Site icon IMLebanon

الدولار والانفلات الأمني

 

 

هذه «الفوعة» في ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي تنغّص فرحة العيد ورهجته، لأنها انعكست أثقالًا فوق الأثقال الملقاة أصلاً على كاهل المواطن اللبناني الذي يحمل فوق أي قدرة على الاحتمال…

 

كان الخبراء الماليون والاقتصاديون قد حددوا، في مطلع الصيف الماضي، حاجة المستهلك العادي إلى عشرين مليون ليرة شهرياً ليقدر أن يقوم بالحد الأدنى من متطلبات الحياة، أي للضروريات وحسب. اليوم تضاعف كل شيء ومن دون أي أفق، فقفزات العملة الخضراء صعوداً ليس لها أي حدود، وكذلك ليس لعملتنا الوطنية أي معيار في هبوطها بالقفزات السريعة أيضاً… والخبراء أنفسهم يقولون إن الحد الأدنى للأجور يجب أن يُلامس حدود الـ 35 مليون ليرة هذا إذا توقف مسار ارتفاع العملة الأميركية… وإلّا فسيتوجب على من يسدّد بدل وجبة الطعام أن يحمل معه إلى المطعم «خيشة» (ميل أحمر) يحشوها بعشرات مليارات الليرات… وليس ثمة ضرورة لتفنيد فاتورة الضرورات الغذائية والدواء (اذا وُجِدِ على رفوف الصيدليات) والمحروقات إلخ… فهذا يعرفه ويعاني منه الجميع.

 

من هنا ليس غريباً أو مفاجئاً ازدياد أعداد الذين يتدحرجون يومياً إلى ما دون خط الفقر. ومن هنا أيضاً ما نعايشه أو نسمع به من سرقات وعمليات قتل وتشليح واختطاف مقابل فدية… ومن أسف أن هذا ليس إلّا أول الغيث، وهو مرشّح إلى مزيد من التفاقم في طالع الأيام، ما يُنذر بنوع من الانفلات الأمني الذي لا تُخفى شرارات نُذُره إلا على الغافل و/أو المتغافل. نقول، مع كثيرين، إن المضي في الشغور الرئاسي ليس له سوى نتيجة واحدة وهي الغرق أكثر فأكثر في رمال الأزمة المتحركة. نقول هذا من دون أن نكون مقتنعين بأن رئيساً جديداً، أيّاً كان اسمه، وانتماؤه، والتزامه السياسي… سيشيل الزير من البير، إلا أنه يبقى أفضل بكثير من هذا الفراغ القاتل، لأنه إذا امتد طويلاً، هذه المرة، فلن تكون له إلا نتيجة مأسوية واحدة ألا وهي انفلات أمني غير مسبوق، ناهيك بالانهيار المالي – الاقتصادي – الاجتماعي.