Site icon IMLebanon

التسوية الأميركية الإيرانية طريق طويل مزروع بالألغام

 

 

منذ فرض العقوبات الأميركية على حزب الله وتسبب ذلك بالانهيار الاقتصادي المتخم بآلام العباد النفسية والنازف أساساً بفعل فساد الطبقة السياسية الحاكمة سؤال يطرح نفسه منذ بدء التصدع قائلاً، وهل ستطول الأزمة التي عصفت بالوطن لأشهر أو لسنوات قادمة؟

 

وغالباً ما يكون الجواب ولا يزال ونسمعه يومياً في أغلب وسائل الاعلام، لا حل لأزمة لبنان الاقتصادية إلا بنجاح التسوية الأميركية الايرانية ومن ضمنها ايجاد حل لمسألة سلاح حزب الله، خصوصاً أن واشنطن وتل أبيب تتوقان إلى نزع هذا السلاح وعلى وجه الخصوص الصواريخ الدقيقة، وكل ذلك أيضاً مرتبط بحل مشكلة واشنطن وتل أبيب مع البرنامج النووي الايراني وتخصيب ايران لليورانيوم، بالتزامن مع استمرار التساؤل التالي من قبل طهران وغيرها من الدول المقاومة للسياسات الأميركية والداعمة لها، لما يحق لاسرائيل امتلاك السلاح النووي في المنطقة ولا يحق لسواها؟!

 

على ما يبدو بأن لبنان لن يبلغ شاطئ أمانه واطمئنانه في غضون أشهر بل قد يستغرق الأمر لسنوات عدة، وطالما أن التسوية وفي حال كان النجاح حليفها على مستوى منطقة اقليمية برمتها سيستغرق انجازها وقتاً طويلاً.

 

ويشير وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن قائلاً بتاريخ 8 حزيران 2021 بأن واشنطن ستبقي على مئات العقوبات سارية المفعول على طهران، حتى لو توصل البلدان إلى تسوية لانقاذ الاتفاق حول الملف النووي الايراني.

 

وكان مندوب ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب أبادي قد حذر من العاصمة النمساوية فيينا من مغبة تسيس نشاطات الوكالة من قبل واشنطن، وشدد على ضرورة ابتعاد الوكالة الدولية عن أي أهداف مسيسة، واتخاذ موقف صريح وجازم إزاء التهديد النووي الاسرائيلي وازاء رفض اسرائيل الانصياع لمعاهدة خطر الانتشار النووي، وعدم وضع جميع منشآتها وانشطتها النووية تحت اشراف الوكالة الدولية ورقابتها، علماً أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفاييل غروسلي كان قد أعرب عن قلقه من زيادة صعوبة تمديد اتفاق التفتيش المؤقت مع ايران وأضاف قائلاً في بداية الاجتماع الفصلي لمجلس حكام الوكالة، أن تمديد اتفاق عمليات التفتيش المؤقت مع ايران يزداد صعوبة، بينما تحاول طهران والقوى الكبرى انقاذ الاتفاق النووي.

 

ويذكر أن ايران كانت قد علقت في شباط الماضي بعض عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأدى ذلك إلى التوصل إلى اتفاق مؤقت لثلاثة أشهر، يجيز لها مواصلة أنشطتها رغم خفض مستوى الوصول إلى المواقع. وعندما قال وزير الخارجية الاميركي أنطوني بلينكن خلال جلسة استماع برلمانية في واشنطن، من غير الواضح بعد إن كانت ايران تود العودة إلى احترام التزاماتها وان كانت فعلاً جاهزة لذلك، رد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف قائلاً إنه من غير الواضح إن كان بايدن وبلينكن مستعدين للعودة إلى زمن سياسة الضغوط القصوى الفاشلة التي اعتمدها الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب ووزير خارجيته السابق مايك بومبيو ووقف استخدام الارهاب الاقتصادي كورقة مساومة في التفاوض.

 

ورغم أن الرئيس بايدن أعرب عن رغبته الشديدة باستكمال المفاوضات مع ايران، لكن سرعان ما تبين أن معضلة واشنطن مع طهران تكمن في درجة تخصيب ايران لليورانيوم، إذ أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن ايران شرعت منذ نيسان الماضي بتخصيب اليورانيوم على درجة نقاء 60% بمفاعلها الواقع فوق الأرض في منشأة نطنز.

