يفترض ألا يغتبط بعض خصوم جبران باسيل كثيراً للعقوبات عليه.
ينتظر أن يلحق به جزء من هذا البعض لأن اللائحة طويلة وفق قانون ماغنتسكي. يقول متصلون بوزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين إن اللائحة تضم 100 إسم من الذين جُهّزت إضباراتهم سواء تحت بند التعاون مع “حزب الله” أو تحت عنوان قانون “قيصر” الذي يحظر التعاون مع النظام السوري، أو تحت عنوان الفساد وحقوق الإنسان وفق قانون ماغنتسكي، على رغم أن مصدراً أميركياً قال قبل يومين أن العدد 23 إسماً.
المطالعة التي قدمها باسيل أمس وجميع الذين تضامنوا معه بأن العقوبات سياسية، ليست اكتشافاً. لكن آلية اتخاذ القرار بشأنها في واشنطن تخضع لغربلة جهات عدة تستقصي عن المستهدفين، بدءاً بالخزانة، مروراً بوكالة الاستخبارات، والخارجية، انتهاءاً بالبيت الأبيض. وملف كل شخص تطلع عليه الجهات المذكورة، ولا يتخذ القرار النهائي إلا بعد تولي فريق محامين تتعاقد معهم الإدارة، دور الدفاع عن الشخصية التي ستستهدف من أجل التأكد من أن لا ثغرات قانونية تتيح لهذه الشخصية مقاضاة وزارة الخزانة وتدحض الاتهامات التي على أساسها تعاقب. فإذا برهن المحامون الثغرات، لا تصدر العقوبة. استطراداً يمكن لباسيل أو غيره اتباع المسار القانوني الذي سبق أن اتبعه بعض الذين أُخضعوا للعقوبات وحصلوا على أحكام بالبراءة.
المطالعة السياسية لباسيل أمس أعادت إلى الأذهان الخطاب العوني للعام 1989 عن المؤامرة الكونية على الجنرال، متحدثاً عن الاغتيال السياسي الذي يتعرض له والمظلومية الطائفية، مستدرجاً عطف العصب المسيحي. أعاد الالتصاق بـ”حزب الله” في تفسيره للعقوبات عليه، على أنها لتحالفه معه، متوقعاً ثمناً منه على هذه “التضحية”، على رغم أن رسائله سلكت اتجاهات متناقضة. فهو خاطب إسرائيل بتكراره استعداده للسلام معها وكلامه عن أهمية ترسيم الحدود البحرية، وأبلغ الرئيس المكلف تأليف الحكومة بأنه لا حكومة إلا وفق المرتكزات التي يراها هو، خلافاً لمعايير سعد الحريري، غير آبه كالعادة بالانهيار المالي الاقتصادي جراء استمرار الفراغ. وأخيراً لا آخراً، خاطب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مثلما فعل الرئيس عون حين هنّأه آملاً “بإعادة التوازن” إلى العلاقة بين البلدين. وهناك من يقول إن باسيل لم يكترث للتحذيرات الأميركية في المفاوضات معه قبل العقوبات، لمراهنته على أن إدارة دونالد ترامب راحلة، ولن يكون في مقدورها استلحاقه بها. وتوقع أن يقود تولي عون مفاوضات ترسيم الحدود البحرية إلى إتاحة البيع والشراء مع واشنطن، عبر قبول اقتسام الـ860 كلم مربع المتنازع عليها في البحر، من دون أن يتنبه إلى أن الرئيس نبيه بري لعب ورقة الترسيم قبله، مع الإدارة، بعد العقوبات على معاونه وزير المال السابق علي حسن خليل، حين وافق على اتفاق الإطار. وهذا ما دفع عون للتشدد ولتبني الخريطة التي تعتبر أن للبنان حق في 1700 كلم مربع إضافية والتي يدعمها “حزب الله”.
فضلاً عن استحالة الجمع بين الرسائل الباسيلية المتعاكسة، فإن حؤول عون وباسيل دون ولادة الحكومة سيطرح على الحريري خيارات حاسمة، منها أن يقدم لائحته، فيعتذر إذا رفضت.
الانعكاسات ستتوالد. فـ”الخيانات” التي تحدث عنها باسيل واعداً بفصل البعض من تياره ستقلص قاعدة العهد السياسية حكماً.