Site icon IMLebanon

حرب الضغوط السياسية الأميركية على نتنياهو

 

 

 

إن حرب الضغوط السياسية التي تمارسها واشنطن على نتنياهو مردّها ان بلاد العم سام إضافة إلى مصالحها السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط والعالم العربي، باتت على قناعة تامة بان الجيش الصهيوني المحتل ان دخل في حرب شاملة مع حزب الله، فسيجرّ ورائه ذيول الخيبة والهزيمة، وهذا ما لا تريده لابنتها إسرائيل. وهناك تقارير أميركية برزت منذ ثمانية أشهر حتى الآن تجزم بأن الجيش الصهيوني لن يخرج من الحرب مع المقاومتين اللبنانية والفلسطينية منتصراً، فيكون خروجه على وقع المآسي والكوارث التي سيلملمها. يقول تقرير أميركي أعدّته في الأسبوع الأول من شهر تموز الحالي شبكة HSNBC ان حزب الله عام 2024 ليس حزب الله عام 2006، فهو اليوم يُعتَبَرُ أكبر حجماً وأفضل تسليحاً وأكثر خبرةً وأقوى سياسياً، ويذكر التقرير أن حزب الله أصبح يشبه بشكل متزايد الجيش، حيث بات يمتلك ما يصل إلى 200 ألف صاروخ وقذيفة من مختلف المدى، وبعض هذه الصواريخ يمكن ان تصل إلى أي نقطة في إسرائيل، وهذا يعني أنه من خلال الحرب يمكن استهداف البنية التحتية المدنية الحيوية لإسرائيل والمطارات والموانئ والشبكات الكهربائية ومحطات الطاقة، وسوف يعيش الملايين من الإسرائيليين في الملاجئ، بينما ستتعرّض المدن الكبرى في البلاد من تل أبيب إلى حيفا لوابلٍ من الصواريخ التي سيكون من الصعب على نظام الدفاع المضاد للصواريخ «القبّة الحديديّة» تحييدها. وفي الوقت عينه ستقاتل القوات البريّة الإسرائيلية ضدّ منظمة تعلّمت الكثير من التكتيكات والعمليات والإجراءات العسكرية بعد سنوات من التجارب العملية البريّة في سوريا. ويضيف التقرير الأميركي بالقول سوف تعمل إسرائيل باختصار ضدّ عدوّ، ليس فقط أقوى جهة عسكرية غير حكوميّة في الشرق الأوسط، بل أيضاً عدو يقاتل بصراحة بشكلٍ أكثر فعالية من معظم الجيوش النظاميّة في المنطقة. والجدير ذكره أنه في مطلع السنة الحاليّة 2024، كشف تقرير استخباري أميركي عن قلق في واشنطن من أحاديث عن احتمال توسيع إسرائيل للحرب على لبنان، مشيراً إلى أن تحقيق إسرائيل الانتصار في هذه الحرب سيكون صعباً للغاية. وقال التقييم الاستخباري الأميركي الصادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية DIA انه سيكون من الصعب على إسرائيل النجاح في حرب ضد حزب الله في خضّم القتال المستمر في غزة، وهذا الكلام قيل في مطلع السنة، إذ أن التحليلات اليوم كلها تجزم بأن إسرائيل ستخسر الحرب ضد حزب الله إن كان القتال ضارياً في غزة أو في حال أصبحت الجبهات باردة مؤقتاً. إن المسؤولين الأميركيين بات ينتابهم القلق الشديد جراء إيمان نتنياهو بأن القتال الموسّع في لبنان سيشكّل مفتاح بقائه السياسي، من هنا نرى أن واشنطن باتت تشعر بعميق الحزن وبالغ الأسف من هذا الواقع الذي إن خاض غمار الحرب سيعرّض إسرائيل الموقع المتقدم لأميركا في الشرق الأوسط للأخطار. وتتعرض أميركا للنهك النفسي جرّاء تصرفات نتنياهو الذي يعمّق جراحها بعدما تمكّنت روسيا والصين من إضعافها عسكرياً واقتصادياً حسب قول رئيس الناتو الأسبق الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك. فكلارك أفاد بأن الولايات المتحدة لم تكن تواجه أبان الحرب الباردة سوى دولة واحدة هي الاتحاد السوفياتي، لكنها اليوم تواجه خصوماً أكبر وأقوى عبر جبهة أوسع بكثير قوامها الرئيسي روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، ومعظم دول أميركا الجنوبية وجنوب أفريقيا وغيرهم. وأعتقد، والكلام لكلارك، بان أميركا سمعت الرئيس الصيني شي جين بينغ يعبّر عن ذلك بوضوح وهو يودّع نظيره الروسي فلاديمير بوتين عقب انتهاء زيارته لموسكو العام الماضي، إذ قال هناك تغيّرات ستحدث لم يشهد العالم مثيلها منذ مائة عام، ونحن من يقود هذه التغيّرات. وإذا أردنا تسليط الضوء على الأحداث سنشعر برياح التغيير تلفحنا. فبعد كل هذه التطورات الميدانية الدراماتيكية الزاخرة بأشنع أنواع الإبادات الجماعية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، فقد رأينا كيف أن جامعة الدول العربية عمدت إلى إزالة صبغة الإرهاب عن حزب الله ويبدو ان بعض مكوّنات الجامعة قد اقتنع بأن المقاومة ليست حكراً على طائفة واحدة مدعومة من دولة واحدة فقط، فالطرف الذي يهدّد طهران هو نفسه الذي يهدّد فنزويلا مثلاً، وكل دولة مقاومة للإمبريالية الصهيو-أميركية، وفي العمل المقاوم لا وجود للطائفية، فقد سبق لإيران الشيعية ان ساعدت «فنزويلا اللاتينية اليسارية» اقتصاديا. وقد لمست تلك المكونات تعاطف أغلبية الشعوب العربية مع حماس وحزب الله في الثمانية أشهر المنصرمة، ومردّ هذا التعاطف يعود إلى الصمود الأسطوري لحماس التي ما زال مقاوموها منتشرين في مختلف أرجاء قطاع غزة، وشروع حزب الله في المقابل بعمليّة اسناد بطولية لحماس تجلّت في إحراق الحزب لمستعمرات بني صهيون في مناطق شمالي فلسطين المحتلة المتاخمة للحدود مع بعض أقضية جنوب لبنان، ما أدّى الى تهجيره لـ150 ألف مستوطنة. لقد زرع الاستعماران البريطاني والفرنسي بذور الطائفية في النفوس المفتقرة إلى الثقافة والوعي لبث روح التفرقة والتقسيم بين أبناء دول الأمّة العربيّة. وبما أن وباء الطائفية مضنٍ للنفوس فنحن مدعوون إلى تحطيم تلك الطائفية بالمطارق والفؤوس، وأن كل إنسان توّاق النفس إلى خوض غمار العمل المقاوم في معتركات الكرامة والعنفوان، فليستقل قطار المقاومة الذي يتسع لأكبر شريحة وطنية وقومية وأممية، خصوصاً انه سيقاوم المشروع الصهيو-أميركي اللاهث وراء نهب كل ما يحلو له من أراضٍ يسمّيها قاموسه «جيوسياسية» دوماً، وكل ما يحلو له أيضاً من ثروات نفطية وغازية على وجه الخصوص في كل أنحاء المستديرة. إن المقاومة تجمعنا ولا تفرّقنا، وان استئناف الخطوط الجوية السورية رحلاتها المنظمة إلى المملكة العربية السعودية للمرة الأولى منذ 12 عاماً يعتبر فاتحة خير ويبشّر بمستقبل واعد, وقد أكد مدير المكتب الإعلامي في وزارة النقل السورية سليمان خليل، إمكانية زيادة المطارات السعودية أمام الطيران السوري لتشمل مطاري جده والدمام وفق الطلب والحاجة والسوق.

