أسقط التقرير السنوي لوكالة الاستخبارات القومية الأميركية إيران وحزب الله من قائمة التهديدات الإرهابية للولايات المتحدة بعد سنوات من التصاقهما به
تضمّن التقرير السنوي لوكالة الاستخبارات القومية الأميركية الذي سُلم للجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ الأميركي، بتاريخ 26 شباط 2015، توصيفاً لواقع التهديدات في المنطقة، وعرض لأهداف إيران وحزب الله ونياتهما، من دون إلصاق تهم الإرهاب بهما كما جرت العادة في التقارير السنوية السابقة.
وإذا كان التقرير قد أزال صفة الإرهاب عن إيران وحزب الله، إلا أنه أبقى على صفة التهديد قائمة كما هي، مع تخفيف اللهجة قياساً بالتقارير السابقة، إذ عاد وأكد أن «الجمهورية الإسلامية هي تهديد متصاعد للمصالح القومية الأميركية بسب دعمها لنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، وسياستها المعادية لإسرائيل، وتطوير قدرات عسكرية حديثة». ولفت إلى أن إيران، في الوقت الذي تعمل فيه على توسيع نفوذها في المنطقة و»دعم المجموعات الشيعية»، تحرص على تحقيق التهدئة في المنطقة العربية، والتخفيف من التوتر مع المملكة العربية السعودية. ونبّه طهران إلى أن عليها أن تحذر من أن تؤدي سياساتها إلى تغذية مخاوف وردود فعل طائفية يمكن أن تضر بإيران نفسها!
ويعدّ غياب توصيف إيران وحزب الله كتهديد إرهابي تطوراً ملحوظاً في المقاربة الأميركية، ولا يمكن فصله عن سياق المفاوضات النووية.
وفي تقويمه لدور طهران وتطلعاتها، أشار التقرير إلى أن الأهداف الاستراتيجية لإيران بتعزيز أمنها وهيبتها ونفوذها الإقليمي، أدت بها إلى السعي إلى قدرات تناسب أهدافها المدنية، وتعطيها القدرة على بناء أسلحة نووية، يمكن إطلاقها بصواريخ، إذا اختارت ذلك. إلا أنه أشار، في المقابل، إلى أنّ من غير الواضح ما إذا كانت ستقرر في نهاية المطاف تصنيع أسلحة نووية، مشيراً إلى أنها إذا قررت ذلك، فإنها ستواجه «حواجز تقنية» لا يمكن التغلب عليها.
وفي ما يتعلق بلبنان وحزب الله، أزالت الوكالة ما ورد في تقريرها العام الماضي من أن «حزب الله رفع من مستوى فعاليته الإرهابية في السنوات الأخيرة إلى حد غير مسبوق منذ التسعينيات»، ليركز التقرير الحالي على توصيف دور الحزب وأدائه في محاربة التطرف في المنطقة، وتحديداً تنظيم «داعش»، وتلقيه الهجمات في لبنان بين الحين والآخر من المتطرفين انطلاقاً من سوريا. وأشار إلى أن «التنظيم اللبناني الشيعي»، الذي ترعاه إيران وتموله، يحارب أيضاً تنظيم «داعش»، لكن في شكل مستقل عن الحملة الأميركية في كل من العراق وسوريا.
ولفت إلى أن لبنان لا يزال يعاني من امتداد الصراع في سوريا، بما في ذلك «العنف الطائفي الدوري»، وأيضاً الهجمات الإرهابية، والأوضاع الاقتصادية الصعبة المرتبطة بتدفق اللاجئين السوريين. وهو يواجه تهديدات متزايدة من المجموعات الإرهابية، بما في ذلك تهديدات «جبهة النصرة» و»داعش»، إذ «يحاول المتطرفون إنشاء شبكات لهم في لبنان، ونفذوا هجمات ضد مواقع الجيش اللبناني وحزب الله، على طول الحدود اللبنانية السورية، كما يواجه لبنان خطر هذه الجماعات التي تسعى إلى الاستيلاء على أراض لبنانية وعلى أعتدة ورهائن».
وعلّقت الإذاعة الإسرائيلية أمس على ما وصفته بـ»حذف» إيران وحزب الله من قائمة التهديدات الإرهابية، فأشارت إلى أن الخطوة الأميركية لم تأت من باب الصدفة، بل هي مرتبطة إلى حد كبير، بالمفاوضات النووية بين طهران والإدارة الأميركية. ونقلت عن «محللين إسرائيليين» اعتقادهم بأن «حذف التهديدات الشيعية» من التقرير الأميركي، لا يقتصر فقط على التفاوض النووي، بل أيضاً على خلفية مشاركة إيران وحزب الله في الحرب الدائرة ضد تنظيم «داعش»، إلى جانب الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية والعربية.
وفي تحليل إسرائيلي آخر، صدر عن مركز «عميت» للمعلومات الاستخبارية، ونشرت وسائل الإعلام العبرية خلاصته أمس، أكد أن «التقرير الأميركي ناتج من مزيج من المصالح الدبلوماسية (محادثات الولايات المتحدة مع إيران حول الصفقة النووية) مع فكرة أن بإمكان إيران المساعدة في الحرب ضد داعش في سوريا والعراق، وربما أيضاً في الحرب ضد الإرهاب الجهادي في بلدان أخرى». وأشار المركز الإسرائيلي إلى أن إيران وحزب الله مصنفان كتهديد إرهابي لدى هيئة أميركية أخرى، هي وكالة الاستخبارات الدفاعية، التي أشارت في تقرير قدم إلى الكونغرس في اليوم نفسه (26 شباط الماضي)، إلى أن «فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني أداتان في سياسة إيران الخارجية، وقدرتها على إظهار القوة في العراق وسوريا وما وراء ذلك». وجاء في التقرير أيضاً أن «حزب الله يواصل دعم النظام السوري والمقاتلين المؤيدين للنظام، وأيضاً المقاتلين الشيعة في العراق وسوريا. كذلك يساعد مدربون ومستشارون من الحزب في العراق الميليشيات الإيرانية والعراقية التي تحارب المتطرفين السنّة هناك»، والتقرير الأميركي الآخر، بحسب المركز، حذر من أن مجموعات مسلحة عراقية محددة، هي أيضاً جاهزة وعلى استعداد لمحاربة القوات الأميركية، في حال عودتها إلى العراق.