Site icon IMLebanon

مسؤول أميركي لـ «اللواء»: إيران تزعزع المنطقة والعقوبات فَرَضت عليها التفاوض

إستراتيجية التحالف: حرب ميدانية ومالية وعنكبوتية وتجفيف المقاتلين ومساعدات إنسانية

مسؤول أميركي لـ «اللواء»: إيران تزعزع المنطقة والعقوبات فَرَضت عليها التفاوض

الإئتلاف سيتوسّع في 12 نقطة في العراق والأولوية لهزيمة «داعش» وحلّ في سوريا بلا الأسد

الحاجة إلى فهم الاستراتيجية الأميركية في «تفكيك تنظيم داعش وهزيمته»، وما يقوم به التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من جهود في هذا الإطار، دفعت بالمتحدث الرسمي باللغة العربية لوزارة الخارجية الأميركية، ومدير مكتب التواصل الإعلامي الإقليمي في دبي جوشوا بيكر إلى زيارة خاطفة للبنان للقاء ثلة من الصحافيين، كجزء من مهمته في التواصل مع الإعلام في الشرق الأوسط، وتوضيح السياسة الأميركية وأولوياتها لشعوب المنطقة.

اللقاء الذي نظمته رئيسة القسم الإعلامي والثقافي في السفارة الأميركية روبن هولز هاور، استحوذ في جانب كبير منه، على عرض رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته حيال الملفات الأكثر سخونة في المنطقة، ألا وهي تنظيم «داعش» والأزمة السورية والملف النووي الإيراني.

لعل ما قاله جوشوا بيكر لم يحمل جديداً للمتابعين عن كثب للسياسة الأميركية في المنطقة، لكن ثمة إصراراً بدا واضحاً لدى المسؤول الأميركي في تأكيده أن الرهان على إمكان إحداث تغييرات في استراتيجية أوباما حيال سوريا والعراق هو رهان خاطئ، فالاستراتيجية الراهنة لا تنطوي على مشاركة جنود أميركيين في القتال على الأرض، على غرار ما حصل في العام 2003 أو قبلها في العام 1991. اليوم يتركز الوجود الأميركي، بعد قيادة واشنطن للتحالف الدولي الذي يضم في جنباته 60 دولة، على إرسال مستشارين عسكريين لتقييم وضع القوات المحلية وتدريبها وتقديم المشورة لها وتجهيزها، وهي الجيش العراقي والبشمركة الكردية والقبائل في المحافظات السنية العراقية وفصائل المعارضة المعتدلة في سوريا، إضافة إلى دور الحكومات في المنطقة والدول المجاورة.

ثقة أوباما أنه بالإمكان هزيمة «داعش» تنطلق من التجربة السابقة للقوات الأميركية في العراق، التي نجحت، من خلال الصحوات، بدحر تنظيم «القاعدة» والقضاء على كبار قادته وهزيمته. من هنا تتولد القناعة بأنه ليس من الممكن أن «ننتصر» في هذه المعركة من الخارج، ولا بدّ من توافر عناصر النجاح في الداخل عبر انخراط القبائل السنية في المعركة بشكل أكبر وأفعل، ولا سيما أن واشنطن، ومعها التحالف الدولي، يدركون أن السياسات الخاطئة للحكومات في المنطقة، وبالأخص في العراق وسوريا، أدت إلى توسّع ظاهرة «داعش» وتناميها إلى هذ المستوى.

وفي إطار تعزيز دور القوات العراقية – والتي من المفترض أن يتم إنشاء «الحرس الوطني» في المحافظات السنية لتأخذ دورها في مواجهة «الدولة الإسلامية» - فإن عمليات التحالف الدولي ستدخل مرحلة جديدة، من خلال توسيع تواجدها على مختلف المساحة العراقية، عبر إقامة اثني عشر مركزاً عملياً تتعدّى بغداد وأربيل إلى مناطق عدّة في شمال بغداد ومحافظة الأنبار، بحيث ستُدار القوات العراقية مباشرة من قبل التحالف، ويتكامل عملها ويتناسق مع الضربات الجوية، التي لا يوافق المسؤول الأميركي على ما يقوله البعض من أنها فشلت، إذ أن هدفها هو منع تقدّم «داعش»، وهو ما تحقق في «كوباني» وقبلها في «سنجار و«آمرلي»، لا بل تمت بفعل الضربات المهددة لهجمات القوات العراقية إلى استعادة سد الموصل ومنطقة بيجي.

لا وَهمٌ لدى الأميركيين والتحالف بأن المعركة ليست طويلة، فالمهمة تُركّز على تفكيك «داعش» وهزيمته أولاً في العراق ومن ثم تعبيد الطريق لحل سياسي في سوريا.

ولكن ثمّة عوامل تُساهم في رسم المسار الزمني، منها ما يتعلق بمآل القرارات السياسية في العراق، وكذلك داخل سوريا، ومدى مشاركة المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. في هذا السياق يسعى المسؤول الأميركي إلى التأكيد على أن لا تغييرات في السياسة الأميركية حيال سوريا، فهي تريد حلاً سياسياً من دون مشاركة بشار الأسد.

ولكن ماذا عن إيران في ظل شكوك غالبية حلفاء واشنطن بأن «صفقة ما» باتت قاب قوسين أو أدنى على حساب مصالح حلفائها الذين ينظرون إلى إدارة أوباما بعين الريبة؟ سؤال دفع بالمسؤول الأميركي إلى الجزم بأن لا صفقة مع إيران.

ما جرى أن الدول المجاورة لإيران أيّدت العقوبات الاقتصادية عليها، وهذه العقوبات كان لها الأثر البالغ على الاقتصاد الإيراني، لا بل دمرته تدميراً كاملاً، فاستراتيجية العقوبات كان هدفها الإتيان بطهران إلى طاولة المفاوضات، وثمة شعور نتيجة هذا التفاوض أن واشنطن اقتربت من إيران، لكن هذا ليس صحيحاً. نحن ندرك أن طهران تزعزع الاستقرار في الكثير من دول المنطقة، ولكن هدف الولايات المتحدة هو منع حصول إيران على  سلاح نووي وليس من رابط بين أي اتفاقية نووية مع إيران وما تقوم به في المنطقة، سواء في سوريا أو اليمن أو الخليج.

لكن الإشكالية الأساسية التي تواجه التحالف الدولي تكمن في سوريا مع غياب حلفاء أقوياء على الأرض يمكن الاعتماد عليهم في محاربة «داعش»، بحيث أضحى هذا الأمر الجزء الأصعب في الاستراتيجية المبنية على أقانيم خمسة: الحرب العسكرية، منع تدفق المقاتلين، تجفيف مصادر التمويل مع الإقرار بأن الجزء الأكبر منه يعتمد على المقدرات النفطية التي يسيطر عليها التنظيم في مناطق نفوذه، تقديم المساعدات للنازحين، ومواجهة «داعش» إعلامياً من خلال الشبكة العنكبوتية، حيث أظهر قدرة لافتة في التجنيد والجذب وبث الرعب.

على أن الرسالة التي رغب بيكر في إيصالها، عبر اللقاء، تكمن في الإشارة إلى أن ليس لدى واشنطن عصا سحرية لحل الأزمات في المنطقة، وأن الحلول لتلك الأزمات لا يمكن أن تكون إلا في الوحدة الدولية وعبر الجهود والمساعي والمحاولات الدولية الجماعية لا العمل الفردي من قبلها. رسالة تقول بوضوح: «لا تنتظروا منّا المعجزات».