IMLebanon

رسائل أميركيّة ــ فرنسيّة لبيروت فرضت «الهدنة»

يوماً بعد يوم تكرّس موسكو على أنها الطرف الدولي الأقوى في تحريك مسار التسوية السياسية في سوريا، وقد برهنت ذلك ميدانياً وتستكمله ديبلوماسياً من خلال لقاءي فيينا الأول انعقد في الأسبوع الماضي، والثاني المرتقب عقده خلال أيام، والذي يستعد لبنان للمشاركة فيه إلى جانب إيران وتركيا ومصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية.

مصادر ديبلوماسية توقّفت عند دلالات الإدارة الروسية للملف السوري برمّته، والتي تكشف عن إحاطة بكل المكوّنات السورية، مشيرة إلى أن الكلام الروسي عن الإستعداد للحوار والتعاون مع كل هذه المكوّنات، يعكس رضى وتفاهماً ما بين موسكو وواشنطن وإيران والرياض كما دمشق، على وجوب دخول الأزمة السورية منعطفاً جديداً، الأمر الذي يفرض بالتالي قراءة جديدة لكل المعطيات المحيطة بها اليوم. واعتبرت هذه المصادر، أن السيناريوهات اللبنانية التي يجري رسمها انطلاقاً من هذا المشهد لا تنطبق بشكل فعلي ودقيق على المعطيات التي تتكشّف بشكل يومي على الساحة السورية، وعلى الصعيدين العسكري كما السياسي. ولاحظت أن اللقاء الثاني الذي سيعقد في فيينا سيتيح المجال واسعاً أمام كل الأطراف المشاركة للإطلاع على الصورة الفعلية للعملية السياسية المرتقبة، وبشكل خاص بالنسبة للأطراف الإقليمية التي يراهن بعضها على أن موسكو ستغرق في الرمال الروسية على غرار التجربة الأفغانية. وتحدّثت المصادر عينها في الوقت نفسه عن مسار معقّد وطويل لهذه التسوية، وعن ارتدادات مباشرة على الساحة اللبنانية، نظراً للحواجز المتعدّدة التي لا تزال تمنع جلوس كل المكوّنات السورية، كما الإقليمية إلى طاولة المفاوضات، لبدء البحث في اتفاق سياسي يتوقّع بعض المسؤولين اللبنانيين أن يكون على غرار اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان.

وفي انتظار ما ستحمله المحادثات المقبلة في فيينا، توقّعت المصادر الديبلوماسية ذاتها، استمرار الإنقسام الداخلي حول تطوّرات هذه التسوية لجهة انعكاسها على الساحة اللبنانية، خصوصاً وأن الإستراحة الراهنة بعد جولة التصعيد الأخيرة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، ستنعكس إستقراراً سياسياً وعودة إلى لغة الحوار الواقعي على كل المستويات، وهو ما يمهّد لإطلاق دينامية سياسية تضع حدّاً لحال المراوحة السابقة، وتبدأ من المجلس النيابي تحديداً. وبناءً على هذا المعطى، فإن تراجع منسوب التوتّر هو العنوان في المرحلة المقبلة،على حدّ قول المصادر نفسها، والتي توقّعت حصول تعديل ملحوظ في سقف الخطاب السياسي، وذلك نتيجة أكثر من رسالة تم إبلاغها أخيراً إلى الدوائر الرسمية المعنية بالوضعين السياسي والأمني، ومفادها عدم البناء على أي مواجهات جارية على الساحة الإقليمية، وخصوصاً في سياق الصراع العسكري في سوريا، لأن أي تصعيد داخلي سيبقى من دون متابعة أو اهتمام دولي، نظراً للإنشغال الراهن بالتسوية في سوريا.

وكشفت المصادر الديبلوماسية عينها، أن الرسائل الغربية الأميركية والفرنسية تحديداً التي أبلغت إلى اللبنانيين ركّزت على أهمية الحفاظ على سقف التهدئة الحالي ومواصلة الحوار، على الرغم من المعرفة المسبقة بصعوبة أن يخرق أي حوار جدار الأزمة الرئاسية. ولذلك، فإن الكلام الديبلوماسي الفرنسي والأميركي في بيروت عكس الدعوة إلى التفتيش عن صيغة تحول دون أي توتّر مستقبلي، وتعمل على عدم التشجيع على أي تفجير مهما كان نوعه، لأن عودة الإهتمام الغربي بلبنان غالباً ما تكون مؤشّراً سلبياً على خطورة الوضع فيه، وليس مؤشّراً إيجابياً باقتراب الحل، وذلك في ظل التشنّج الإقليمي الحالي.