Site icon IMLebanon

من هم المتأرجحون ميّالو الدفة في الانتخابات الأميركية؟

 

 

تتوقف نتائج الانتخابات الأميركية في كل مرة على جزء غير كبير إنما حاسم ومؤثّر بحسب أين تحطّ رحال أصوات الأكثرية العظمى منه بين الحزبَين الجمهوري أو الديمقراطي. تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أنّ حوالي 18% من الناخبين الأمريكيِّين لم يحسموا قرارهم بعد بين الديمقراطية كمالا هاريس أو الجمهوري دونالد ترامب، فبعضهم يميل نحو أحد المرشحين من دون أن يتخذوا قراراً نهائياً، بينما البعض الآخر لا يميل نحو أي منهما. لكن تشير التجارب التاريخية إلى أنّ العديد من هؤلاء الناخبين سيشارك في الانتخابات، لكن بمجرّد اتخاذهم لهذا القرار، فإنّهم سيحدّدون في الغالب نتيجة الانتخابات الرئاسية.

الشباب المعتدلون من الأقليات

كان ضعف الرئيس بايدن بين الناخبين الشباب وناخبي الأقليات مشكلةً رئيسيةً لحملته الانتخابية لإعادة انتخابه. فالفوز الساحق بين هذه الفئات يُعتبر أمراً ضرورياً للمرشح الديمقراطي، إلّا أنّ بايدن لم يَكن في وضع يُتيح له تحقيق هدفه. مع ذلك، تُظهر هاريس تقدّماً أكبر من هذه الناحية، ممّا يجعل السباق الانتخابي متعادلاً تقريباً. ويُشير نموذج التوقعات لـ”نات سيلفر” إلى أنّ ترامب هو المرشح المفضّل قليلاً بسبب قوّته في الولايات المتأرجحة مقارنةً بقوته على المستوى الوطني، بينما يرى نموذج الـ”إيكونوميست” أنّ تقدّم هاريس على المستوى الوطني يجعلها المرشحة المفضّلة بقليل.

 

وعلى الرغم من تقدّم هاريس بين الناخبين الشباب، ومَن هم من أصول آسيوية أو أفريقية أو إسبانية أو أمريكية أصلية، إلّا أنّ العديد من هؤلاء الناخبين لا يزالون غير حاسمين. ووفقاً لاستطلاعات رأي “نيويورك تايمز” وكلية “سيينا”، فإنّ مجموعة الناخبين غير المتردّدين تُشكّل أقلية بيضاء وأصغر سناً من الناخبين الذين حَسموا قرارهم.

 

الناخبون المحافظون

إذا كنت تفترض أنّ معظم الناخبين المتأرجحين هم ليبراليون غير راضين بسبب شبابهم وتنوّعهم، فستكون مخطئاً. إذ أنّ الناخبين غير المتردّدين هم في الواقع أكثر احتمالاً لأن يكونوا ذكوراً مقارنةً بالناخبين الذين حسموا قرارهم. بالإضافة إلى ذلك، إنّ معظم هؤلاء لا يحملون درجة جامعية، وغالباً ما يكون الناخبون من الطبقة العاملة أكثر محافظة اجتماعياً. وتشير الاستطلاعات إلى أنّ الناخبين المتأرجحين يَميلون بشكل أكبر إلى تحديد هويتهم كمحافظين وليس ليبراليِّين، وهو ما يمكن أن يكون ميزة لترامب. كما يَعتبر معظم الناخبين المتأرجحين أنفسهم معتدلين، وفقاً لاستطلاعات منفصلة أجرتها YouGov.

 

القضايا الرئيسية

من جهة القضايا التي تهم الناخبين المتأرجحين، فإن الاقتصاد يأتي في المرتبة الأولى بفارق كبير عن أي ملفّ آخر. في المقابل، يُركّز مؤيّدو هاريس وترامب على قضايا مثل الإجهاض، التغيّر المناخي، الحقوق المدنية، والهجرة بشكل أكبر من الناخبين غير المتردّدين.

 

وعلى الرغم من أنّ الانتخابات هذا العام متقاربة جداً، ممّا قد يجعل هذه القضايا الأخرى حاسمة في تحديد نتيجة الانتخابات، إلّا أنّ قضايا الاقتصاد يظل الأكثر أهمية للناخبين المتأرجحين. لهذا السبب تُركّز حملة هاريس على موقف الحزب الجمهوري المعارض للإجهاض في محاولة لجذب أصوات اليسار الراديكالي. فيما تُلقي حملة ترامب اللوم على هاريس في ارتفاع الهجرة غير الشرعية خلال إدارة بايدن.

 

فجوة المعرفة

تشير نتائج الاستطلاعات إلى نقطة رئيسية أخرى حول الناخبين غير المتردّدين: إنّهم أكثر حماساً لمعرفة المزيد عن هاريس وخططها مقارنةً بترامب الذي قضى ما يقرب من عقد كزعيم للحزب الجمهوري، وكان شخصية عامة لسنوات أطول. معظم الأمريكيين يشعرون بأنّهم يعرفون من هو ترامب؛ بعضهم يعشقه، والبعض الآخر يحتقره. بينما أولئك الذين يقفون في المنتصف لا يُحبّون ترامب كثيراً، لكنّهم مفتوحون للتصويت له. في المقابل، هاريس ليست معروفة بشكل كبير، ممّا يجعل الحملة الانتخابية خلال الشهرَين المقبلَين تدور حول محاولة تعريف هاريس بشكل إيجابي أو سلبي.

 

على سبيل المثال، وجد باحثون ذوو ميول ديمقراطية في تجربتَين حديثتَين أنّ إعلانات هاريس كانت أكثر فاعلية في إقناع الناخبين عندما ركّزت على شخصيّتها وليس على ترامب. وخلصت شركة “بلو برينت” إلى أنّ “الناخبين لا يزالون بحاجة لمعرفة الكثير عن نائبة الرئيس هاريس ويبحثون عن رؤية متفائلة للمستقبل وليس فقط مزيداً من الهجمات على شخصية معروفة”. كذلك، وجد العالِمان السياسيان ديفيد بروكمان من جامعة كاليفورنيا بيركلي وجوش كالا من جامعة ييل أنّ الرسائل الأكثر فعالية لهاريس كانت تلك التي تصوّرها على أنّها ديمقراطية نموذجية ستحمي الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، توسّع من حقوق الإجهاض، وتقلّل من تكلفة المعيشة. وكتب بروكمان وكالا أنّ “الهجوم على ترامب ليس فعالاً للديمقراطيِّين بقدر ما هو مدح لهاريس”.

 

من جانبها، وصلت حملة ترامب إلى استنتاج مشابه، لكن من وجهة نظر معاكسة. فرأى أحد مستشاري ترامب لصحيفة “واشنطن بوست” إنّ “هذه اللحظة من الحملة تهدف إلى تعريف الناخبين بهاريس. ترامب هو مرشح معروف”.

 

بعض القرّاء قد يُفاجأون بسماع أنّ 18% من الناخبين لم يقرّروا بعد بين هاريس وترامب، نظراً للاختلافات الشديدة بينهما. لكنّ العديد من الأمريكيِّين لا يتابعون السياسة عن كثب. كما أنّ حملة هذا العام كانت غير عادية، إذ اختار الحزب اليدمقراطي مرشحةً لم تقضِ الكثير من الأشهر في الترشح في الانتخابات التمهيدية والتحدّث مع الناخبين. وفوق كل ذلك، يبدو أنّ الناخبين المتأرجحين يرغبون في معرفة المزيد عنها.