Site icon IMLebanon

الأميركي ينتظر على “كوع” السلاح والحياد والإنتخابات المبكرة

 

مع تقدّم الوقت، تتوضّح الصورة أكثر وأكثر وتُرسم ملامح المرحلة المقبلة ويظهر جلياً أن الفرنسي أخذ موافقة الأميركي قبل الولوج في طرح أي حل للأزمة اللبنانية.

 

يبدو واضحاً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نجح في إقناع الأميركيين بفصل الملف المالي والإقتصادي عن الملف السياسي وكل ما يرتبط بـ”حزب الله”، لكن ضمن ضوابط معينة وبمهل زمنية محدودة، إذ إن التخوّف الأميركي يتمثّل في جرّ إيران وحلفائها الفرنسي إلى حفلة مماطلة لا تنتهي.

 

وفي السياق، فإن واشنطن لا تريد أن يحلّ بالشعب اللبناني ما حلّ بشعوب دول ذات أنظمة شمولية لأن للبنان خصوصيته، لكن في المقابل إشترطت على الفرنسيين والأوروبيين ألا تكون المبادرة والمساعدات الإقتصادية سبباً لتعويم السلطة ومن ورائها “حزب الله”، لذلك كان ماكرون ومسؤولو الدول الأخرى قد قالوا كلاماً واضحاً بأن المساعدات ستصل مباشرةً إلى الشعب والأحياء المنكوبة، ولن تمرّ بالحكومة والمؤسسات الرسميّة لأن لا ثقة بهذه الطبقة الحاكمة.

 

وأمام تصعيد ماكرون للهجته، ودعم المجتمع الأوروبي والدولي لمبادرته، ووصول إشارات رضى أميركي عما يقوم به في بيروت، وتأكيد مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر خلال زيارته لبنان على دعم المبادرة الفرنسية، تؤكد المعلومات أن ماكرون سيكون أكثر حزماً في المرحلة المقبلة ولن يسمح بأن تذهب كل جهوده أدراج الرياح ويظهر أمام الأميركي والأوروبي والتركي والروسي أنه عاجز، كما أن القناعة الفرنسية هي نفسها مثل الأميركية بأن لا أمل من هذه الطبقة السياسية.

 

وإذا كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قد أبدى إعتراضاً ضمنياً على التأجيل الدائم للملفات الخلافية وعدم الحديث عنها وحلها وعلى رأسها سلاح “حزب الله” والإستراتيجية الدفاعية، فإنه يبدو في هذا الموقف أقرب من الأميركي منه إلى الفرنسي، لكن القوى السياسية سارت بما رسمه ماكرون بأن الاولوية الآن إقتصادية ولا تريد الدخول باشتباك مع “حزب الله”.

 

لكن الأميركي عاد ولوّح بأن الملفات السياسية الخلافية ستكون حاضرة في المرحلة المقبلة وليست منسية، ووضعها على الرف هو للإنصراف للهمّ الإقتصادي فقط، وقد تظهر في أي لحظة.

 

ومن بين تلك الملفات سلاح “حزب الله”، إذ إن واشنطن ماضية في سياسة خنق إيران إقتصادياً و”قصقصة” أذرعها في المنطقة وعلى رأسها “حزب الله”، وهذا الأمر ظهر جلياً خلال زيارة شينكر الأخيرة إلى بيروت وتصريحات المسؤولين الأميركيين الكبار وعلى رأسهم وزير الخارجية مايك بومبيو، من أنّ “الحزب” يشكل خطراً على لبنان، وبالتالي فإن كل الحديث عن أن الأميركي تناسى هذا الملف لا يعدو كونه أمنيات يعبّر عنها الفريق الإيراني.

 

ومن جهة ثانية، فإن موضوع الحياد الناشط الذي طرحه البطريرك الراعي يحظى باهتمام أميركي لافت، ويعمل اللوبي اللبناني الموجود في الولايات المتحدة الأميركية على تسويقه داخل الإدارة الأميركية، ويُحكى نقلاً عن بعض من يعمل على هذا الملف بأن الخطوات التالية قد تكون الذهاب إلى مجلس الامن لإقراره في حال لم يكن هناك “فيتو” من الدول الكبرى، لذلك فإن هذا الطرح يحظى بالدعم الأميركي المطلوب وقد تتبلور الصورة أكثر بعد الإنتخابات الاميركية.

 

أما النقطة المهمة أيضاً في الطروح الأميركية، فهي الموقف من الطبقة السياسية، إذ إن الاميركي فقدَ الثقة بهذه الطبقة ويعتبرها فاسدة، لذلك يفضّل رحيلها وخلق طبقة جديدة غير منغمسة بالفساد وتحمل برنامجاً إصلاحياً، والذهاب إلى إنتخابات نيابية مبكرة من أجل تحرير الأغلبية البرلمانية من سيطرة “حزب الله” ولخلق وجوه جديدة ثانياً، لذلك سيفعّل هذا المطلب الإصلاحي بعد إنتهاء المهلة الفرنسية.

 

ومع كل هذه النقاط، يبقى سيف العقوبات مصلتاً على “حزب الله” والعهد و”التيار الوطني الحرّ” والحلفاء والقوى الفاسدة، وهذه المرة لن يكون أميركياً بل سيكون فرنسياً وعالمياً.