IMLebanon

وقائع من نقاشات لبنانية مع ممثلي هاريس وترامب

 

لطالما كانت الانتخابات الرئاسية الأميركية شأناً «دولياً» يتجاوز حدود الولايات المتحدة ويستقطب الاهتمام الواسع، ربطاً بدور واشنطن في أزمات العالم وحلولها، على أنّ الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان رفعت منسوب المواكبة العربية عموماً، واللبنانية خصوصاً، لتلك الانتخابات.

تتجّه أنظار كثير من اللبنانيين إلى الولايات المتحدة لتبيان هوية الفائز في انتخابات الثلاثاء الكبير (اليوم)، ليس فقط من باب الاهتمام بمعرفة من سيكون الرئيس المقبل لدولة كبرى يمتد نفوذها إلى أنحاء مختلفة من العالم، بل لأنّ نتيجة الانتخابات الأميركية ستترك انعكاسات على مستقبل الوضع في الشرق الأوسط، وقد تؤثر مباشرة في مسار الحرب الإسرائيلية على لبنان، لجهة إما استمرارها وإما الدفع نحو إنهائها.

 

من هنا، يشعر اللبنانيون أنّهم باتوا معنيين بالاستحقاق الرئاسي الأميركي كما لو أنّه استحقاق لبناني، خصوصاً انّ المساعي الديبلوماسية لإنهاء العدوان توقفت في انتظار تظهير صورة الرئيس الجديد وإدارته المقبلة، وسط تكهنات متباينة حول طبيعة السيناريو المرجح في حالة فوز كامالا هاريس او دونالد ترامب.

وإذا كانت المعركة الرئاسية بين هاريس وترامب تستحوذ على اهتمام الداخل اللبناني، فإنّ الأميركيين من أصل لبناني في الولايات المتحدة هم على تماس مباشر مع هذه المعركة، ومؤثرون فيها، وليسوا مجرد مراقبين لها او شهود عليها.

ولئن كان من البديهي ان يتوزع جانب من اصوات الجالية اللبنانية ـ الأميركية بين المرشحين الاثنين، الاّ انّ جزءاً آخر سيُحجب عنهما معاً، بعدما قرّرت شريحة واسعة من «ناخبي» ولاية ميتشغان، حيث يتركّز «الحضور الشيعي»، على عدم التصويت لكل من ترامب وهاريس بسبب تنافسهما على دعم الكيان الإسرائيلي.

ويكشف المتحمسون لخيار مقاطعة الإسمين انّهم التقوا ممثلين عن حملتي هاريس وترامب في محاولة لانتزاع ضمانات منهم بالكفّ عن دعم نتنياهو في حربه على غزة ولبنان، وباعتماد سياسات اكثر توازناً في الشرق الأوسط، لكن محاولتهم أخفقت، فقرّر المؤيّدون لخيار المقاومة، ضمن الجالية اللبنانية من أصحاب الجنسية الأميركية، الامتناع عن التصويت لهاريس وترامب كنوع من الاحتجاج على نهجهما.

وخلال لقاء مع مديرة حملة هاريس الانتخابية، خاطبتها إحدى الشخصيات الفاعلة في الجالية بالقول: «أنتم غيّرتم الحصان فقط (هاريس بدلاً من بايدن) أما من يمتطيه فلا يزال نفسه وهو بنيامين نتنياهو».

وأضافت هذه الشخصية متحدثة إلى ممثلة مرشحة الحزب الديموقراطي: «انّ هاريس لم تعطِ أي إشارة واضحة إلى أنّها ستعدل السياسة الخارجية التي تعتمدها حالياً إدارة بايدن، بل هي تردّد في استمرار أنّ لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، في حين انّ نتنياهو يرتكب الإبادة في غزة ويدمّر لبنان تدميراً واسعاً، وهذا ليس دفاعاً عن النفس بل يُصنّف جريمة موصوفة ضدّ الإنسانية».

ولم تكن حصيلة الاجتماعات بقريبين من ترامب أفضل، في ظل الخيار الصريح والمعلن لمرشح الحزب الجمهوري بدعم نتنياهو إلى أقصى الحدود، وصولاً إلى تصريحه قبل فترة أنّ خريطة اسرائيل الحالية ضيّقة ويجب توسيعها.

وأثناء النقاش مع شخصية مسؤولة ضمن حملة ترامب، لفت أحد رموز الجالية انتباهها إلى انّ الإجرام الإسرائيلي لا يحتاج إلى إثبات، «إذ إنّ الناطق باسم جيشهم افيخاي ادرعي يدعو علناً أصحاب المنازل والأبنية إلى اخلائها من أجل تدميرها، وليس هناك دليل أوضح من ذلك على عدوانية الاحتلال الإسرائيلي».

 

وما يعزز أزمة الثقة في ترامب، هو أنّ الأميركيبن من أصل لبناني، ضمن الأوساط المناصرة للمقاومة في الجالية، كانوا قد اقترعوا له بكثافة خلال انتخابات عام 2016 خصوصاً في ولاية ميتشغان، في مواجهة منافسته آنذاك هيلاري كلينتون، وذلك على أمل أن يكون أفضل ممن سبقه، لكنهم فوجئوا بأنّه، وبعد وصوله إلى سدّة الرئاسة، أصدر الأوامر بقتل قاسم سليماني، ونقَل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، واعترف بضمّ الجولان المحتل إلى الكيان الاسرائيلي، وحاول اعتماد «صفقة القرن» على حساب القضية الفلسطينية.

ويشير المحبطون من تجربتي بايدن وترامب إلى انّ القانون الأميركي يؤكّد وجوب معاقبة كل من يستخدم السلاح الأميركي ضدّ المدنيين «إلّا أنّ مفاعيل هذا القانون لا تسري على نتنياهو الذي يفعل ما يريد، برعاية وشراكة الإدارة الأميركية اياً تكن هويتها».