Site icon IMLebanon

العقوبات الأميركيّة: المفترق الخطر

 

العقوبات الأميركية… هل تؤدي الى التعجيل أم الى التعطيل في انجاز الاستحقاق الدستوري؟ هذه المرة قد لا يكون لبنان في مهب الرياح فقط. في مهب النيران أيضاً…

ما صدر عن باربرا ليف (بالتزامن مع اشارات من تلة الكابيتول) «بطاقة سياسية حمراء» في وجه بعض الرؤوس الكبيرة. من سنوات، وواشنطن تراهن على تفكيك «الثنائي الشيعي» من أجل دفع حزب الله الى الزاوية. هكذا يواجه وحيداً سائر القوى السياسية والطائفية ، تالياً الغرق في الوحول اللبنانية.

والحال هذه، لمن يعمل الأميركيون، لمصلحة لبنان أم لمصلحة «اسرائيل»؟ ولكن هل يدرون ما يمكن أن تكون عليه ردة فعل الحزب اذا مضوا في تنفيذ هذا السيناريو، الذي لا يهدد دوره فحسب، وجوده أيضاً؟

باقتضاب، الأميركيون لا يريدون أن يروا سليمان فرنجية في القصر. زيارة دوروثي شيا له في بنشعي لا تعني في اللغة الأميركية المتعرجة والملتبسة، أن الادارة تدعم أو تغض الطرف عن انتخابه، دون أن يكون صحيحاً أن لبنان ليس على الأجندة الأميركية. ثمة متابعة مجهرية لكل التفاصيل، وهي تبعث برسائل واشارات الى من يلوذون بها. هذا ما جعل أصواتهم ترتفع الى ذلك الحد في وجه «الثنائي»، كما في وجه زعيم «تيار المردة».

جهات سياسية من داخل المعارضة، تؤكد أن اتصالات جرت بين مسؤولين أميركيين وجبران باســيل، ووضــعت الرجل بين خيارين : اما أن ينهي علاقاته مع حزب الله، أو ينتهي هو بتفجير الوضع (الهش) داخل «التيار الوطني الحر»، بانشقاق نواب وشخصيات قيادية عنه !!

ولكن هل كان للفرنسيين أن يطرحوا اسم فرنجية، وقبل زيارة البطريرك بشارة الراعي للاليزيه، دون التشاور مع الأميركيين؟ حتى في باريس يقولون ان الأميركيين «يتلذذون باحراقنا»، ولطالما وصفوا الديبلوماسية الفرنسية بـ «الديبلوماسية الميتة» أو «الديبلوماسية الراقصة». وهم يعتبرون أن السعوديين أكثر حضوراً وأكثر فاعلية على المسرح اللبناني من الفرنسيين، الذين يسعون، بما يشبه الهذيان، الى تكريس بقائهم في لبنان كصناعة فرنسية لا كصنيعة أميركية.

ما هو رأي السعوديين؟ أكثر حذراً من الانزلاق الى لعبة الأسماء، لكنهم حددوا المواصفات. رئيس نظيف يكافح الفساد، أي يخوض المواجهة مع الأوليغارشيا التي قادت البلاد الى الجحيم. اذاً، لا بد من رئيس للجمهورية من كوكب آخر. المشهد اللبناني لا يختلف عن ذاك الذي في بلدان عربية أخرى. سقوط المنظومة يعني سقوط النظام كمدخل لسقوط الدولة…

لكن لبنان الآن في حال اللادولة (أو ما بين الدولة واللادولة). فارق شاسع بين الرؤية ـ الاستراتيجية ـ الأميركية، وحيث التماهي الميكانيكي مع الرؤية الاسرائيلية، والرؤية السعودية التي تعنيها بنيوياً، اعادة احياء الدولة في لبنان، مع عودة الاستقرار السياسي والأمني، ناهيك بأن دخول لبنان في الفوضى، لا بد أن تكون له تداعياته الخطرة على الوضع العام في أرجاء المنطقة العربية…

من البديهي، بل من الضروري، التعامل مع الحديث الأميركي عن العقوبات بجدية، دون أن نتوقف عند رأي البعض بباربرا ليف، ووصف أدائها حيال لبنان بـ «ديبلوماسية الأفعى».

واضح أن العقوبات ستتناول رؤوساً من فريق لبناني محدد، ما يعني أن تكون لهذه العقوبات عواقب خطرة، ليس فقط على مسار الأزمة الرئاسية التي ستزداد تعقيداً، وانما على المسارات وعلى العلاقات اللبنانية كافة، دون استبعاد حصول تطورات دموية على الأرض، بالنظر لهشاشة الوضع الراهن بكل وجوهه.

السعوديون يعلمون ذلك. واذ لاحظنا تركيزهم على ديبلوماسية الأيدي الممدودة لاحتواء أزمات المنطقة، لا بد أن يحملهم الكلام الأميركي على تفعيل اتصالاتهم مع الأطراف اللبنانية لتفادي ما هو أسوأ بكثير. هنا يبرز الرهان على اللقاء الخماسي في الرياض لا في باريــس.

المراوحة ان بقيت، وهي الوجه الآخر للتدهور، لا تعني أن أبواب القصر الجمهوري فقط ستقفل ربما الى ما لا نهاية. أبواب الجمهورية أيضاً.

من يريد الانقاذ من القادة اللبنانيين، البحــث عن ذلــك الرئيس بخطوطه المفتوحة مع الداخل ومع الخارج…