لوثة النكد السياسي لدى بعض المكونات اللبنانية، لم تسئ فقط الى قدسية دمّ الشهداء ولا سيما الشهداء العسكريين المختطفين لدى داعش، ولم تفسد فرحة الانتصار بالتحرير غير المسبوق في المنطقة العربية للجرود اللبنانية من دنس الارهاب التكفيري وحسب، وانما فعلت ما هو أدهى! وفي أجواء التطاحن الداخلي والتراشق بالاتهامات ينتشر الغبار الكثيف المخصّب بكل أنواع السموم، ويحجب الرؤية عما يدبّر للبنان، وللعرب عموما، من كيد الأعداء ومؤامراتهم لدفع اللبنانيين، والعرب أيضا، الى حفر قبورهم بأظافرهم! وليست مجرد صدفة أن يعلو نحيب نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل وعويله في هذه الآونة، وهو يذرف دموع التماسيح على كتف الرئيس الروسي بوتين في موسكو تارة، وعلى كتف الأب الحنون الرئيس الأميركي دونالد ترامب تارة أخرى، بل يوما بعد يوم!
***
اذا كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من أكثر الرؤساء الأميركيين خبثا ومكرا، فهذا أمر بات مكشوفا اليوم! وقد استغل سذاجة الانخداع العربي الذاتي بلون بشرته وتحدّره من والد مسلم يدعى حسين، فباع العرب في مستهل عهده بخطاب اسلامي في جامعة القاهرة لزيادة العمى في قلوبهم… وفي المقابل أطلق عليهم وحشا تكفيريا تمّ تفقيسه في الأقبية المظلمة واللزجة للاستخبارات الأميركية! والعرب لا يزالون الى اليوم يتخبّطون بدمائهم بالذبح والحرق والقتل الجماعي والتدمير والخراب بضربات مخالب هذا الوحش بهمجيته الأسطورية! أما اليوم فقد خلفه في البيت الأبيض رئيس مسطح لم تنخدع به حتى شرائح واسعة من شعبه، فهل تزول الغشاوة عن أعين العرب، وعن قلوب بعض المكونات اللبنانية؟!
***
يتردد اليوم ان الرئيس ترامب يتجه لوقف المساعدات العسكرية عن الجيش اللبناني بل وسحب بعض العتاد العسكري في حوزته واسترجاعه منه، وذلك لمخالفة الجيش اللبناني – بحسب زعمه – المساعدة المشروطة بعدم التنسيق مع المقاومة والجيش السوري في معركة الجرود! ومع ان المنطق العسكري وطبيعة المعركة في جبهة واحدة بين دولتين، يفرض منطقه على الأرض، فان معنى عدم التنسيق الذي يفرضه ترامب كان يعني في نظره ان يحدث قصف متبادل ب الخطأ بين الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة، وذلك ليكون أشبه ب الخطأ الذي كان يرتكبه الطيران الحربي الأميركي في كل من سوريا والعراق، ويصيب قوات حليفة على الأرض تخفف الضغط عن العدو الارهابي التكفيري! وبعد ذلك يكون البيان الأميركي جاهزا، ويعلن عن اصابة بعض حلفائه ب نيران صديقة، ويعتذر عن هذا الخطأ… المقصود!
***
كل المساعدات الأميركية من أي نوع كانت هي مساعدات ملغومة، من أوكرانيا، والى مصر والشرق الأوسط، باستثناء ذلك السخاء الأسطوري الأميركي لاسرائيل، المقيّد فقط بالشروط الاسرائيلية! والسياسة الأميركية المعادية للعرب وللبنان، لم تعد مموّهة وخادعة كما في عهد أوباما، وانما غدت مكشوفة ومفضوحة في عهد الرئيس ترامب! وظهرت جليّة من العقوبات المعدّة ضدّ المقاومة في الظاهر، ولكنها في جوهرها توجه ضربة قاصمة للبنان ولاقتصاده الهش. وها هي اليوم تخوض معركة شرسة في مجلس الأمن الدولي الى حدّ اشهار سيف الفيتو لادخال تعديل على مهمة قوات الأمم المتحدة في لبنان المنصوص عليها في القرار ١٧٠١، بما يتوافق مع الرؤية الاسرائيلية! وبينما يتهم نتنياهو أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ب العمى، فقد ظهر العمى على المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي التي رأت… انتهاكات سلاح حزب الله، ولم ترَ انتهاكات اسرائيل اليومية في الجو والبحر والبرّ! والى الغد: ماذا يعني سحب المساعدة الأميركية من لبنان؟