IMLebanon

بين الأساطيل وصواريخ «نور» توازن الردع مع أميركا؟

 

بالرغم ممّا تنامى او تمّ تسريبه عن تهديدات اميركية بقصف لبنان في حال فتحت المقاومة في لبنان جبهة الجنوب على نحو واسع ضدّ اسرائيل وصولًا الى حرب بمعنى الكلمة، وبغض النظرعن مدى صحة هذا التهديد، فإنّ المقاومة تتصرّف وكأنّ الاميركي بأساطيله وعراضاته العسكرية في شرق البحر المتوسط قبالة سواحل لبنان وفلسطين هدفٌ لصواريخها، وهو ما ظهر في تسريب فيديو- وعبر وكالة «سبوتنيك» الروسية – يتضمن مشاهد عن صواريخ «نور» المضادة للسفن، وهي صواريخ ضخمة مجنّحة ومؤثرة. وهذا يعني بالمعنى الذي يستخدمه الحزب «توازن الرعب او الردع» مع اميركا لا مع اسرائيل فقط.

لكن هذه العراضات من الجانبين على خطورتها، ما زالت ضمن سقف الحرب النفسية وهزّ العصا لا الضرب بها، إلّا انّ الضرب الحقيقي كان خلال الايام الماضية في الميدان، من خلال توسيع جيش الاحتلال لقصفه للقرى واستهداف المدنيين كما حدث بقصف السيارة التى تقلّ ثلاث فتيات صغيرات وجدتهنّ ما ادّى الى استشهادهنّ، وردّ المقاومة اللبنانية والفلسطينية بتوسيع نطاق القصف شمالاً الى حدود عكا وحيفا وجوارهما، ما يعني عملياً سقوط قواعد الاشتباك المتعارف عليها والعودة الى اعتماد قاعدة «مدني مقابل مدني ومنطقة سكنية مقابل منطقة سكنية»، وهو ما قد يتوسع اكثر ليطال اعماقاً اكثر في كلٍّ من لبنان وفلسطين المحتلة. عدا ضرب القواعد العسكرية الاميركية يومياً في العراق وسوريا، ما اعتبره المتابعون ايضاً نوعاً من «توازن الردع».

 

وفي بعض التحليلات والقراءات السياسية والعسكرية، بات هناك قناعة انّ حكومة نتنياهو ما زالت تسعى جهدها لجرّ الاسطول الاميركي في المتوسط الى الحرب ضدّ «حزب الله»، وهو امر لم تقتنع به – حتى الآن – الادارة الاميركية، لا بل تحاول كبح جماح المتطرفين في الكيان الاسرائيلي نظراً لما قد ترتّبه الحرب لو حصلت، من انعكاسات بالغة الخطورة على كل الاطراف، وهو ما يحاول الغرب عموماً منعه بكل الوسائل بما فيها الترهيب والتهديد. وما زيارة كبير مستشاري الطاقة في البيت الابيض آموس هوكشتاين المفاجِئة الى لبنان امس، وموفداً من الرئيس جو بايدن طالباً بشكل علني عدم انجرار لبنان الى الحرب الواسعة والتزام القرار الدولي 1701، إلّا دليل على جدّية اميركا بعدم توسيع الحرب.

 

وخلافاً للمتوقع، لم تنجح محاولات قلب الرأي العام اللبناني، ولا سيما السياسي المسيحي على «حزب الله»، لعدة اسباب اهمها انّ الحزب ما زال منضبطاً ضمن الحدّ المعقول، بما يُجنّب لبنان حرباً واسعة لا يستطيع تحمّلها، سواء تدخّلت فيها اميركا او لم تتدخّل، انطلاقاً من رؤيته الدقيقة للوضع الداخلي ومدى حساسيته، بل ذهب بعض القوى ومنها قوى سياسية مسيحية الى التأكيد «انّ المقاومة تحمي لبنان ولا تجرّه الى حرب»، حتى انّ معارضي الحزب وخصومه لم يستخدموا تعابير حادّة ضدّه، بل اكتفوا بالدعوة الى عدم الانزلاق للحرب الواسعة. وهذا امر يفيد في تماسك الوضع الداخلي بمواجهة الوضع الاقليمي الخطير، ولو حصل بعض الشطط هنا وهناك.

 

تكفي متابعة ما يقوله مسؤولو المستوطنات على الحدود مع لبنان، وما يقوله الإعلام العبري عن حجم المخاوف والقلق من وجود المقاومة عند حدودهم و«عدم رغبتهم بالعودة طالما قوات الرضوان موجودة» عند الحدود، لتبيان التأثير القوي لعمليات المقاومة الموضعية المؤثرة ضدّ المواقع العسكرية التي تحمي المستوطنات، من دون اللجوء الى ما هو أوسع واكبر. ما يعني انّ هناك قوة ضغط شعبي داخل الكيان الاسرائيلي لمنع توسيع المواجهات، عدا الضغط السياسي الذي تمارسه الإدارة الاميركية ودول اوروبية على حكومة نتنياهو لإلتزام قواعد الحرب والاشتباك، بعدم التعرّض للمدنيين، وبخاصة بعد ضرب مناطق في العمق الفلسطيني كرسالة واضحة الى انّه «لو عدّتم عدنا».

 

ويبقى الخوف من عدم التزام الكيان الاسرائيلي بهذه النصائح الغربية، والاصرار على تثبيت قدرته الردعية بتوسيع نطاق القصف اكثر، ما يعني رداً اوسع واكبر من لبنان، فتنهار كل ضوابط قواعد الاشتباك وتنفلت الامور نحو سيناريوهات اكثر خطورة.