من المتوقّع أن تتفاعل في الايام المقبلة أزمة القطاع المالي مع رفض حزب الله تطبيق القانون الاميركي. وقد بدات المصارف تتحرّك لدراسة الاحتمالات. وتشير المعلومات الى دعوة وجهها رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه الى مجلس ادارة الجمعية الى اجتماع اليوم للبحث في تداعيات القضية.
قرأ البعض انتقادات حزب الله أمس الاول، لمصرف لبنان والمصارف اللبنانية بالنسبة «لانصياعها غير المبرر لسلطات الانتداب الاميركي النقدي على بلادنا»، بأنها أتت كردّ فعل على قيام أحد المصارف اللبنانية أخيراً بإغلاق حسابات عدد من النواب التابعين لحزب الله على الرغم من ان أسماءهم غير واردة على اللائحة السوداء. في حين عزا البعض بيان الحزب الشديد اللهجة تجاه المصرف المركزي والبنوك اللبنانية، الى تعميم مصرف لبنان الاخير الذي، برأي الحزب، لم يضع حدّاً للاستنسابية في تطبيق القانون الاميركي المتعلّق بتمويل حزب الله كما كان متوقعاً.
إذ ان تعميم مصرف لبنان طلب من المصارف افادته فقط بأسباب إغلاق أي حسابات مصرفية أو رفض فتحها، ولم يطالبها بأخذ موافقته المسبقة قبل الشروع في إغلاق الحسابات المصرفية.
وقد صدر بيان كتلة الوفاء للمقاومة متّهماً مصرف لبنان ومصارف لبنانية، «بتأجيج حرب الإلغاء المحلية الذي يهدف الى تأسيسها القانون الاميركي».
ودعت الكتلة في بيانها «حاكم المصرف المركزي الى اعادة النظر في تعاميمه الأخيرة لتتوافق مع السيادة الوطنية».
في هذا الاطار، رأى النائب آلان عون عضو الوفد النيابي الذي زار الولايات المتحدة بعد صدور القانون الاميركي في نيسان الماضي، «أنه يجب علينا ان نرى الى أي حدّ يمكننا التخفيف من وطأة هذا الموضوع الدقيق، لأن لا مفرّ من تطبيق القانون الاميركي الذي خلق مشكلة بين شريحة من اللبنانيين معنيّة بتطبيق هذا القانون، وبين المؤسسات المالية التي تخشى على نفسها من عقوبات دولية ولا يسعها العمل سوى تحت مظلة النظام المالي العالمي».
وقال عون لـ«الجمهورية» انه يجب تحييد المؤسسات المالية اللبنانية، قدر الامكان، عن تلك المواجهة الكبيرة السياسية الاقليمية والتي تأخذ اليوم بعداً مالياً إلا انها سياسية وفي بعض الاحيان عسكرية. واعتبر انه يجب مراعاة موقف مصرف لبنان والمصارف اللبنانية من دون اللجوء في الوقت نفسه الى المبالغة في تطبيق القانون.
وأشار الى ان المصرف المركزي تعاطى لغاية الآن مع هذا الملف بحكمة كبيرة، ويحاول التعامل معه بقدر كبير من الدراية من أجل الموازنة بين متوجبات النظام المصرفي اللبناني تجاه النظام المالي العالمي، وفي الوقت نفسه التخفيف بالحدّ الاقصى من وطأة هذا القانون على المعنيين بتطبيقه.
حول إمكانية ان يكون إغلاق حسابات مصرفية لبعض النواب قد أدى الى إثارة امتعاض حزب الله، رأى عون ان تقييم النواب للمخاطر قد يكون مختلفاً عن تقديرات المصارف، لأنه عملياً، ليست الادارة الاميركية وحدها معنيّة بها القانون بل ان المصارف المراسلة قد تدفع أو تضغط في بعض الاحيان على المصارف اللبنانية التي تتعامل معها، لوقف التعامل مع بعض الاشخاص الذين يعتبرون بالنسبة لها، ذات مخاطر عالية. مشيرا الى ان المصارف المراسلة قد يكون لها تقدير مختلف أو قراءة مغايرة أو تحفّظ على بعض الاشخاص.
وهنا لفت عون الى الاستنسابية في تطبيق القانون الاميركي والتي خلقت المشكلة الاساسية، حيث ان تفسير المصارف لبنود القانون ومواده تختلف بين مصرف وآخر، كما ان تقديراتها لأي عملية قد تدخل او لا تدخل في اطار تمويل حزب الله، تختلف أيضا بين ادارات المصارف.
وبالتالي، أصبح هناك نوع من المبالغة في تقييم المخاطر وفي تطبيق القانون «مما خلق الخلاف الاساسي» وفقاً لعون.
في الختام، رأى عون ان حلّ الموضوع يستدعي نقاشاً هادئاً بين مصرف لبنان وجميعة المصارف والمعنيين في هذا الملف في حزب الله في اطار حوار مباشر بين الاطراف الثلاثة، تعرض خلاله المصارف هواجسها ليكون حزب الله على بيّنة من المعطيات ومن الخطوط الحمر في عمل المصارف كي لا تظهر الاخيرة وكأنها جزء من عملية استهداف حزب الله، علماً انها ليست كذلك باتأكيد، وهي تقوم فقط باجراءات احترازية.