Site icon IMLebanon

تحويل الهدنة وقفاً DE FACTO للنار “يُسقط” نتنياهو: كيف سيُقارب “حزب الله” “ضربات مُحددة” في غزة؟

 

بغض النظر عن جديّة الهدنة المُحكى عنها، ثمة أسئلة تبدو الإجابة عنها صعبة ومعقدة تتعلق بماهية الهدنة ومدى تطابقها مع مطلب المقاومة بوقف النار، مثلما تتعلق بما اصطلح على تسميته بـ”اليوم التالي” للحرب، أي بكلام آخر من سيحكم قطاع غزة؟ ما سيمهد لسؤال أكثر أهمية: ما مستقبل عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟

 

بعد موجة تفاؤل كبرى حول الهدنة باتت التحليلات اكثر واقعية بالحديث عن اجواء إيجابية في الوقت الذي يترقب فيه الجميع رد حركة “حماس” ومعها “الجهاد الإسلامي” على ما تقدم من شروط إسرائيلية، قد تلقي الحركتان مع هذا الرد الكرة في الملعب الإسرائيلي من جديد.

 

من دون الدخول في تفاصيل ما يطرح على الطاولة، يبدو ان كل طرف يتذاكى على الآخر، خاصة في موضوع وقف إطلاق النار.

 

على هذا الصعيد يُعمل على تجنب الإعلان عن ذلك رسميا وان تكون الهدنات الثلاث المطروحة بمددها الطويلة وبمراحلها المتتالية المشروطة بتنفيذ كل منها لسابقتها والتي يتخللها شهر رمضان الذي سيعزز ضرورة المد الإنساني، وقفا فعليا للنار DE FACTO وهو ما تضغط لأجله الإدارة الأميركية لمنع إحراج رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام صقور اليمين المتطرف داخل حكومته كما في مجتمعه، وهو الذي اعتمد ولا يزال يعتمد كثيرا على هذا اليمين ويدين له بالحكم.

 

هدفان رئيسيان وضعهما نتنياهو لطي صفحة الحرب، القضاء على “حماس” وإعادة المخطوفين، لم يتمكن من تحقيقهما وحتى الاقتراب منهما. وإذا تمكنت المقاومة من تحقيق انجاز في مسألة الأسرى مع صمودها وحتى بقائها على قيد الحياة، سيكون تواجد الجيش الإسرائيلي في مناطق في غزة غير ذا أهمية ولن يكون سوى مرحلياً، ولن يتمكن نتنياهو من منع عودة المهجرين فهو لا يحارب “حماس” و”الجهاد” بل يواجه شعباً وفكرة المقاومة في حد ذاتها لدى الفلسطينيين الذين حققوا الإنتصار في 7 تشرين الاول ووضعوا القضية الفلسطينية على مائدة التفاوض من جديد واعادوا تحريك الرأي العام العالمي الراكد منذ زمن.

 

مصر لتوحيد الموقف الفلسطيني

 

 

 

سيتخذ الأمر وقتا طويلا للاتفاق على مسائل جوهرية مثل ماهية الحكم في غزة. وثمة عمل على الخط المصري تحديداً لتوحيد الموقف الفلسطيني بين حركتي “حماس” و”فتح” وصولا إلى تفاهم يصل إلى اعادة صياغة “منظمة التحرير الفلسطينية” لتستوعب “حماس” و”الجهاد”. هذا سيسهل تفاهم حكم غزة بوجود “حماس” لكن بوجود السلطة الفلسطينية أيضا وهو ما لا يزال غامضا في التفاصيل وإن إتُفق عليه في شكل عام.

 

في الخطوط العريضة تبرز عملية تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات وطبعا عملية إعادة الإعمار مع دور عربي خليجي كبير، ومن بعدها تنخرط القيادة الفلسطينية في عملية التفاوض لإحياء حل الدولتين مع ترتيبات أمنية وغيرها من المواضيع مع الحكومة الاسرائيلية..

 

طبعا هذا السيناريو ستشوبه الكثير من المعوقات، ويبرز هنا أيضا سؤال حول ماهية المفاوض الإسرائيلي، وتعمل الإدارة الاميركية والأطراف العربية على التخلص من نتنياهو عبر الرهان على عامل الزمن.

 

فهو، حسب متابعين للوضع في غزة، لن يخرج بمظهر المنتصر خاصة مع تحول الهدنة القصيرة إلى أخرى طويلة، أي إلى وقف فعليّ للنار، ما “سيعزز التحول السياسي الداخلي وسيسقط في أول انتخابات” لصالح من تريدهم واشنطن، وبذلك تعبد الطريق أمام مرحلة تفاوض تستعيد زخم مرحلة أوائل التسعينيات التي أفضت إلى اتفاق أوسلو.

 

عمليات إسرائيلية “منخفضة الوتيرة”

ربطا بذلك يُطرح السؤال حول المسار اللبناني: هل سيقبل

 

“حزب الله” هذا المفهوم لوقف إطلاق النار مع عمليات “منخفضة الوتيرة” في غزة؟ بكلام آخر ما نوع العمليات التي سيقوم بها في حال خرق حكومة العدو لوقف إطلاق النار هذا في غزة بما يُعتبر عمليات روتينية كما حصل في السنوات الماضية في الضفة الغربية؟

 

ينقل البعض عن الإدارة الاميركية إعتبارها أن الحزب إيجابي في هذه النقطة، لكن ذلك رهن طبيعة ما سيحصل وما هي “الضربات المحددة” التي قد تقوم بها إسرائيل؟ هل هي عمليات أمنية أو إغتيالات مثلا كما حصل كثيرا في السابق؟ أم هي سلسلة من الضربات العسكرية التي لا يمكن للحزب أن يقف متفرجا حيالها؟

 

على أن كل ذلك مرتبط بدوره بعملية الترسيم البري الشائكة أيضا. في هذه الأثناء يتبع جيش العدو منذ فترة سياسة المبادرة وتكثيف الهجمات من دون الذهاب إلى التهجير الجماعي، ويضبط تصعيده أحيانا لتوجيه رسائل بعضها إعلامي قبل عملية التفاوض المرتقبة وللقول إنه من يملك الكلمة الأخيرة.

 

في مقابل كل ذلك ثمة رأي قوي داخل المعسكر اليميني الإسرائيلي قوامه أن كل ما يحصل هو مضيعة للوقت وأن الحرب مستمرة في شكلها الحالي لأشهر طويلة أخرى طيلة العام الحالي. ما سيفتح الباب أمام احتمالات شتى في فلسطين ولبنان والمنطقة.

 

إنه احتمال غير مُرجح ويجب عدم تجاهل ما يجري من تقارب في المنطقة ومن مفاوضات أميركية إيرانية وراء الكواليس تمنع التصعيد الكبير وتعمل على تفاهمات يحضر لبنان فيها.