Site icon IMLebanon

رسائل اميركية الى لبنان تتقاطع مع الإنسحاب من «الاتفاق النووي»  

 

بالتقاطع مع تنفيذ الرئيس الاميركي دونالد ترامب تهديداته، معلناً انسحاب الولايات المتحدة من «الاتفاق النووي» الذي أبرمته الدول الست الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي زائد المانيا مع ايران..

 

وبالتزامن مع انجاز لبنان الانتخابات النيابية الاحد الماضي، التي لاقت ردود فعل دولية وعربية مرحبة، وما افضت اليه من نتائج، حيث دخل الندوة البرلمانية 62 نائباً جديداً من بين 128 نائباً، أعضاء في الكتل النيابية القائمة والمعروفة بنهجها وخطوطها السياسية وتحالفاتها الاقليمية والدولية، وتمكن «الثنائي الشيعي» من الحصول على حصة نيابية وازنة (28 نائباً) موزعة بين «أمل» 15 نائباً و»حزب الله» 13 نائباً، ارتفعت لهجة المواعظ الاميركية للاطراف اللبنانية، داعية الجميع الى «الحفاظ على سياسة النأي بالنفس عن النزاعات الخارجية».. واحترام التزامات لبنان الدولية، بما في ذلك تلك الواردة في قراري مجلس الامن 1559 و1701.. آملة في بيان صادر عن السفارة في بيروت، في ان تستمر الحكومة اللبنانية المقبلة في السير على طريق بناء لبنان مستقر وآمن، ملتزم بالسلام ومستجيب لاحتياجات الشعب اللبناني..».

لم تكن السفارة الاميركية الوحيدة في التعبير عن موقف ازاء الانتخابات النيابية، فقد أعربت مجموعة دول أوروبية وعربية عن ترحيبها بهذه «الخطوة المهمة» في سبيل تعزيز مؤسسات دولة لبنان والاستقرار الداخلي فيه، آملة في ان تواصل القوى السياسية اللبنانية التعاون فيما بينها لمصلحة حل القضايا العالقة، وفق الدستور وعبر الحوار الوطني الشامل..» لكن ما يميز الموقف الاميركي عن سائر المواقف الأخري، هو ان الولايات المتحدة أعطت لنفسها الحق في التدخل في صلب الشؤون الداخلية للبنان، الذي يتفق جميع الافرقاء فيه على أنه يواجه جملة تحديات وتهديدات داخلية وخارجية.. وقد رسم الرئيس العماد ميشال عون، بالتكاتف والتضامن مع العديد من الافرقاء البارزين، وبالتحديد رئيس الحكومة سعد الحريري، خارطة طريق لمرحلة ما بعد الانتخابات لبحث مسألة «الاستراتيجية الدفاعية» و»النأي بالنفس» عن الصراعات الاقليمية، وتوفير السلم والاستقرار الامني والسياسي والاجتماعي للنهوض بالاقتصاد الوطني..

وبعيداً من حسابات الربح والخسارة، فإن الانظار تتجه الى المرحلة المقبلة والمتمثلة بتشكيل حكومة لبنانية جديدة، يرجح عديدون، ان تكون رئاستها من نصيب الرئيس سعد الحريري، وان تكون نسخة طبق الأصل عن الحكومة الحالية، مع تعديلات في بعض الأسماء والحقائب، لاعتبارات عديدة.. أي أن تكون «متنوعة» ولا تستثني أحداً في المبدأ، على خلفية «ان مسيرة الانجازات تحتاج الى كل المكونات الحكومية..» على ما أشار الى ذلك الرئيس الحريري، مؤكداً على «استمرار «ربط النزاع» مع «حزب الله» في كل الخلافات الاستراتيجية، سواء ما يتعلق بالسلاح او بالشأن الاقليمي..».

لقد نجح الرئيس الحريري في سياسة «ربط النزاع» مع «حزب الله» بقدر تجاوب الحزب، وقد أنجزت الحكومة عدداً من المشاريع كما ولم تفلح في مشاريع أخرى، مثل الكهرباء وغيرها، والسبب ليس عند «حزب الله»، بل في جزء كبير منه في ملعب «ثنائي المارونية السياسية» («التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»)، وهو (أي الرئيس الحريري) يدرك أكثر من غيره ان سياسة «النأي بالنفس» التي أقرت في الحكومة باجماع أعضائها، مرتبطة بجملة تطورات واعتبارات، كما مسألة «الاستراتيجيا الدفاعية» و»قرار السلم والحرب»، و»السلاح غير الشرعي». وهذه موضوعات ستكون مادة أساسية على «طاولة الحوار الوطني» الموعودة، كما أشار الى ذلك الرئيس العماد عون بالتوافق مع الرئيس الحريري، وقد أكد في كلمته ليل أول من أمس، «ان المجلس النيابي العتيد سيشكل مساحة اللقاء الطبيعية لعرض القضايا التي تهم اللبنانيين ومناقشتها، لاسيما تلك التي ستكون محور حوار وطني يعتزم الدعوة اليه، بهدف استكمال تطبيق «اتفاق الطائف» بكل مندرجاته الواردة في «وثيقة الوفاق الوطني» ووضع استراتيجية دفاعية تنظم الدفاع عن لبنان وتحفظ سيادته وسلامة أراضيه.».

قطع الرئيس عون، بالتكافل والتضامن، مع الرئيسين بري والحريري الطريق أمام أية تدخلات خارجية في صلب الشؤون الداخلية اللبنانية.. ولم يعد غريباً ان يتطلع عديدون الى «ان لبنان ما بعد الانتخابات لن يكون مثل قبلها، وقد تعددت القضايا والمسائل العالقة (من ماء وكهرباء ونفايات وتنظيف ادارات الدولة من الهدر والفساد وما الى ذلك).. وقد عبر العديد من «المرجعيات» عن رفضهم هذا التقصير مؤكدين على «ضرورة فتح صفحة جديدة من العلاقات بين الكتل السياسية كافة، هدفها انقاذ لبنان والنهوض به على كل الصعد..»

الكرة هي في ملاعب الجميع، كما هي في ملعب «حزب الله»، خصوصاً وأن الحزب يأتي في رأس الاستهدافات الاميركية – الاسرائيلية.. وان  قرار الرئيس الاميركي الانسحاب من «الاتفاق النووي» هو في صورة او أخرى رسالة الى لبنان، الذي لن يكون بمنأى عما يمكن ان يحصل من تداعيات؟!