كلما اقترب أكثر موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية تفقد محركاتها قوة الضغط على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لوقف إطلاق النار المستعرة على غزة، وما
يزيد قلق الإدارة الاميركية الحالية هو «ثقة» الاخير بعودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الأمر الذي يعيد اليه أمله في البقاء.
تاريخياً، لطالما أثّرت شؤون منطقة الشرق الأوسط وبمقدار كبير على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية، وغالبًا ما كانت تصورات الناخبين مؤثرة على فرص المرشحين، ومن الأمثلة التاريخية:
– التأثير على الرئيس جيمي كارتر:
– أزمة رهائن إيران 1979 والانتخابات في عام 1980.
– احتجاز 52 ديبلوماسيًا ومواطنًا أميركيًا في طهران لمدة 444 يومًا، الأمر الذي أضرّ بشدّة برئاسة كارتر الذي عجزعن حلّ الأزمة بسرعة وبفعالية، ما تسبّب له فقدان الثقة العامة به. وشكّلت الأزمة عاملاً اساسياً في فوز الرئيس رونالد ريغان في انتخابات عام 1980، وفشل كارتر الذي أظهر ضعفاً في السياسة الخارجية.
– التأثير على جورج بوش الأب:
– حرب الخليج والانتخابات في عام 1992.
– تعزيز وضع جورج بوش الأب الذي نجح في البداية بإدارة حرب الخليج عام 1991 وتمّ طرد القوات العراقية من الكويت، الامر الذي عزّز شعبيته. ولكن على رغم من النجاح العسكري، طغت القضايا الاقتصادية المحلية في النهاية على إنجازاته في السياسة الخارجية، مما ساهم في خسارته أمام الرئيس بيل كلينتون في انتخابات عام 1992.
– التأثير على جورج بوش الابن:
– هجمات 11 أيلول والانتخابات في عام 2004.
– هجمات 11 أيلول 2001 الإرهابية أثّرت في العمق على الولايات المتحدة وسياساتها. وردّ بوش القوي، بغزو أفغانستان والعراق الذي حصل في البداية على دعم واسع. وخلال انتخابات عام 2004، كانت مسألة الأمن الوطني قضية رئيسية، وساعدت قيادة بوش في الحرب على الإرهاب في إعادة انتخابه ضدّ منافسة جون كيري، الذي واجه صعوبة في تحدّي سجل بوش في التعامل مع الإرهاب.
– حرب العراق والانتخابات في عام 2008
– تأثير على الحزب الجمهوري: الحرب الطويلة وغير الشعبية بنحو متزايد في العراق أثرت بمقدار كبير على انتخابات عام 2008.
– التصور أنّ الحرب كانت مكلفة وذات إدارة سيئة، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي، أضعفا الحزب الجمهوري. اما الرئيس باراك أوباما، الذي عارض الحرب على العراق، استفاد من إرهاق الجمهور من الحرب والرغبة في التغيير، وهزم منافسه جون ماكين.
– داعش والانتخابات في عام 2016
– التأثير على إرث أوباما والمرشحين الديموقراطيين:
– صعود «داعش» خلال فترة ولاية أوباما الثانية خلق تصورًا عن عدم كفاية السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. فكانت القضية الأبرز خلال انتخابات 2016، حيث انتقد دونالد ترامب تعامل أوباما وهيلاري كلينتون مع «داعش» وسياسات الشرق الأوسط الأوسع.
– وعد ترامب باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الإرهاب والجماعات الإسلامية المتطرفة، ما لاقى صدى لدى الناخبين القلقين في شأن الأمن الوطني.
ـ الاتفاق النووي الإيراني والانتخابات في عام 2020
– قضية مثيرة للجدل: خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) مع إيران التي تمّ التفاوض عليها خلال رئاسة أوباما وتخلّى عنها ترامب، شكّلت موضوعًا مثيرًا للجدل في انتخابات 2020.
– وعد الرئيس جو بايدن بالعودة إلى الاتفاق إذا امتثلت إيران لشروطه كان جزءًا من انتقاده الأوسع لسياسة ترامب الخارجية. الأساليب المختلفة تجاه إيران أبرزت التباين الواضح بين استراتيجيات السياسة الخارجية للمرشحين، مما أثر على الناخبين القلقين في شأن استقرار الشرق الأوسط وانتشار الأسلحة النووية.
في الخلاصة، غالباً ما تعمل شؤون الشرق الأوسط كاختبار لقدرات المرشحين الرئاسيين في السياسة الخارجية، مما يؤثر على ثقة الناخبين وثقتهم في قدراتهم القيادية. وهذا ما يحصل تماماً حالياً في المرحلة الانتقالية التي ستفصل بين ثبات بايدن وتأثير قواه الخارجية، وبين عودة ترامب الواثق من امتلاكه لأدوات اللعب الخارجية المحرّكة لعودته إلى البيت الأبيض.