رغم كل الايجابية التي تم ضخها خلال الاسبوع الماضي عن قرب التوصل الى هدنة في غزة تؤسس لنهاية الحرب، بعد الموقف التكتيكي الجديد لحركة حماس المرتبط بالوقف النهائي لاطلاق النار، يبدو ان السلبية عادت تحيط بالمفاوضات بعد خروج رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو بمجموعة شروط، بدا واضحا انها عراقيل، لتأخير انجاز الاتفاق وصولا الى نسفه.
ويبدو واضحا ان الليونة التي ابدتها حماس احرجت العدو الاسرائيلي الذي تريث قبل الخروج بمبررات جديدة، لنسف الاجواء الايجابية التي أشاعها الوسطاء وابرزهم الطرف الاميركي. وتعتبر مصادر مواكبة عن كثب للمفاوضات، ان اعلان مكتب نتنياهو يوم الاحد عن مجموعة من الشروط للتجاوب مع الجهود المستجدة، وابرزها “إتاحة مواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب، ومنع تهريب الأسلحة إلى حماس عبر الحدود بين غزة ومصر، من خلال بناء حاجز تقني على الحدود مع مصر، بزعم “منع تهريب الأسلحة منها للقطاع، وعدم السماح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة، وزيادة عدد المحتجزين الأحياء الذين ستشملهم عملية التبادل المرتقبة”، كل هذه الشروط تهدف الـى “تفخيخ المفاوضات استعدادا لتفجيرها”.
ويُدرك نتنياهو ان صبر الرئيس الأميركي جو بايدن وادارته بدأ ينفد منه، خاصة في ظل التعثر الكبير الحاصل في معركته الانتخابية، وبحثه عن حبال يتمسك بها لانتشاله من تخبطه واعادة انعاش حظوظه. وتُعتبر الهدنة في غزة ورقة اساسية يعمل بايدن على الاستحواذ عليها، باعتبارها حبلا متينا يمكن الاتكاء عليه لاجتذاب ملايين الاصوات المسلمة. وعن هذا تقول المصادر: “يعلم نتنياهو تماما ان بين يديه ورقة اساسية يريدها بايدن… فهل يعطيه اياها مجانا، وهو الذي يدعم عودة دونالد ترامب الى البيت الابيض؟ هذه نقطة يفترض التوقف عندها طويلا”.
وتضيف المصادر “صحيح ان رئيس الحكومة “الإسرائيلية” يتعرض لضغوط منهكة في الداخل “الاسرائيلي”، سواء من قبل اهالي الاسرى او من قبل الجيش، لكنه يعتقد انه لا يزال يمتلك هامشا للمناورة، وما دام هو قادرا على تأخير انجاز الاتفاق مع حماس خدمة لترامب بوجه نتنياهو، فهو سيواصل هذا التكتيك”.
ويرجح معنيون بالملف ان يستمر نتنياهو في وضع العراقيل بوجه الوسطاء، حتى انتهاء زيارته الى واشنطن المرتقبة في 24 تموز الحالي لإلقاء كلمة في الكونغرس بشأن الحرب في غزة، على ان يتخللها لقاء مع بايدن. ويعلم رئيس وزراء العدو ان نسف المحاولة الجديدة للوصول الى هدنة في غزة قبل هذا اللقاء، سيعني مواجهة مباشرة مع بايدن لا يريدها، لكنه يستعد لها بعد عودته الى “تل أبيب”.
وتشير المصادر الى ان “مطلع آب هو كخط احمر أبلغت الادارة الاميركية نتنياهو به منذ فترة، لجهة وجوب انجاز اتفاق الهدنة قبل ذلك”، لافتة الى ان “المؤشرات الحالية لا توحي انه سيرضخ لهذه التعليمات، وانه جاهز ليغامر في علاقته مع بايدن لقناعته ان ترامب تقدم عليه بأشواط بعد المناظرة الاخيرة… ولكن السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه “الى اي مدى يستطيع نتنياهو ان يستوعب بعد الضغوط الداخلية “الاسرائيلية”؟ وهل يجازف في انقلاب الجيش عليه”؟
ومن المتوقع أن يعقد اليوم الأربعاء في الدوحة لقاء يجمع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات “الإسرائيلي” (موساد) ديفيد برنيع، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في اطار المفاوضات الناشطة والتي تفعلت مجددا مطلع هذا الاسبوع على ضوء الرد الاخير لحماس.