IMLebanon

العُقوبات الأميركيّة والضُغوط الفرنسيّة غيّرت شُروط اللعبة

 

حُكومة أديــب بانـتـظار تــنــازلات مُتعدّدة… تجنّباً للإنهيار الكامــل !!

منذ مطلع شهر أيلول الحالي حتى الأمس القريب، طُرحت أسئلة عدّة من دون أن تلقى إجابات شافية، وتمّ التداول بتساؤلات مُتعدّدة من دون قُدرة أيّ جهة على فهم ما يجري بالضبط، على صعيد ملفّ تأليف الحُكومة. لكن في الساعات القليلة الماضية، بدأت الصُورة تتضح أكثر فأكثر، وإقتربت ساعة الحسم. فهل ستُبصر حُكومة الدُكتور مُصطفى أديب النور، أم أنّ رئيس الحُكومة المُكلف سيتخلّى عن هذه المُهمّة؟

 

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ ما يجري حاليًا في لبنان مُختلف تمامًا عمّا كان يجري في السابق، عشيّة تشكيل الحُكومات. وأوضحت أنّه إذا كان صحيحًا أنّ التدخّلات الخارجيّة كانت حاضرة دائمًا في السابق عند «ولادة» مُطلق أيّ حُكومة، فإنّ الأصحّ أنّ هذه التدخّلات مُختلفة اليوم عن الأمس. وأشارت في هذا السياق، إلى أنّ العُقوبات الأميركيّة، لا سيّما تلك التي تُلوّح واشنطن بفرضها مُستقبلاً، أكثر منه تلك التي أعلنتها أخيرًا تأكيدًا على جديّتها، فعلت فعلها في تغيير شُروط اللعبة، شأنها في ذلك شأن الضُغوط الفرنسيّة الكبيرة، والتي تترافق مع مُتابعة حثيثة ومَفتوحة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون شخصيًا، لملفّ تشكيل الحُكومة في لبنان. وتوقّعت الأوساط نفسها أنّ ينتهي هذا المسار في المُستقبل القريب، بولادة حُكومة جديدة برئاسة الدُكتور أديب، بفعل تنازلات مُتعدّدة قدّمتها وستُقدّمها مُختلف القوى السياسيّة الفاعلة على الساحة اللبنانيّة، وإلا فإنّ الأمور ستأخذ منحى سلبيًا على مُختلف المُستويات.

 

وأوضحت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ «تيّار المُستقبل» الذي يُتهَم حاليًا بأنه يقف خلف كواليس عمليّة التأليف، كان في طليعة مُقدّمي التنازلات، حيث تنحّى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري جانبًا، وأمّن مع تيّاره ومع تجمّع «رؤساء الحكومة السابقين»، الغطاء السياسي والغطاء المَعنوي لرئيس الحُكومة المُكلّف، على الرغم من معرفته أنّ الدُكتور اديب  سيترأس في نهاية المطاف، حُكومة إختصاصيّين مُستقلّين، تمامًا كما كان يُطالب الحريري نفسه، من دون أن يلقى آذانًا صاغية على الساحة الداخليّة، ومن دون أن يحظى بالدعم الخارجي المُؤاتي لدعم هذه الخُطوة في حال كان بموقع القيادة. وعزت السبب إلى أنّ «التيّار الأزرق» يُدرك تمامًا أنّ إستمرار تنازع السُلطة بالشكل القائم، في ظلّ التدهور الإقتصادي والمالي والمعيشي الحالي، سيُوصل لبنان إلى الإنهيار الشامل والكامل في المُستقبل القريب، ما يستوجب المُوافقة على الخُطة الغربيّة للإنقاذ، لأنّه من دونها لن يبقى أيّ مُقوّمات للعودة إلى الحُكم في يوم من الأيّام!