 

وقال رئيس الوفد الايراني إلى المفاوضات عباس عراقجي من خلال تصريحات نقلتها وكالة فارس، يبدو أنه يتم تشكيل تفاهم جديد وهناك أرضية مشتركة بين الجميع الآن، لكن هذا المسار الذي باتت معالمه معروفة لن يكون سهلاً على الاطلاق.

 

وبدورها أفادت وكالة سبوتنيك الروسية قائلةً لا شك أن انشاء ايران للقنبلة النووية يعتبر أمرا مرعبا بالنسبة لواشنطن، وايران تعمد إلى تخصيب اليورانيوم مؤخراً على درجة 60%، بينما يبلغ مستوى صنع السلاح النووي 90%.

 

لكن المشكلة التي قد تطيح بالمحادثات تكمن بأن الاتفاق فرض حداً أعلاً بالمستوى الانشطاري الذي يمكن لايران أن تخصب اليورانيوم به عند 3.67٪، وهو ما يقل كثيراً عن مستوى 20% الذي تحقق قبل الاتفاق.

 

ويذكر أنه في شهر تشرين الثاني الفائت قرر دايفيد أولبرايت مفتش الأسلحة السابق في فريق الأمم المتحدة أنه في غضون ثلاثة شهور ونصف الشهر تستطيع ايران صناعة السلاح النووي، وأضاف إذا جمعت طهران مواد انشطارية كافية ستحتاج لتجميع قنبلة صغيرة الحجم على الأرجح بما يكفي لتركيبها على صواريخ باليستية وتعتقد وكالة المخابرات الأميركية والوكالة الدولية أن ايران امتلكت في فترة من الفترات برنامجاً للسلاح النووي وانها أوقفته.

 

لكن عملياً فإن بدء ايران بالتخصيب على نسبة 60% يعتبر عملاً قادراً على جعلها تنتقل إلى التخصيب بسرعة إلى نسبة 90% وأكثر، وهي المعدلات المطلوبة لاستخدام هذا المعدن الخام لأغراض عسكرية تصنفها واشنطن وتل أبيب بالخطيرة، علماً أن رئيس الوكالة التابعة للأمم المتحدة رافايل غروسلي قال بأن تخصيب أيران لليورانيوم المخصب يفوق الحد المسموح به بـ16 مرة على الأقل وأضاف غروسي لصحيفة فاينانشيل تايم البريطانية أن درجة تخصيب اليورانيوم في ايران أمر مقلق جدا، ولا تخصب على هذه الدرجة سوى لدول ساعية إلى امتلاك أسلحة نووية أو إلى تصنيع قنابل نووية.

 

من هنا، جدد مستشار الأمن القومي جيل سوليفن التأكيد على التزام أميركا الثابت تجاه أمن اسرائيل وضمان عدم امتلاك ايران سلاحاً نووياً.

 

وما بين درجة 3.67٪ المستحبة ودرجتي 20 و60٪ من التخصيب والخلافات القوية حول هذه الدرجات، وطالما ان أزمة لبنان والعقوبات على حزب الله بتن جزءاً لا يتجزأ من الأزمة الاميركية الايرانية، هل يعقل أن نتساءل بعد الآن عما إذا كان لبنان سيستعيد عافيته الاقتصادية والمعيشية في وقت قصير وبأقل الأضرار الممكنة؟!

 

وهل يعقل أن نتساءل بعد الآن عما إذا كانت واشنطن والغرب وصندوق النقد الدولي سيمنحون لبنان مساعدات مالية في حال تشكلت حكومة وشرطهم مازال هو هو مساعدات مقابل عدم تمثيل حزب الله في الحكومة ونزع سلاحه خصوصاً الصواريخ الدقيقة؟!

 

وهل يقبل حزب الله المدعوم من دول الكتلة الشرقية تسليم سلاحه؟

 

لا أعتقد.

 

وهل سيقبل الشرق في أن يتجه لبنان صوبه وكل دوله لها مصالح تجارية واقتصادية مع دول الغرب وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي وهو الذي يعتبر مصالحه فوق كل اعتبار؟!

 

حمى الله لبنان واللبنانيين.