Site icon IMLebanon

دافعو الضرائب الأميركيون يمولون التوسع العسكري الإيراني

بدأ الأمر برمته مع تحويل وزارة الخزانة الأميركية مبلغ 7.1 مليار دولار إلى المصرف المركزي الإيراني٬ خلال فترة حساسة جرى أثناءها تبادل السجناء وتنفيذ الاتفاق النووي المبرم الصيف الماضي لتسوية خلاف قائم منذ أمد بعيد حول مشتريات إيران من الأسلحة يعود لما قبل ثورة عام 1979.

على مدار شهور٬ لم يكن من الواضح الكيفية التي تنوي بها حكومة طهران استغلال الأموال٬ لكن حل اللغز اتضح الشهر الماضي٬ عندما وافق مجلس صيانة الدستور على موازنة الحكومة لعام 2017 والتي وجهت المصرف المركزي لتحويل الـ7.1 مليار دولار إلى المؤسسة العسكرية. وقد لفت الأمر انتباه سعيد غاسمنجاد٬ زميل «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»٬ وأخبرني أن هذا الأمر ذكرته تقارير إخبارية من مصادر متنوعة داخل إيران٬ بينها وسائل إعلام رسمية. وأضاف أن: «المادة 22 من موازنة عام 2017 تنص على ضرورة أن يقدم المصرف المركزي المال المترتب على التسوية القانونية الخاصة بمبيعات الأسلحة قبل وبعد الثورة المرتبطة بإيران٬ والذي يصل إلى 7.1 مليار دولار٬ إلى الموازنة الدفاعية».

من جانبهم٬ أعرب جمهوريون وبعض الديمقراطيين ممن عارضوا الاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما٬ عن اعتقادهم بأن وضع حد للعقوبات سيساعد في تمويل المؤسسة العسكرية الإيرانية٬ لكن على الأقل كانت هذه بالفعل أموال إيرانية (رغم كونها مجمدة في حسابات مصرفية بالخارج). أما الـ7.1 مليار دولار التي حولتها وزارة الخزانة لإيران في يناير (كانون الثاني) الماضي٬ فأمرها مختلف تماًما.

جاء جزء من هذا المبلغ ­ 400 مليون دولار ­ من صندوق ائتماني يضم أموالاً دفعتها حكومة الشاه محمد رضا بهلوي٬ حليف واشنطن٬ مقابل أسلحة بيعت لإيران قبل ثورة عام 1979 .وقد أوقفت هذه المبيعات عام ٬1979 في أعقاب استيلاء الثوريين على السفارة الأميركية في طهران واحتجازهم الأميركيين العاملين بالسفارة كرهائن لمدة 444 يوًما. أما الـ3.1 مليار دولار المتبقية فتمثل فوائد الـ400 مليون دولار على مدار أكثر من 36 عاًما. وتبًعا لما ورد بخطاب من وزارة الخارجية إلى النائب مايك بومبيو٬ الجمهوري الذي دعا لفتح تحقيق بشأن المبلغ الذي جرى تحويله لطهران في يناير٬ فإن الأموال جاءت من صندوق يعرف باسم «صندوق الأحكام»٬ وهو «مصدر لتمويل المبالغ التي تفرضها أحكام قضائية ودعاوى ضد الولايات المتحدة عندما لا تتوافر سبل أخرى للتمويل». يذكر أنه وقت إجراء التحويل في يناير٬ أعلنت إدارة أوباما أن مبلغ الـ7.1 مليار دولار يعتبر صفقة لصالح دافعي الضرائب٬ لأن الولايات المتحدة كان من المحتمل أن تضطر لدفع المبلغ بمعدل فائدة أكبر حال عرض الأمر على محكمة في لاهاي أقيمت خصيًصا لتسوية الدعاوى بين الولايات المتحدة وإيران بعد عام 1979.

ومع هذا٬ أثار مبلغ الـ7.1 مليار دولار غضب منتقدي إدارة أوباما. وفي يناير٬ قال كثير من المراقبين٬ وبينهم بومبيو٬ إن المبلغ أشبه بفدية لأنه تزامن مع إطلاق سراح خمسة أميركيين محتجزين في إيران. وفي ذلك الوقت٬ صرح قائد ميليشيا «الباسيج»٬ محمد رضا نجدي٬ بأن: «استعادة هذا المال كان مقابل الإفراج عن جواسيس أميركيين». من ناحيته٬ نفى البيت الأبيض هذا الادعاء٬ مؤكًدا أن المبلغ لا علاقة له بالمفاوضات الجارية للإفراج عن أميركيين محتجزين لدى طهران.

على أية حال٬ لا يزال بومبيو يشعر بغضب شديد٬ وقد أخبرني أن: «من المشين أن تبدو أموال دافعي الضرائب الأميركيين مصدًرا لتمويل المؤسسة العسكرية الإيرانية٬ مشينة».

وتكمن المفارقة هنا في أن إيران كانت تدعي الفقر خلال الشهور الأخيرة. واشتكى المرشد الأعلى ووزير الخارجية علانية من أن الاقتصاد الإيراني لم يعاين المنافع المتوقعة من وراء الاتفاق النووي. ومع هذا٬ فإن موازنة الدفاع الإيرانية لعام 2017 البالغة 19 مليار دولار زادت بنسبة 90 في المائة عن تلك الخاصة بعام ٬2016 حسبما أوضح غاسمنجاد.

ونحن ندرك الآن من أين جاءت الـ7.1 مليار دولار.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»