 

ولفتت الأوساط نفسها، إلى أنّ الفريق الثاني الأساسي الذي سيُقدّم التنازلات أيضًا، بحُكم الأمر الواقع المُستجدّ، هو «التيّار الوطني الحُر» الذي سيُوافق في نهاية المطاف، على خروج رئيسه ومن يُمثّله من الحُكومة، وكذلك على فُقدان بعض الوزارات الحسّاسة التي لطالما تمسّك بها خلال العقد الماضي، وذلك لأكثر من سبب، تبدأ بطبيعة الحال بتجنّب الإنهيار، وتمرّ بالرغبة بإنقاذ الثلث الأخير من عهد الرئيس العماد ميشال عون بأقلّ خسائر مُمكنة، ولا تنتهي عند الطُموحات الرئاسيّة لرئيس «التيّار البرُتقالي» والتي يُمكن أن تتكسّر عند عتبة أي عُقوبات قد تُفرض عليه، في حال عدم مُواكبة الخُطة الخارجيّة لإخراج لبنان من عنق الزجاجة.

 

ورأت الأوساط السياسيّة المُطلعة، أنّ العقبة الأبرز أمام عمليّة التشكيل تتركّز حاليًا لدى «الثنائي الشيعي» الذي لا يُفكّر من منظار مصلحي ضيّق ـ كما بعض القوى الداخليّة، بل من منظار إستراتيجي واسع، يتضمّن بطبيعة الحال الصراع القائم في المنطقة، والضُغط على إيران ومُحاولات خنق «محور المُقاومة»، ومساعي إحراج حزب الله لإخراجه. وتوقّعت الأوساط أن تنجح الجُهود القائمة في نهاية المطاف، في إقناع «الثنائي الشيعي» بأنّ الخسائر التي ستلحق به في حال تشكيل حُكومة لا تتمتّع بأيّ ثقل سياسي، هي أقلّ من الخسائر المُتعدّدة التي ستلحق به وبسواه، في حال سُقوط فرصة تشكيل حُكومة جديدة، أو في حال قام برفع ورقة «الميثاقيّة» بوجهها. وأضافت أنّ العمل جار حاليًا لتدوير الزوايا في ما يخصّ وزارة المال و«التوقيع الشيعي» بشكل خاص، بالتزامن مع مُعالجة مطلب تمثيل الحزب في السُلطة التنفيذيّة، في ظلّ إمتعاض «الثنائي» من مُحاولة بعض قوى الأقليّة النيابيّة، إستغلال الضُغوط الخارجيّة لتحقيق مكاسب أمر واقع في الحُكومة وعلى مُستوى التوازنات في البلاد، وهو ما لم يُمكن القُبول به.

 

وتوقّعت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ تتوالى خلال الساعات والأيّام القليلة المُقبلة، حركة الإتصالات الداخليّة المُواكَبة من الخارج بشكل لصيق، لتذليل العُقد القائمة، بالتزامن مع زيادة الكتل النيابيّة التي تتجه لمنح الحُكومة المُقبلة الثقة – في حال ولادتها كما هو مُخطّط لها، حيث يتردّد أنّ كلاً من «المُستقبل» و«الإشتراكي» سيُصوّتان لصالحها، إضافة إلى «القوات» التي ستمنحها الثقة تحت عنوان إلتزام رئيسها بمطلب «القوات» بحكومة حياديّة – في حال خلت من السياسيّين. والأهمّ أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» سيمنح الحُكومة المُقبلة الثقة أيضًا، إنطلاقًا من مبدأ الواقعيّة السياسيّة، بحيث تُصبح كُرة ولادة الحُكومة المُقبلة من عدمه، وكرة نجاح هذه الحكومة من عدمه، في يد «الثنائي الشيعي» الذي ستؤثّر وجهة تصويته على مسيرة الخُطة الإنقاذية الخارجيّة المُرسومة للبنان.

 

وختمت الأوساط نفسها كلامها بالتحذير من أنّه في حال لم تمرّ حُكومة أديب، أكان بسبب إعتذار الرئيس المُكلّف عن مُتابعة مهمّته، أو بسبب رفض رئيس الجُمهورية توقيع مراسيمها، أو بسبب عدم نيلها ثقة مجلس النوّاب، أو لأي سبب آخر… فإنّ لبنان مُقبل على سقطة إضافية أشدّ عُمقًا من السقطات المُتتالية التي لحقت به، منذ «ثورة» 17 تشرين الأوّل الماضي، مُرورًا بإنفجار المرفأ في 4 آب الماضي، وُصولاً إلى اليوم، بشكل قد لا يكون معه الوُقوف مُجدًدًا مُمكنًا!