئيس الجمهورية من السفراء الغربيين في لبنان، وفي مقدمهم سفيرة الولايات المتحدة الأميركية إليزابيت ريتشارد، التي أبدت موقفاً متقدماً عن زملائها في دعم العهد في مسيرته لحل الأزمة الراهنة، وشدّدت على الوقوف إلى جانب الحكومة وكل المسؤولين في لبنان، بعيداً عن أي ملاحظات سياسية. وربطت الأوساط ما بين الموقف الواضح للسفيرة الأميركية ريتشارد والتصريحات الأميركية في واشنطن، والتي اعتبرت أن حكومة لبنان ليست مستقيلة، وأن الحريري هو رئيس حكومة لبنان أولاً، وأن الحل الديبلوماسي هو الأساس لمقاربة الأزمة ما بين بيروت والرياض ثانياً، بالإضافة إلى استمرار التأكيد على الدعم المطلق للجيش اللبناني في مواجهته للتحديات الناجمة عن الضغوط التي يتعرّض لها لبنان على أكثر من مستوى.
وكشفت الأوساط نفسها، عن حراك أميركي ديبلوماسي يتقاطع منذ الأيام الماضية مع المبادرة الفرنسية، لافتة إلى أن الوضع الحكومي قد بُحث في واشنطن خلال زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان، حيث كان التشديد على الإستقرار في لبنان وحماية الحكومة. ولفتت إلى أن المسؤولين اللبنانيين قد تبلّغوا عبر القنوات الديبلوماسية أن القرار الدولي برفض تحويل لبنان إلى ساحة صراع إقليمي، لم يتغيّر في الفترة الماضية، وبالتالي، فإن الأزمة الحكومية ستتّجه إلى التسوية في المرحلة المقبلة انطلاقاً من التضامن الواسع العربي، كما الدولي، وخصوصاً الأميركي والفرنسي مع مساعي رئيس الجمهورية الهادفة إلى عودة الرئيس الحريري إلى لبنان.
وفي سياق متصل، تحدثت الأوساط نفسها، عن احتمال صدور مواقف دولية داعمة للمساعي اللبنانية لامتصاص الصدمة القوية التي تعرّض لها لبنان منذ أسبوع، والمتمثّلة بالإستقالة المفاجئة للرئيس الحريري، معتبرة أن الساحة المحلية قد تجاوزت قطوع الإستقالة من الرياض، والتي تحمل أبعاداً إقليمية وليست لبنانية. وأكدت أن الأسبوع المقبل سيحمل مؤشرات إيجابية على هذا الصعيد في ضوء الرهان على المعالجات الديبلوماسية التي انطلقت منذ منتصف الأسبوع الماضي باتجاه الرياض أولاً، ومن ثم بيروت ثانياً. وخلصت الأوساط إلى أن الموقف الديبلوماسي الدولي ركّز على اعتبار الإستقرار اللبناني أولوية لدى المجتمع الدولي لأسباب عدة، في مقدّمها الدور الذي يقوم به في استضافة ملايين اللاجئين السوريين على أرضه منذ سنوات، إضافة إلى أهميته كنموذج للتعايش بين الطوائف والمذاهب في لحظة تنامي الأصوليات والحركات التكفيرية التي أشعلت النار في عدة دول عربية.