IMLebanon

بعد 3 تشرين

 

لأنّ الجماعة، عندنا، قد اعتادوا أن يربطوا شؤوننا كلّها بالخارج، فقد تفوّقنا على جميع شعوب الأرض، باستثناء الشعب الأميركي، في ربط كلّ شيء بالثالث من تشرين الثاني 2020 الذي مرّ أمس وكأنّ مرشّحَي الرئاسة الأميركية ترامب وبايدن يشعران بنا أو يهتّمان لأمرنا، أو كأنّ الجالية اللبنانية في الولايات المتّحدة الأميركية موحّدة الرأي والموقف والقرار، أو كأنّ لها التأثير الكبير الذي يوازي تأثير اللوبي اليهودي في بلاد العم سام.

 

ربطوا تشكيل حكومتنا بالاستحقاق الأميركي ليُضيفوا مهزلة جديدة إلى مهازلنا العديدة.

 

مع الإستدراك أنّ أياً من الرئيس ميشال عون أو الرئيس الحريري لم يقل بذلك، إنما هذا كان قاسماً مشتركاً بين معظم السياسيين والمراقبين ووسائط الإعلام في بلدنا، ما يدعو إلى التساؤل عن جديّة ليس المسؤولين وحسب، بل أيضاً الرأي العام الذي شطح بعيداً جداً في هذا الإتّجاه غير المبني على أي حقيقة موضوعية.

 

نودّ أن نقول إنّ ساكن البيت الأبيض له تأثير وفعل كبيران في العالم كلّه، وفي لبنان بالطبع. ولكن غير معقول أن نربط شؤوننا كلّها ببقاء أو رحيل دونالد ترمب أو حلول جو بايدن في المكتب البيضاوي.

 

فهل سيحلّ الرئيس الأميركي، كائناً من يكون، أزماتنا المتراكمة من النفايات إلى المال؟

 

وهل سيُبدّل من الإستلشاق المُخزي الذي عشناه عقوداً طويلة وأدى إلى كوارث مُروّعة أخطرها إنفجار المرفأ؟ وهل سيضع حداً لشهية الذوات الكرام عندنا المفتوحة على الإستنواب والإستيزار والجيوب المنفوخة؟ وهل سيُعالج الفساد المستشري عندنا الذي تفاقم حتى بتنا مضرب مثل في العالم كلّه؟ هل سيُحرّك عجلة التنفيذ والتشريع عندما توقفها الأهواء السياسية المتضاربة؟ وهل سيوقف صراعاتنا اليومية حول كلّ شيء، أجل كلّ شيء، لدرجة أننا قد لا نجد أمراً واحداً نتّفق عليه؟ وهل سينزع من رؤوس الكثيرين فكرة تقديم مصالح الخارج على مصلحة البلاد والعباد، وعادة الإنبطاح أمام الخارج، وتقليد إنتظار الأوامر من الخارج؟

 

لقد مرّ الثالث من تشرين الأوّل 2020 وأُجريت الإنتخابات الرئاسية الأميركية… فمتى تجري دماء الوطنية الصافية والنزاهة والشفافية وتغليب المصلحة العامة في شرايين القوم عندنا؟!.