Site icon IMLebanon

الرقة أميركية!

قد لا يبدو في الشكل، أن ثمة قاسماً مشتركاً بين قرار الرئيس الاميركي باراك أوباما رفع عديد القوات الاميركية الخاصة في سوريا الى 300 رجل للمساعدة بحسب واشنطن القوى المحلية السورية على قتال تنظيم “داعش”، وإرسال مقاتلات “اف-22” الى قاعدة شياولياي في ليتوانيا. ولكن في المضمون، اتخذ كلا القرارين على خلفية المواجهة المتجددة مع روسيا.

ففي سوريا لم يكن وارداً على جدول الاعمال الاميركي، قبل طرد القوات السورية بدعم جوي روسي مكثف “داعش” من تدمر في آذار، زيادة عدد المستشارين الاميركيين العاملين على الاراضي السورية. لكن تزايد المخاوف في واشنطن من إحتمال إنطلاق الجيش السوري بعد تدمر نحو الرقة، جعل البيت الابيض يعيد حساباته. فإذا ما قيض للجيش السوري بمؤازرة روسية ان يدخل الرقة، تكون السياسة الاميركية في سوريا أمام إخفاق تام.

لذا كان القرار الاميركي تعزيز الوجود البري الاميركي من أجل دفع قوى المعارضة السورية الحليفة للولايات المتحدة وخصوصاً “وحدات حماية الشعب” الكردية، كي تستعد لفتح جبهة الرقة في أي لحظة ليصار الى حرمان دمشق وموسكو إدعاء فضل استعادة الرقة بما يعني ذلك من توجيه ضربة قاصمة إلى “داعش”. وهنا يجدر التوقف عند الاشتباكات في مدينة القامشلي بين المقاتلين الاكراد والوحدات الحليفة للجيش السوري. كأن المراد هنا إرسال إشارة قوية الى موسكو قبل دمشق، أن الرقة يجب ألا تكون ضمن الاجندة العسكرية الروسية لأن من شأن ذلك خلط كل أوراق اللعبة في سوريا. ولا يعود مستغرباً ان تهتز عملية جنيف بكاملها أو يترنح وقف النار في هذه المنطقة أو تلك.

القضاء على “داعش” في الرقة يعني أيضاً بداية نهاية التنظيم عملياً في الموصل. ومن هذا المنطلق تبدو عملية الرقة، اذا ما استعادها الجيش السوري، بمثابة انتصار استراتيجي لروسيا يوفر لها 99 في المئة من أوراق الحل في سوريا. وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة من منظور الصراع الأوسع على النفوذ في الشرق الاوسط بكامله.

وما ينطبق على الشرق الاوسط ينطبق على أوروبا. ولم تكن لهجة أوباما تصالحية حيال روسيا في الخطاب الذي القاه في مدينة هانوفر الالمانية الاسبوع الماضي. قال إن العقوبات الاميركية والاوروبية يجب ان تبقى مفروضة على موسكو الى ان تطبق اتفاقات مينسك في أوكرانيا. ولم يتأخر الرئيس الاميركي في ارسال المقاتلات الاميركية الى ليتوانيا. وهذا رد اميركي عملي على تحليق مقاتلات روسية أخيراً على مسافة بضعة أمتار من بارجة أميركية في بحر البلطيق.

كل ذلك يسمح بالاستنتاج ان الهدف الأميركي لا يزال روسيا.