IMLebanon

هل ستُرحّل العقوبات مع رحيل ترامب؟

 

يُحسب لإدارة دونالد ترامب انّها نفّذت سياسة عقوبات صارمة ضدّ «حزب الله» وحلفائه، وعلى نقيض من ذلك، كانت واشنطن بطيئة في معاقبة القادة السياسيين الفاسدين بعد الانهيار المالي للبلاد. وبعدما واصلت ادارة ترامب حملة عقوبات استهدفت شبكات «حزب الله» المالية، واعتمدت ادارتها منذ 2019 على الصلاحيات الموسعة الممنوحة بموجب قانون تعديل منع التمويل الدولي لـ»حزب الله»، وبعدما مهّدت هذه العقوبات لاحقاً لفرض عقوبات على وزراء سابقين وشخصيات متحالفة مع الحزب، يتساءل اللبنانيون الآن، هل سيتمّ ترحيل هذه العقوبات مع رحيل ترامب؟

الاحتمالات يجيب عن إحداها مصدر ديبلوماسي مطّلع، مؤكّداً أنّ فرض العقوبات الاميركية لا يبدّله اي تغيير في الادارة الاميركية، ومثالاً على ذلك، العقوبات التي فُرضت على الوزير السابق وئام وهاب في عهد الرئيس بوش الإبن عام 2006، بعد الانفجار الذي اودى بحياة الرئيس رفيق الحريري، ولم تُلغَ حتى اللحظة.

 

في المقابل، ترى المصادر نفسها، انّ الامر لا يعني انّه لا يمكن الغاء تلك العقوبات ضمن شروط محدّدة. ووفق تلك المصادر، فالعقوبات هي اجراء قضائي، يُّفصَّل لخدمة مسار سياسي، وعندما تَفرض اللحظة السياسية الغاء العقوبات يتمّ الغاؤها، ويتمّ رفعها كما تمّ وضعها. امّا بالنسبة الى خارج الإطار السياسي، فلا بدّ من ان تخضع الشخصية المُعاقَبة للمحاكمة.

 

في هذا السياق، يُطرح تساؤل مثير للجدل وتُرسم حوله احتمالات وسيناريوهات عدة، فهل تتقيَّد حركة الشخصيات المُعاقَبَة نتيجة العقوبات الاميركية؟ بمعنى آخر، هل تعوق تلك العقوبات تنقلاتهم عبر المطارات الاوروبية وحتى العربية؟ أو هل من مخاطر محدقة او احتمالات لتوقيف تلك الشخصيات خلال اسفارها، عبر مطارات البلدان التي يقصدونها لغايات او لأخرى، على إثر تلك العقوبات الاميركية؟

 

المصدر نفسه يشير الى انّه ليس بالضرورة ان يتمّ توقيف الشخصية الصادر في حقها عقوبات اميركية، خصوصاً اذا كانت هذه العقوبات ادارية او تقييدات مالية، مثل تلك التي صدرت في حق بعض الوزراء اللبنانيين السابقين، والتي لا تستوجب التوقيف، إن صح التعبير، اي انّها لا تمنع صاحبها من السفر، كما لا تستدعي توقيفهم في المطارات، بل هي تمنعهم حصراً من فتح حسابات مصرفية او تملّك بطاقات ائتمان وما شابه…

 

اما في حال انتقال تلك الشخصيات عبر مطارات العالم، فليس بالضرورة ان يتمّ توقيفها على إثر تلك العقوبات، إلّا إذا كانت الدولة الاميركية فرضت التوقيف، الّا انّ هذا الامر مستبعد، بحسب المصدر نفسه، مشيراً إلى حالة ثانية تجيز التوقيف، وهي صدور حكم قضائي عن المحكمة الأميركية، تنص على ضرورة التوقيف، فيتمّ إبلاغ الانتربول الدولي بقرار توقيف تلك الشخصية في مختلف مطارات العالم.

