Site icon IMLebanon

التفاهم الأميركي – الإيراني – السعودي = انتخابات رئاسية وتأليف حكومة وإصلاحات

 

 

«طوفان» المبادرات الداخلية في ظل موازين القوى الموجود حالياً مجرّد هرطقة

 

 

بعد أسابيع قليلة تدخل المنطقة «كوما» الانتخابات الرئاسية الأميركية ، وتزامنا توضع كل الملفات على رف الانتظار ومن بينها الملف اللبناني بكل تشعباته، حيث تغلق الإدارة الأميركية نافذتها على الخارج لتتفرغ لاستحقاقها الداخلي الذي على ضوء نتائجه يحدّد مصير ومسار الكثير من هذه الملفات التي يتوقع أن تبقى على ما هي عليه الى ما بعد الخريف المقبل.

صحيح أن هناك زحمة مبادرات داخلية تتعلق بالاستحقاق الرئاسي، بعد أن وقفت كل المحاولات الخارجية على عتبة الانقسام السياسي الموجود في لبنان، وغياب التوافق الدولي المطلوب لانتخاب رئيس، غير أن هذه المبادرات لن يكون حظها أفضل من تلك التي سبقتها على مدى سنة وعدة شهور، وهي ستكون بمثابة تعبئة الوقت الضائع بانتظار دخول المنطقة في مدار التسويات، وهذه التسويات معلقة الآن على حبل الانتخابات الإيرانية، ومن ثم الانتخابات الأميركية، إضافة الى جلاء غبار المعركة في غزة.

 

يدرك كل عامل على خط الانتخابات الرئاسية في لبنان بأن المؤثر الفعلي في هذا الاستحقاق هو العامل الخارجي، وأن العامل الداخلي لطالما كان يتماهى مع ما يأتيه من كلمات سر من وراء البحار في ما خص انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا المناخ موجود منذ الاستقلال الى اليوم ولم يسجل عكس ذلك إلّا حالة واحدة عندما تنافس الرئيسين سليمان فرنجية وإلياس سركيس على سدة الرئاسة في العام 1970 «المنخار على المنخار» حيث فاز آنذاك فرنجية على سركيس بفارق صوت واحد بعد ثلاثة دورات انتخابية، حيث جرت الانتخابات وسط تنافس داخلي بين الكتل النيابية ولم يكن للخارج الأثر الذي يمكن القول معه انه رجح كفّة هذا المرشح على ذاك المرشح.

 

اليوم وفي ظل الانقسام السياسي غير المعهود في لبنان، وفي ظل توازن القوى الموجود تحت قبة البرلمان يستحيل ومهما حصل من مبادرات وحوارات وصول رئيس توافقي الى قصر بعبدا، ومن هنا خشية البعض أن يبقى لبنان من دون رئيس هذا العام، في حال لم يطرأ متغيّرات في المشهد الاقليمي والدولي تصب في خانة مصلحة لبنان.

وبما ان أكثر من دولة جّربت حظها، عربية كانت أم أجنبية، ولم تنجح في ردم الهوة بين اللبنانيين، وتعبيد الطريق أمام وصول رئيس الى قصر بعبدا، فانه يعّول على حصول تفاهم إيراني – أميركي – سعودي لحصول انتخابات رئاسية في لبنان لما لهذه الدول من نفوذ فعلي وقوي في لبنان بغض النظر عن تنكر بعض القوى السياسية لهذه الحقيقة. وقد يطرح السؤال لماذا هذه الدول لم تتدخل بشكل مباشر على خط معالجة الأزمة الرئاسية، وما تزال تنأى بنفسها عن تحديد موقف واضح من هذه المسألة على رغم من ان واشنطن والمملكة العربية السعودية مشاركتان في «اللجنة الخماسية»؟

الجواب على هذا السؤال بسيط جدا وهو أن الاستحقاق الرئاسي في لبنان بالنسبة لأميركا ثانوي ومجرد نقطة في بحر الملفات التي تتابعها في العالم وبالتالي فإنه الى الآن غير مدرج على لائحة الملفات المهمة لدى الإدارة الأميركية وان كان هذا الاستحقاق جاء على ذكره في بيان قمة الرئيسين جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون نتيجة اثارته من قبل الرئيس ماكرون، وبالتالي لا يمكن القول ان انتخاب الرئيس اصبح في صلب اهتمام الرئيس بايدن الذي يستعد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في أميركا في الخريف المقبل.

أما لناحية إيران فهي وكما أعلن أكثر من مسؤول فيها فهي لن تتدخل في شأن الانتخابات الرئاسية في لبنان إلّا إذا طلب منها ذلك، وهي لذلك لم تشارك في «اللجنة الخماسية» على رغم ما تتمتع به من نفوذ في لبنان، وتركت الخيار الى «الثنائي الشيعي»، هذا الموقف الإيراني من الممكن أن يطرأ عليه تعديل في حال ذهبت المنطقة الى تسوية كبرى ويصبح عندها الجميع ملزم في تحديد خياراته، وبما أن أي تسوية كانت صغيرة أم كبيرة لا تتم إلّا بالجلوس على طاولة حوار وتبادل تنازلات، فان التسوية المرتقبة التي قد تحصل ستشهد تنازلات من قبل الدول المعنية ونتيجة هذه التنازلات تعالج ملفات كانت عصيّة على الحل في مراحل سابقة ومنها الأزمة في لبنان.

أما من الجانب السعودي فلا يخفى بأن الخلاف بين طهران والمملكة في مرحلة سابقة كان يلقي بثقله على الوضع في لبنان، وتسبب في بعض المشاكل الداخلية، أما وقد حصل التقارب الكبير بين الجانبين فهذا أمر سيساعد حكما في معالجة الأزمة في لبنان وخصوصا أن المملكة العربية السعودية لطالما لعبت دوراً محوريا في معالجة الأزمات في لبنان وساعدته في تجاوز الكثير منها، وهي بالتأكيد لن تكون حجر عثرة أمام أي تسوية ترمي الى انتخاب رئيس في لبنان تنتظم من خلاله المؤسسات وتؤلف حكومة تشرع في تنفيذ ما هو مطلوب من إصلاحات على أساسها سيساعد المجتمع الدولي لبنان.