ومع تعملق ثقافة المقاومة تخفّ حدّة المناكفات والخلافات والمماحكات والمنازعات.

 

وفي مطلق الأحوال، فقد أشار تقرير نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بتاريخ 10 تموز 2024 حول الأضرار الجسيمة المتوقعة التي ستلحق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، في حال اندلعت حرب شاملة مع حزب الله في لبنان محذّراً ان الحرب معه ستتسبب بكارثة لن تتعافى منها إسرائيل إلّا بعد عقود طويلة. وأكد التقرير ان الحزب لديه القدرات العسكرية اللازمة لشنّ حرب طويلة الأمد تستمر لأشهر عدة وقد يتسع القصف مع الأيام ليتم من جهات أخرى مثل إيران والعراق وسوريا واليمن وهو ما سيؤدي إلى نقص في ذخيرة الاعتراض، وكل هذا يمثل تهديداً عسكرياً ومدنيا لم تشهده إسرائيل سابقاً، كما ان الحرب في حال شنّتها إسرائيل ستشكّل عقبات كبيرة أمام التعافي منها سواء جسدياً أم عقلياً، ويبيّن التقرير ان نحو 10 بالمائة من الإسرائيليين عُطّلت وظائفهم لافتاً إلى انه يوجد هناك مصابون جسدياً ونفسياً، وهناك النازحون من الشمال والجنوب وهناك أشخاص يعيشون ضغطاً نفسياً كبيراً نتيجة احتمال توسّع دائرة الحرب.