أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الجمعة، فرض عقوبات على رئيس «التيار الوطني الحرّ»، وصهر رئيس الجمهورية جبران باسيل. وقال وزير الخزانة الأميركية ستيڤن منوتشين: «إنّ الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني، الممثل في باسيل، ساعد في تقويض وجود حكومة فعّالة.
وبموجب العقوبات سيتم تجميد كل الأصول في الولايات المتحدة العائدة لباسيل. كما طلبت الخزانة الأميركية من المصارف اللبنانية التي تجري تعاملات بالدولار الأميركي تجميد كل أصوله في لبنان.
العقوبات بحد ذاتها، ليست جديدة، لكن اللافت فيها أنها تتزامن وفي كل مرة تفرض فيها على لبنانيين، مع تشكيل الحكومات اللبنانية… فهل هذا التزامن بريء فعلاً؟!!
أعود الى العقوبة المفروضة على باسيل، صهر رئيس الجمهورية المدلل، ورجل العهد القوي، والذي اعتاد منذ عودة عمّه الجنرال من فرنسا عام 2005 بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، أن يكون له في كل «عرس قرص»… فعند تشكيل أي حكومة يكون باسيل هو المشكلة والعقدة والمعرقل… حتى أنّ تشكيل بعض الحكومات استغرق أشهراً وأكثر.
هذا ما كان يحصل ولا يزال… فعند تشكيل حكومة جديدة يصرّ الجنرال على تسمية «الطفل المعجزة» وزيراً في وزارة يرفض إلاّها حتى ولو أدّى ذلك الى بقاء البلد بلا حكومة.. والأنكى من ذلك أنه ترشح للانتخابات مرتين ورسب، ولولا قانون إنتخابي فُصّل على قياسه لما دخل البرلمان قط.
تاريخ باسيل في الحكومات طويل ومعروف، فعند تسلمه وزارة الاتصالات وظف أكثر من 500 موظف من جماعته في شركة ألفا ALFA «فكسر ميزانيتها» كرمى لعيني الصهر الذي يحتاج الى أصوات هؤلاء في الانتخابات.
وتاريخه في وزارة الطاقة برهان ساطع، وعد بالكهرباء 24 على 24… وظلت مواعيده مواعيد عرقوب، حبراً على ورق، لقد كبّدت الكهرباء الدولة ما لا يقلّ عن 47 مليار دولار خسائر، من دون «طعم» ولا فائدة، أي ما يقارب نصف الدين العام.
هنا أحب أن أذكّر برفض باسيل مكرمة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد رحمه الله، والذي كان أرسل رئيس الصندوق الكويتي لتأمين الكهرباء في لبنان بشكل دائم، لكن الصهر العزيز رفض ذلك لأنه الصندوق الكويتي لم يكن ليسمح له بأخذ عمولات وسمسرات.
وأعود الى العقوبات الاميركية على باسيل، فإنّ لهذه العقوبات طابعين: سياسي ومالي.
إنّ الهدر الذي حصل في عهد عون وصهره المدلل، لم يخطر على بال أحد… كان الاميركيون يمنّون النفس عند انتخاب عون، بأن يعمد الجنرال الى إقناع «حزب الله» بالعودة الى لبنان فريقاً سياسياً مشاركاً في بناء الوطن… لكن ما حصل كان عكس ذلك.. فقد ذهب الجنرال الى إيران مصطحباً باسيل معه تصوّراً منه أنّ طريق إيران تفتح له أبواب قصر بعبدا.. وها هوذا باسيل يتنقل في أرجاء بيته، وبات حلم الوصول الى بعبدا وهماً وضرباً من الخيال.
أعود الى تزامن العقوبات مع تشكيل الحكومات في لبنان، لأقول: عند استعداد الدكتور مصطفى أديب لتشكيل حكومة خلفاً لحكومة ذياب جاءت العقوبات الاميركية على الوزيرين علي حسن خليل ووزير الأشغال يوسف فنيانوس.. ما فرط عقد الحكومة..
وها نحن اليوم نرى العقوبات ودولة الرئيس سعدالدين الحريري يكاد ينجح في تأليف الحكومة العتيدة، فهل جاء هذه العقوبات لتعقّد الأمور؟
نحن على ثقة من أنّ الرئيس الحريري قادر على تجاوز الأزمة، ولكن علينا الإنتظار ترقباً لأي مفاجأة قد تحدث.