Site icon IMLebanon

فشل الاستراتيجية الأميركية ومضاعفات الحرب المذهبية

داعش ليس ظاهرة عابرة، كما تصور الذين ساهموا في انتاجه ويتصور الذين يستسهلون التخلص منه. هذا، أقله، ما يختصره المشهد في العراق وسوريا. وما يتصرف على أساسه التنظيم الأخطر من القاعدة ومن توصيفه بالارهابي التكفيري، والذي وضعه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خانة الخطر الوجودي. فلا هو، في الاطار الفقهي، خارج مفهوم ضيق متطرف ومأزوم للدين ودوره في كل شيء. ولا هو، على خارطة الصراعات، تنظيم سري يديره محور بل لاعب جيوسياسي ألغى الحدود بين العراق وسوريا وأقام دولة الخلافة في مدن وأراض تمتد على نصف مساحة سوريا وثلث مساحة العراق كأنه محور قائم بذاته. فضلاً عن ان الأنظمة والقوى الاقليمية والدولية التي أغراها توظيفه في خدمة أهداف متناقضة لكل منها، تكتشف أنه استخدمها لتحقيق هدف له يتجاوز أهدافها.

وليس قليلاً ما سخر العرب والايرانيون والأتراك وسواهم من استراتيجية الرئيس باراك أوباما لمحاربة داعش عبر اضعافه ثم القضاء عليه خلال ثلاث سنوات. أولاً لجهة الاكتفاء بالقصف الجوي من دون المشاركة بقوات برية. وثانياً لجهة اعطاء الأولوية لضرب داعش في العراق شرط توسيع العملية السياسية للجدية في مشاركة السنّة، والاكتفاء بضربات محدودة في سوريا على أساس ان الوضع فيها معقّد، لكن البدائل من استراتيجيته التي فشلت كان فشلها أكبر، بحيث توسّع داعش وسيطر على الرمادي وتدمر بدل إخراجه من الموصل والرقة ودير الزور.

واذا كان السناتور جون ماكين يرى ان المشكلة في تردد أوباما وتكبيل يديه بالرهان على الاتفاق النووي مع ايران، فان مديرة برنامج الأمن الدولي في جامعة جورج ماسون أودري كيرث كرونين ترى ان الاستراتيجية نفسها هي المشكلة. كيف؟ حسب مؤلفة كتاب كيف ينتهي الارهاب، فان داعش ليس مجرد مجموعة ارهابية ولن توقف تهديده الوسائل التي اعتمدتها واشنطن في محاربة القاعدة. والسبب ان داعش يسيطر على مدن ويحول نفسه ويبني دولة زائفة يقودها جيش تقليدي، بحيث تفشل مواجهته بأساليب محاربة الارهاب ومحاربة التمرد التي أقامت لها الادارة ٢٦٣ منظمة حكومية والتي مارسها بنجاح الجنرال بيتريوس في العراق. وما تقترحه هو سياسة الاحتواء الهجومي التي قد تفتح الطريق نحو خيارات أفضل.

وبالمقابل، فان محاربة داعش الذي هو تنظيم ديني مذهبي بتنظيمات مذهبية لها مضاعفات خطرة وخطيرة، ولو نجحت. فالطابع المذهبي الذي يأخذه الصراع الجيوسياسي يلغي الكثير من معنى الصراع. والحروب الدينية في القرن الحادي والعشرين محنة أكبر من كل المحن في التاريخ.