مسعى روسي لإجتماع رباعي في باريس ومناقشات الكونغرس كشفت ملاحق سرية لإتفاق فيينا
خريطة طريق أميركية لسوريا ولبنان مقسّمين وفرنسا تتحوّط : حلٌّ لبناني أولاً
باريس مقتنعة أن الحل اللبناني أكثر يسراً بين تعقيدات أزمات المنطقة
في ايار الفائت، نشر البروفسور نورمن بايلي، وهو استاذ مساعد في مؤسسة السياسات الدولية واستاذ في مركز الامن القومي للدراسات والجيواستراتيجيا في جامعة حيفا الاسرائيلية، دراسة بعنوان «سوريا تتمزق.. فهل يتبعها لبنان؟»، ضمّنها توقعاته لمآل الحرب السورية وتأثيراتها اللبنانية.
ويورد بايلي، المسؤول السابق في مجلس الامن القومي الاميركي بين العامين 1981 و1983، توقعاته، بما يشبه خريطة طريق سياسية – عسكرية لتقسيم سوريا ولبنان، وفق الآتي:
«1-ستنقسم سوريا إلى مقاطعات عرقية/دينية ويختفي كيان الدولة. وستحشد الغالبية السنية مجموعة متنوعة من الفصائل المتحاربة، تتضمن تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وفصائل أخرى بعضها من المتحالفين مع الشرق أو مع دول المعسكر السني. وستحاول الأقلية العلوية حماية نفسها بمساعدة إيرانية. وسينضم الأكراد إلى كردستان العراق.
2- سيتحرك حزب الله نحو المقاطعة العلوية للمساعدة في حمايتها. وستعود بعض قواته إلى لبنان. وستتصاعد الأزمة السياسية اللبنانية وأزمة اللاجئين إلى الحد الذي ربما يؤدي أيضا إلى اختفاء الدولة اللبنانية وتقسيمها إلى جيوب عرقية/دينية تتضمن السنة والشيعة والمسيحيين والدروز. وسيتم إحكام السيطرة على السنة والمسيحيين والدروز بين العلويين الموجودين في الشمال وحزب الله الموجود في الجنوب. وقد تصبح بقايا الجيش اللبناني، المسلح بدرجة كبيرة بواسطة كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، بمثابة ميليشيا للمقاطعات غير الشيعية.
3- ربما يتلقى حزب الله أوامر من قادته الإيرانيين من أجل خلق نوع من التضليل عن طريق مهاجمة إسرائيل بالصواريخ من لبنان ومرتفعات الجولان. وسيكون الرد الإسرائيلي عنيفا، وكل هذا من شأنه أن يؤدي إلى أزمة لاجئين أكثر خطورة، تفوق الجهود الإنسانية الدولية.
التدخل المباشر للقوات الإيرانية سيضعها في صراع مباشر مع «الدولة الإسلامية». ومن المحتمل أن يستمر قصف قوات التحالف لـ «الدولة الإسلامية»، مما يفيد إيران والقوى المتحالفة معها. (…) ستكون إسرائيل قادرة على تركيز قوة عسكرية في الشمال».
بعد شهرين من نشر هذه التوقعات المقلقة، اطلّ الجنرال مايكل هايدن، مدير وكالة الأمن القومي الأميركية بين عامي 1999 و2005، ونائب منسق المخابرات في إدارة المخابرات القومية بين عامي 2005 و2006، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الـ CIA بين عامي 2006 و2009، في حديث مع صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، لينشر هو الآخر المزيد من القلق على الوضع المحيط لبنان. توقع هايدن زوال العراق وسوريا بصيغتهما الكيانية الراهنة، واصفا لبنان بـ «الدولة الفاشلة تقريبا».
من الواضح ان ثمة تشاؤما اميركيا على مستوى مراكز الابحاث والدراسات حيال الوضع في المنطقة، وهو تشاؤم قد يخفف منه اتكاء الادارة الاميركية على دور ايراني جاذب في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي.
يقول ديبلوماسي عامل في بيروت ان السباق الغربي نحو ايران، يرمي في اساسه الى استعادة الحضور التجاري – الاستثماري – المالي – النفطي في جمهورية ما بعد اتفاق فيينا، لكنه كذلك يأمل في ان تسهم مجموعة التفاهمات المعلنة والملاحق السرية التي تضمنا الاتفاق.
يذكر ان هذه الملاحق السرية كشفتها صدفة المناقشات الحادة التي شهدها الكونغرس ليل الثلاثاء – الاربعاء، في جلسة مخصصة لمراجعة الاتفاق النووي. اذ أقرّ وزير الخارجية جون كيري، أمام الكونغرس، أنه على علم بمضامين الملاحق الجانبية السرية، لكنه أوضح أن «البنود الإضافية وقّعتها إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كملاحق منفصلة»، وأن «التصنيف السري لمضامينها لا يسمح للخارجية الأميركية بمناقشتها علناً أو حتى الاحتفاظ بنسخ لنصوصها».
ويشير الديبلوماسي الى ان توقعات بأن يتضمن الاتفاق النووي ملاحق سرية، لكنها المرة الاولى التي يعترف فيها مسؤول اميركي رفيع بهذا الامر، لافتا في الوقت عينه الى ان هذه الملاحق تقتصر وفق كيري على الشأن النووي، لكن من غير المستبعد ان تكون قد حملت في طياتها نوعا من انواع التفاهمات السياسية التي طالما كثر الحديث عنها، من مثل تلك التي تعيد انتظام علاقة ايران بمحيطها الخليجي من جهة، وتعيد صوغ تأثيراتها على مستوى المنطقة، بدءا من اليمن وانتهاء بفلسطين، وبينهما لبنان.
ويكشف الديبلوماسي عن فكرة آخذة في التبلور ترعاها موسكو وتقوم على جمع وزراء خارجية روسيا وايران وفرنسا والسعودية في لقاء باريسي يخصص للبنان، في ضوء تزايد المخاطر التي تحيط به، وفي وقت تحذر اكثر من عاصمة من ازمة لاجئين جديدة اشد وطأة بفعل تطورات عسكرية مرتقبة في سوريا.
ويشير الى ان باريس ما زالت على اقتناعها بأن الحل اللبناني هو الاكثر يسرا بين مجموعة التعقيدات والازمات الاقليمية. وفي الكلام الاخير للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعض من التفاؤل، اذ هو وضع ما سماها المشكلة اللبنانية في مقدمة ما على طهران البدء بمعالجته، قبل اليمن وقبل البحرين، من دون ان يأتي على ذكر المسألتين العراقية والسورية. ربما اراد بذلك ان يظهر رغبة فرنسا واصرارها على فصل تعقيدات لبنان عن حرب سوريا، خلافا للاعتقاد السائد بأن لا حل لبنانيا قبل الحل السوري.