Site icon IMLebanon

حمى الله لبنان من أبناء لبنان

 

 

العالم اليوم منشغل بتداعيات الانسحاب الاميركي من افغانستان والتي قد لا تكون اقل من تداعيات احتلال افغانستان، وربما تحدث تحول اشبه بانتصار طالبان والعرب الافغان على السوفيات بالحرب الباردة في افغانستان، وقد حددت الادارة الاميركية ١١ ايلول ٢٠٢١ موعدا لاكتمال انسحابها، أي بالذكرى العشرين لتفجيرات نيويورك والتي تسببت بكل المصائب التي تحكمت بمجتمعاتنا على مدى عشرين عاما، وخصوصا بعد احتلال العراق وما شهدته المنطقة ولا تزال من تفكك واغتيالات ونزاعات وانهيارات اجتماعية وامنية واقتصادية وسياسية، مما يحتم علينا ان نتهيب نتائج ذلك الانسحاب الاستراتيجي من افغانستان والعراق وما قد يحدثه من تحولات وتغييرات.

 

التكهن بتلك التحولات عملية غاية في الصعوبة والتعقيد لانها من الاسرار الاستراتيجية لدول عظمى ومعها حلف الناتو، بالاضافة الى التموضع الدائم لإسرائيل وامنها ومصالحها على راس اولويات اميركا وحلفائها، وهذا يدعونا الى اعتماد نظام مخاطر قائم على مراجعة الدروس القاسية والمفجعة التي رافقت مرحلة احتلال افغانستان والعراق، وفي مقدمة تلك التداعيات الاغتيالات التي طالت شخصيات كبيرة ونخب اعلامية وسياسية وامنية وعسكرية لبنانية، والتي جاءت بعد ان شهدت بيروت بداية النهاية لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ابو عمار عبر منعه من حضور القمة العربية النظامية الاولى في بيروت ٢٠٠٢ وطرح المبادرة العربية للسلام في محاولة لاحتواء تداعيات تفجيرات نيويورك السوداء.

 

تدرك القيادة المصرية مخاطر الانسحابات ودقة المرحلة وتداعياتها، وقد سارعت مع القيادة الهاشمية في الاردن الى عقد قمة عربية ثلاثية في العراق في هذا التوقيت بالذات لارتباط احتلال العراق باحتلال افغانستان، مما يستدعي الإحاطة السريعة والدقيقة للتحولات المرتقبة في العراق بعد الانسحاب الاميركي الثاني من العراق مع التحالف الدولي ضد داعش، والذي يجعلنا نطرح السؤال الشرعي والموضوعي وهو اي عراق سيكون بعد ذلك الانسحاب ونحن نشاهد طالبان تستولي على خمسة وثمانين بالمئة من افغانستان قبل اتمام الانسحاب، مما يستدعي التفكير والحذر مما سيكون عليه حال العراق والجوار بعد الانسحاب الاميركي .

 

استطاعت سوريا من خلال مشاركتها في حرب عاصفة الصحراء وتحرير الكويت عام٩١ مع دوّل اعلان دمشق من استعادة دورها في لبنان الذي تصدع بعد الاجتياح الاسرائيلي عام ٨٢ ودخلت منذ عام ٩٢ في مرحلة من الاعتماد الاميركي الواضح للدور السوري في لبنان حتى ٢٠٠٥، بعد احداث نيويورك في ١١ ايلول وانخراط سوريا في متاهات ما بعد احتلال العراق ٢٠٠٣ وتحولاتها الكارثية، حيث تجرعت سوريا مرارات ما بعد الانسحاب الاميركي الاول في ٣٠ كانون الأول ٢٠١٠ واطلاق استراتيجية الفوضى الخلاقة عبر الربيع العربي واثاره المدمرة على سوريا الدولة والمجتمع منذ عشر سنوات ولا يزال مما يستدعي التهيب والحذر لما قد يحدثه انسحاب اميركا من افغانستان والعراق على سوريا ولبنان.

 

اما في لبنان الحبيب حيث يغني اهل السلطة كل على ليلاه، ويتوهمون بأن العالم بأسره منشغل بتحقيق احلامهم الذاتية بالثروة والسلطة التي لا يخجلون في استعراض مغانمها ويجاهرون في الاعلان عن اوهامهم السلطوية رغم المرارات التي يعانيها كل ابناء لبنان، وباختصار ليس في لبنان من يقلقه تحولات الانسحابات من العراق وافغانستان رغم ان الواقع السياسي اللبنانية الحالي قد تكون نتيجة تلك الحروب والاحتلالات، وان ما نشهده من تداعيات وجودية وسياسية الان هو نتيجة تلقائية لتلك الانسحابات من افغانستان والعراق، وامام هذه الغيبوبة اللبنانية الكارثية وما ينتظر مجتمعات بلاد الشام الجديدة من ويلات لا يسعني سوى القول حمى الله لبنان من ابناء لبنان.