 

وفي السياق، يؤكّد المحامي الدكتور بول مرقص رئيس منظمة JUSTICIA ان ليس هناك ما يُسمّى «ترحيل عقوبات مع رحيل الرؤساء»، او مع انتهاء ولايات رئاسية، بل أنّ هناك خطاً بيانياً مستمراً للعقوبات لا يتغيّر مع تغيّر الادارات الاميركية، إنما قد يتغيّر الأسلوب، او ربما الوتيرة، ولأنّ هذه العقوبات في الولايات المتحدة منبثقة من قانون «قانون قيصر» وقانونَي مكافحة «حزب الله»، عام 2015، وعام 2018، وقانون مكافحة الفساد وحقوق الإنسان Global Magnitsky، وغيرها من القوانين العابرة للحدود… وهذه القوانين تُلزم الادارة الاميركية بوكالاتها واجهزتها المختصة بتنفيذها، ولا سيما منها وزارة الخزانة، وتحديداً مكتب مراقبة الاصول والموجودات الاجنبية في الولايات المتحدة الاميركية وFincen وهاتان الوكالتان او بالاحرى هذان المكتبان مُلزمان بالتطبيق، فلا تتأثر العقوبات جذرياً وجوهرياً بتغيّر الإدارة الأميركية.

 

من جهة أخرى، يؤكّد مرقص، أنّ حركة تنقّل الشخصيات الصادر في حقها عقوبات اميركية، هي بالطبع مقيّدة ومحفوفة بالمخاطر، وتتأثر حكماً بالعقوبات، لأنّ الولايات المتحدة الاميركية تربطها اتفاقات وتفاهمات للتعاون القضائي والأمني مع بلدان غربية واوروبية وحتى عربية. والمثال على ذلك، توقيف السيد تاج الدين في مطار كازابلانكا في المغرب، وتمّ اقتياده من مطار كازابلانكا الى الولايات المتحدة الاميركية، لأنّ اسمه كان مدرجاً على لائحة الـ «اوفاك».

 

ويرى مرقص، ان تنقّل كل من هو مدرج على لوائح العقوبات في مطاري «هيثرو» او «شارل ديغول» او حتى في المطارات التي ترتبط دولها بتفاهمات واتفاقات مع الولايات المتحدة، هو تنقّل محفوف بالمخاطر.

 

العقوبة شيء والتوقيف شيء آخر؟

 

في المقابل، يلفت مرقص، الى انّ «ليس كل من تمّ إدراج اسمه على لائحة العقوبات يتمّ التعامل معه بالآلية نفسها، بل بحسب ملفات الشخصيات التي صدرت في حقها عقوبات، ولهذا لا يمكن الجزم اليوم، في أنّ هذه الشخصية او تلك سيتمّ توقيفها ام لا». ويرى، انّ «من الصعب معرفة الامر، لأننا نجهل تفاصيل ومضمون الملفات المختلفة، والتي ما زال معظمها غير معلن، لذلك لا يمكن التكهن بالأمر، فكل ملف قضية على حدة، علماً انّ العقوبات التي فُرضت على الوزراء السابقين هي عقوبات ادارية عموماً وليست قضائية «وتجدر الاشارة الى ثلاث حالات يتمّ فيها رفع العقوبات أو الغاؤها»:

1- القانون الاميركي الذي يجيز للرئيس فقط رفع العقوبة اي «العفو الرئاسي».

 

2- مقتضيات الامن القومي.

 

3- تغيّر جذري في سلوكيات الشخصية المُعاقَبَة.

 

هذا على مستوى العقوبات الادارية. أما في حال لجأت الشخصية المُعاقبة الى تقديم دعوى امام المحاكم الاميركية ضدّ «اوفاك» (مكتب مراقبة الاصول والموجودات الاجنبية التابع لوزارة الخزانة الاميركية)، فإنّه وفي السنين الماضية، لم تعد «اوفاك» ترفع تلقائياً الأسماء إلّا نادراً، ليصبح المدرجون على لوائح العقوبات مضطرين غالباً الى اقامة دعاوى امام القضاء الاميركي.