تحاول الدول الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية تجميد الوضع اللبناني حتى موعد الإنتخابات النيابية، كي لا يقع الإنهيار الكبير ويطير الإستحقاق المنتظر.
وتطبيقاً لهذا المبدأ، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تراهن على دور الجيش اللبناني وتحاول تحصينه قدر الإمكان من العواصف السياسية والمالية الداخلية، وقد برزت زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى واشنطن كدلالة على مدى الثقة الأميركية بقائد الجيش، والذي ترتفع حظوظه الرئاسية في هذه المرحلة، وبإصرار واشنطن على صون هذه المؤسسة من الأخطار الداهمة.
من جهة ثانية، تواصل واشنطن ضغطها على “حزب الله” وأجنحته، ما أسقط كل رهان محور الممانعة على أن إدارة الديموقراطيين ستكون أرحم عليهم من الجمهوريين، فكانت النتيجة أن الرئيس الديموقراطي جو بايدن ناعم في الشكل لكنه أكثر قساوة في المضمون.
وتكشف المعلومات أن مروحة العقوبات الأميركية ستتوسّع في المرحلة المقبلة، ففي السابق كانت تتركّز على شخصيات قيادية أو داعمة لـ”حزب الله”، بينما حالياً باتت تشمل كل حلفائه خصوصاً من تلوّث بالفساد وفي الوقت نفسه ضالع في إطلاق يد “الحزب” وتسهيل سيطرته على الحياة السياسية اللبنانية.
وشكّلت العقوبات بمراحلها الأولى على النائب جبران باسيل صدمة كبرى، ما دفع البعض إلى التساؤل إلى أي مدى ممكن أن تصل خصوصاً وأنها لم ترحم أحداً. ويبدو أن نيران تلك العقوبات ستطال أكبر عدد من المقرّبين من دائرة باسيل، في حين أن تيار “المردة” لم يسلم منها بل طالت الوزير السابق يوسف فنيانوس.
وفي السياق، فإن استراتيجية واشنطن بالنسبة إلى ملاحقة “حزب الله” تبدّلت، لأن هناك أطرافاً من بقية الطوائف تساعده في فرض هيمنته وتمويله وتنفيذ سياسته.
ومع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية، يفكّر عدد من المرشحين بالإبتعاد عن باسيل كي لا تصلهم العقوبات، وسط كثرة الكلام عن عزوف إحدى الشخصيات المهمة والمرموقة والمُعتبرة في جبل لبنان الشمالي عن الترشح إلى جانب لوائح “التيار الوطني الحرّ”.
بعد اندلاع إنتفاضة 17 تشرين، ترك تكتل “لبنان القوي” كلاً من النواب شامل روكز وميشال ضاهر ونعمة إفرام وميشال معوّض، وقيل حينها أن ابتعاد كل من معوض وافرام وضاهر هو بسبب تغيّر المزاج الشعبي وأيضاً بسبب الخوف من العقوبات. ولم يسلم المقرّبون من باسيل مثل رجل الأعمال داني خوري وطوني صعب من العقوبات، إضافة إلى أسماء وضعت على اللائحة سابقاً وغير مسموع بها.
وتستقصي الدوائر الأميركية حالياً عن كل شخص يتعامل مع باسيل أو قريب منه لتكتشف مدى انغماسه في فساد الدولة أولاً ومساعدته “حزب الله” ثانياً، ولا يقتصر الأمر فقط على رجال الأعمال والمستشارين بل يصل إلى حدّ المرشحين على لوائحه.
وعلى الرغم من كل محاولات إحتواء الوضع، إلا أن العقوبات ستأخذ مداها في المرحلة المقبلة وستصدر لائحة جديدة قد تُطاول أكبر عدد من حلفاء “حزب الله” والمؤثّرين على الساحة الممانِعة، وهذا الأمر سيخلق مشكلة للوائح باسيل و”التيار الوطني الحرّ” في كل لبنان، خصوصاً وأن هناك رجال أعمال لديهم مصالح في الخليج وأميركا وأوروبا سيتوقفون عن التمويل، كذلك فإن هناك مرشّحين في الداخل ستتمّ الإضاءة عليهم والإستقصاء عنهم، في وقت يكثر الكلام عن عدم قدرة من تُفرض عليهم عقوبات الترشح للإنتخابات المقبلة.