مسؤول أوروبي وثيق الصلة بالادارة الاميركية أوضح في جلسة خاصة في باريس ان واشنطن حددت قواعد أساسية لتعاملها مع الأزمة السورية في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي الايراني – الدولي وحرصت على ابلاغ موسكو وطهران إياها. وهذه القواعد الاميركية هي الآتية:
أولاً: ان الرئيس باراك أوباما على اقتناع بأن الانتصار على تنظيم “داعش” والارهاب في سوريا يتطلب انجاز هدفين أساسيين: الأول ابعاد الرئيس بشار الأسد عن السلطة لأنه المسؤول الأول عن جذب الارهابيين الى سوريا ولأنه تواطأ مع “داعش” وساهم في تمويله من طريق شراء كميات كبيرة من النفط الخاضع لسيطرته، استناداً الى معلومات دقيقة بالوقائع والاسماء يملكها الاميركيون والفرنسيون. الثاني ايجاد حل سياسي شامل حقيقي للأزمة مما يتطلب انهاء حكم الأسد ونقل السلطة الى نظام جديد ديموقراطي تعددي يحقق التطلعات المشروعة لجميع السوريين. وهذا النظام سينشأ في اشراف دولي – إقليمي مناسب ومن طريق التفاهم والتعاون بين ممثلين للنظام القائم الراغبين في الحل السلمي وممثلين لقوى المعارضة المعتدلة وأعطى أوباما تعليمات للمسؤولين في ادارته من أجل التحرك على هذا الأساس والسعي الى محاولة تنفيذ هذين الهدفين.
ثانياً: ترغب ادارة أوباما في اشراك ايران في الجهود الديبلوماسية الهادفة الى حل الأزمة، لكنها ترفض أن يتحقق ذلك على أساس مطالب طهران، بل تتمسك مع حلفائها بضرورة أن تنفذ القيادة الايرانية شرطين رئيسيين من أجل الجلوس معها الى طاولة المفاوضات هما: الأول يجب أن تعطي القيادة الايرانية الأولوية فعلاً للعمل مع الدول المؤثرة من أجل انقاذ سوريا وانهاء مأساتها المريعة وليس من أجل محاولة انقاذ النظام الذي وصل الى نهاية الطريق والمسؤول الأول عن الكوارث في هذا البلد. الثاني يجب أن تقبل القيادة الايرانية بالتفاوض على أساس ان حل الأزمة يتطلب تنفيذ بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 وليس ان تطرح مشاريع وافكاراً تتناقض مع مضمون هذا البيان الذي تبناه مجلس الأمن والذي تدعمه كل الدول المعنية بالأزمة باستثناء ايران. وتطلب صيغة جنيف نقل السلطة الى نظام جديد ديموقراطي تعددي وتشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام وللمعارضة تمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتخضع لها الأجهزة العسكرية والأمنية وباقي مؤسسات الدولة وتحكم سوريا موقتاً وتصدر دستوراً جديداً وتنظم انتخابات نيابية ورئاسية تعددية حرة وشفافة في اشراف الأمم المتحدة تمهيداً لقيام السلطات الجديدة. وقد رفضت القيادة الايرانية حتى الآن صيغة جنيف، لكنها لن تكون شريكاً في المفاوضات إذا لم تقبل بعملية نقل السلطة الى نظام جديد.
ثالثاً: ترفض ادارة أوباما مع حلفائها اقتراح الرئيس فلاديمير بوتين قيام تحالف دولي – إقليمي جديد لمحاربة “داعش” والارهابيين يضم اميركا وروسيا ودولاً مؤثرة أخرى ويتعاون مع النظام وهذا مرده الى ثلاثة عوامل هي الآتية: الأول ان النظام فاقد الشرعية بالنسبة الى الغالبية العظمى من دول العالم وهو مسؤول عن جذب الارهابيين الى البلد ويتعامل مع الثوار والمعارضين على أساس انهم ارهابيون، وأي تعاون معه يعني دعم حربه ضد الشعب المحتج الذي ثار عليه، وهذا مرفوض كلياً. الثاني ان التعاون مع النظام السوري يمنع تنفيذ الحل السياسي الشامل الحقيقي للأزمة ويطيل الحرب. الثالث ان الحرب على الارهاب ليست هدفاً في ذاتها بل انها جزء من عملية واسعة لانقاذ سوريا تتطلب أساساً انهاء حكم الأسد وقيام نظام جديد تعددي يضمن الحقوق المشروعة لكل مكونات الشعب ويوقف الاقتتال. وطرح الاميركيون على الروس اقتراحاً بديلاً من مشروع بوتين ينص على العمل معاً من أجل تشكيل هيئة حكم انتقالي من ممثلين للنظام والمعارضة تتسلم السلطة موقتاً وتمهد لقيام تعاون بين القوات العسكرية والأمنية الخاضعة لهيئة الحكم وقوى المعارضة المسلحة المعتدلة من اجل محاربة “داعش” والارهابيين. وشدد الاميركيون في اتصالاتهم مع الروس على ان مشروع بوتين سيفشل وان الحل المناسب يتطلب خوض حرب ضد الارهابيين في ظل قيادة شرعية جديدة وتركيبة حكم مختلفة تبعد الأسد والمرتبطين به عن السلطة.