مع مجيء القائم بالأعمال الأميركي ريشار جونز إلى بيروت وبدئه جولة استطلاعية، تقدم موضوع المساعدات الأميركية للجيش اللبناني إلى الواجهة مجدداً
لا يزال القائم بالأعمال الأميركي الجديد ريشار جونز يقوم بجولات استطلاعية على القيادات السياسية والعسكرية. جونز الذي يعرف لبنان جيداً، يقارن في زيارته بين ما كان يعرفه وما يطلع عليه حديثاً، والمتغيرات التي شهدها لبنان، السلبية منها والإيجابية. ويكاد يكون الثابت في قراءته وتفنيده للوضع اللبناني، هو تأكيده ثبات المساعدات الاميركية للجيش اللبناني. وقد شدّد جونز، في اكثر من لقاء، على مكانة لبنان لدى واشنطن والدول الغربية وضرورة دعم الاستقرار فيه.
وهو كلام يشكّل أهمية في هذه المرحلة الحساسة التي يعيشها لبنان تحت وطأة التجاذبات المحلية والاقليمية، ولا سيما انه يتقاطع مع كلام ديبلوماسيين غربيين يبدون حرصاً على لبنان خصوصاً لجهة تحوله «نقطة انطلاق لهم ولأجهزتهم في التعامل مع دول المنطقة التي تعيش حالياً حالة أمنية مقلقة».
الدعم الاميركي للبنان السياسي ترجم أخيراً ازدياداً في التعاون العسكري. وهذا التعاون يترجم كلما لاحت الفرصة للأميركيين بإظهاره، سواء عبر زيارات حالية، أو مرتقبة، لمسؤولين أميركيين ــــ سياسيين وعسكريين ـــــ للبنان، تضاف الى زيارات جرت أخيراً. لكن عملانياً، يحرص الأميركيون على إظهار حجم مساعداتهم لوجيستياً، سواء عبر المساعدات المباشرة للجيش أو لأجهزته الاستخباراتية.
الدعم الذي سترتفع وتيرته وكميته مرتين وثلاثاً، بحسب مصادر عسكرية، ستظهر مفاعيله تدريجاً، وفي وقت قريب. ففي اللقاء الذي جمع قادة التحالف العربي ــــ الغربي، قبل أسبوع في مدريد، حرص رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال جو دنفورد على تأكيد هذه المساعدات والاستفسار من قائد الجيش العماد جان قهوجي عن فحوى المساعدات التي يطلبها الجيش ولبنان لتعزيز قدراته العسكرية، وخصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب. طرح قهوجي مطالب الجيش وما يفعله، ولا سيما في ضبط الحدود ومكافحة الشبكات الارهابية. علماً أن مكافحة الإرهاب، ولا سيما تحت عنوان ضرب تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة»، كان عنوان المؤتمر الذي استكمل قادة دول التحالف عرضهم للتنسيق بينهم، بعد سلسلة المؤتمرات السابقة.
وما ميّز المؤتمر الأخير أن عرضاً عاماً قُدّم حول الوضع في سوريا والعراق باتخاذ القوى المشاركة، ولا سيما الغربية، قراراً سريعاً بتكثيف ومضاعفة طلعاتها الجوية وعملياتها البرية في البلدين لمحاربة التنظيمين، رغم أن المصطلح الذي يستخدمه قادة هذه الدول هو «داعش». لم يتناول الكلام الغربي ـــــ العربي النظام السوري ومصير الرئيس بشار الاسد، بل انصبّ على كيفية إدارة العمليات المشتركة لمواجهة «داعش» ومساعدة فصائل المعارضة السورية لصدّ هجمات التنظيمات الإرهابية.
كذلك أبدى المشاركون ارتياحهم لما يتحقق في العراق من انجازات على صعيد محاربة «داعش». الا ان عمليات سوريا هي التي استأثرت باهتمام كونها الاكثر الحاحاً. ولم يكن الكلام حول العلميات الروسية إلا من باب الاستعراض العام، ولا سيما في ضوء الاختلاف في وجهات النظر حيال هذا التدخل.
لبنانياً، كان دعم دول التحالف للبنان والأردن من الأولويات، ولا سيما ان البلدين يعانيان من الارتدادات السلبية لحرب سوريا، إن لجهة تأثير وتغلغل التنظيمات الإرهابية أو النازحين السوريين. لذلك تركزت أحاديث قائد الجيش مع الأميركيين والبريطانيين على كيفية ترجمة هذا الدعم وماهية المساعدات وضرورة تفعيلها، في الداخل وعلى الحدود، ولا سيما أن لبنان يخضع لضغط مستمر على الحدود نتيجة العمليات العسكرية في سوريا والتهديدات المتلاحقة من تطور هذه العمليات وإمكان تسلل مسلحي التنظيمات الإرهابية عند أي ثغرة أمنية إلى حدود لبنان، لأن ذلك سيضع لبنان من شماله الى بقاعه تحت خطر شديد. وقد تلقى الجيش تطمينات بالمساعدة وعدم تركه وحيداً في أي تطور من هذا النوع. علماً أن اشارات أيضاً صدرت من روسيا حيال أي نوع من المساعدة يمكن أن تقدمها أيضاً للبنان.
أما الشق الثاني من المساعدات المرتقبة للجيش، أي تلك المتعلقة بالهبة السعودية، فبحسب المصادر لا تزال تنتظر «تسييل» الأموال السعودية. ففرنسا لا تزال تبدي استعداداً للتجاوب والتنفيذ، والمسؤولون الفرنسيون يزورون قيادة الجيش في صورة دورية، والتنسيق مستمر بين بيروت وباريس. لكن العقدة لا تزال في عدم تسييل الأموال السعودية، فيما المسؤولون السعوديون يطمئنون سائليهم بأن الصفقة لا تزال على قيد الحياة.