فيما يتوجه وفد من جمعية المصارف اليوم إلى واشنطن ونيويورك للتواصل مع المراجع المالية والمصارف المراسلة، كانت الاوساط المحلية تطرح مجموعة من الاسئلة عما سيسمعه الوفد من السلطات الاميركية، وخصوصا أن الزيارة تزامنت مع صدور القانون 2297 الذي يفرض عقوبات على “حزب الله” وتعاملاته المالية. وما عزز الاسئلة أن الزيارة تترافق كذلك مع زيارة مماثلة لوفد برلماني، وهو ما يعطي أبعادا أو خلفية سياسية للزيارتين اللتين ستثيران مسألة العقوبات من زوايا مختلفة.
لا تبدو المصارف، كما السلطات النقدية قلقة من القانون، وتعزو ارتياحها إلى كونها قامت ولا تزال بكل واجباتها حيال التزام كل ما يُطلب من لبنان أميركيا أو أوروبيا أو حتى على مستوى الأمم المتحدة، بما يجعل قطاعه المالي في منأى عن أي مخاطر.
على المقلب الرسمي، تؤكد مراجع نقدية أن الموضوع أخذ بعدا أكبر من حجمه نتيجة إثارته من الامين العام ل”حزب الله” ودعوته المصارف إلى “عدم الانصياع إلى الارادة الاميركية”. لكنها ترى أن هذا كلام في السياسة ولا يمكن صرفه في الاقتصاد والمال. وتُذَكر بأن مصارف أوروبية وأجنبية ضُربت بسبب عدم إلتزامها القوانين المرعية أو عدم تقيدها بمتطلبات الامتثال، لكن المصارف بذلت جهودا كبيرة لتلبية كل المعايير، ونجح المصرف المركزي من جهته، في إرساء علاقات جيدة مبنية على الثقة مع السلطات النقدية الاجنبية والمصارف المراسلة.
تنظر المراجع بضبابية الى القانون الجديد الذي يكتنف بنوده الكثير من الرمادية. وتقول انه لم تصدر حتى الآن التفسيرات للآليات التنفيذية عن الرئيس الاميركي الذي وقع القانون. ولا نزال في انتظار ذلك من أجل أن نعرف أين يمكن أن يطال لبنان.
وفي هذا السياق، تطرح المراجع أسئلة من نوع ما هي لائحة الدول التي يشملها القانون والتي تعتبر مسهَلة لعمليات “حزب الله”؟ وهل لبنان من بينها؟ مشيرة إلى أن إدراج قناة “المنار” ضمن العقوبات يدل على أن لبنان سيكون ضمن اللائحة.
في المقلب الرسمي ايضا، تحرك لرئيس المجلس نبيه بري بعدما أوقف أحد المصارف حسابات 3 نواب من “حزب الله” يوطنون رواتبهم فيه.
تدرج المراجع إجراء المصرف في خانة الخطوة الاحترازية من جانبه والتي لم تكن مطلوبة من المصرف المركزي الذي كان أعلن حاكمه رياض سلامه أن الرواتب لا تدخل ضمن مندرجات القانون، وخصوصا رواتب النواب المعروف مصدرها. لكن هذا الاجراء أتاح دفع المجلس النيابي الى التحرك والمساهمة في اللوبي الذي تمارسه المصارف. إذ تتحرك اللجنة البرلمانية في اتجاه شرح القوانين اللبنانية، التي لحسن الحظ تم إقرارها اخيرا، وتحركها يعزز الموقع المصرفي ويدعمه لدى الاجهزة والسلطات الاميركية.
لا تقلل المصارف من أهمية الضغوط على لبنان، لكنها تجد أنها أقل بكثير مما يُمارس على دول أخرى، وذلك نتيجة إلتزام لبنان الجدي وعدم إخلاله بأي إجراء.
أما على المقلب المصرفي، فالرأي أنه لو صدر القانون المشار اليه قبل عامين لكانت ارتداداته كارثية، ليس لأنه يضرب “حزب الله”، بل لأنه كان سيضرب القطاع المصرفي اللبناني. لكن الجهود الاحتوائية التي مارستها المصارف اللبنانية بالتنسيق مع السلطات النقدية على مدى العامين الماضيين، ساهمت في تجميد القانون الذي كان يحظى بإجماع الكونغرس وتمكنت من تعديل بنوده، على ما يكشف نائب رئيس جمعية المصارف سعد ازهري لـ”النهار”، مضيفاً ان اول مسودة للقانون كانت سيئة جدا، إذ ذكر فيها إسم “حزب الله” والى جانبه لبنان 37 مرة، وكانت المسودة تفرض على المصارف إجراءات جديدة تمنع أي عمليات للحزب عبر المصارف الاجنبية وكان واضحا التركيز على “حزب الله” وسيطرته على حكومة لبنان، مما أثار قلق المصارف اللبنانية.
ويضيف أن المصارف نجحت في شرح الالتزام اللبناني، مذكرة السلطات الاميركية بأنها التزمت تطبيق العقوبات على سوريا في سوريا ولبنان، كما التزمت تطبيق العقوبات على إيران وأوقفت التعامل مع بنك “صادرات إيران. وساعدتنا التقارير الصادرة عن السفارة في لبنان التي عكست التزاماتنا، مما ساعد على تبدل الموقف الاميركي لجهة القبول بتعديل القانون وسحب كل الاجراءات الجديدة الملزمة للمصارف، خصوصا أن لا حاجة الى إجراءات جديدة. لا يقلل ازهري من أهمية الضغوط، لكنه يجد أنها أقل بكثير مما يُمارس على دول أخرى، بفعل التزام لبنان الجدي وعدم إخلاله بأي إجراء.
ويخلص إلى اقتناع بأن القانون يستهدف الحزب لكنه ليس ضد لبنان إطلاقا.