IMLebanon

المواجهة الاميركية مع “حزب الله”: حربٌ أبعد من الحدود

 

يؤكد ديبلوماسي أميركي معني بالملف اللبناني أن الولايات المتحدة ليست في وارد التراجع عن المواجهة المفتوحة مع ايران والتي تتمثل في لبنان من خلال الضغط على “حزب الله”. يقول ان هذه المواجهة المفتوحة على مصراعيها لن تهدأ قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني المقبل، وحتى الى ما بعد تسلم السلطة للرئيس الجديد في 20 كانون الثاني 2021. بعد تلك الفترة يمكن الحديث عن أوراق جديدة او مفاوضات اميركية – ايرانية تبدأ بإعادة الإتفاق النووي الى سكته القديمة.

 

يقول الديبلوماسي الأميركي ان لبنان هو تابع لمحور ولذا فهو يتأثر حكماً بمسار العلاقة الاميركية – الايرانية، وهو سيكون مع ايران وسوريا تحت المجهر لفرض عقوبات عليه بناء على قانون “قيصر”، جازماً ان أي تغيير في التوجه الأميركي غير وارد في الفترة الحالية، إعتقاداً من الادارة الاميركية ان مساعدة الحكومة اللبنانية تعني ضمناً مساعدة ممنوعة لـ”حزب الله”، وطالما أن الأخير مسيطر على البلد فستستمر أميركا بإحكام الطوق اقتصادياً على لبنان. ولا يعتبر الديبلوماسي الاميركي ان لبنان يحتل صدارة الاهتمام في الوقت الراهن، لكن المعنيين بملفه أي السفيرة الاميركية في لبنان دورثي شيا ومساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى دايفيد شينكر يقومان بواجبهما في هذا الصدد على أكمل وجه.

 

واقع يلمسه “حزب الله” الذي يدرك ان مواجهته مع الادارة الاميركية لا تزال في بداياتها وأن الاوضاع قد تتجه الى مزيد من التأزم. كل من يلتقي مسؤولين في “حزب الله” يخرج بانطباع انه يعد العدة للمواجهة على اكثر من صعيد، من بينها التمسك بالحكومة التي لا يرى بديلاً عنها في الوقت الحاضر، المساهمة في إيجاد حلول اقتصادية وفتح اسواق جديدة امام لبنان من العراق الذي سيمد لبنان بالنفط الى ايران التي زارها وفد من التجار المقربين من”حزب الله” لاستيراد مواد غذائية أعدت مخازن لتخزينها، أو الاتجاه نحو الصين لتنفيذ مشاريع اقتصادية وانمائية. كلما رفعت وتيرة المواجهة صارت الخيارات مفتوحة على أكثر من اتجاه وصولاً الى خيار الحرب الذي لا يبادر اليه “حزب الله”، لكن أوساط المقربين منه لا تستبعده أبداً.

 

في السياق التحليلي لبعض الأوساط التي تدور في فلك “حزب الله”، فإن المفاوضات الأميركية – الايرانية التي كانت تجري تحت الطاولة انتجت حكومة في العراق برئاسة مصطفى الكاظمي، وتبادل أسرى بين البلدين، والتغاضي عن ناقلات النفط المتجهة نحو فنزويلا. لكن هذه المفاوضات توقفت لوضع الاميركيين مجموعة شروط كان من بينها حل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي تتهمه الولايات المتحدة الاميركية بالقيام بعمليات عسكرية في الخارج، ونزع سلاح “حزب الله” في لبنان. شرطان كفيلان باشتداد حرارة الكباش بين الدولتين على الساحة اللبنانية التي باتت تعترف اميركا بها علناً. حتى ان السفارة الاميركية في لبنان لا تتردد في تكرار سردية ان المطلوب تراجع نفوذ “حزب الله” وإخراجه من الحكومة، وهي لن توفر وسيلة لتحقيق مرادها. ولم يعد الامر يحتاج الى كلام مع وجود خطوات تؤكد الاتجاه الاميركي المعلن بالمواجهة وإحكام الحصار الاقتصادي على لبنان، وقد كان آخر فصول تلك المواجهة منع تحويل الاموال بدل استيراد حافلات النفط. وبالتأكيد لن تقف الولايات المتحدة متفرجة على لبنان وهو يتجه شرقاً نحو الصين او مستعيناً بإيران على أزمته الاقتصادية، والخوف ان يلقى لبنان مصير العراق يوم قرر رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي توقيع اتفاقية مع الصين، اذ تصدى له الاميركيون بتحريك الشارع وحصول مواجهات أودت بحياة مئات القتلى إنتهت بإسقاط الحكومة وتعيين مصطفى الكاظمي، بناء على اتفاق وبعد أن تكفل بتأمين إنسحاب سلس للاميركيين من العراق. حقائق لم يعد “حزب الله” بعيداً منها وهو الذي يعتبر وفق اوساط مطلعة على اجوائه ان المواجهة الكبرى مع الاميركيين لا تزال في بدايتها، لدرجة قد نتمنى معها لو تبقى الاوضاع على وتيرتها الراهنة من ان تذهب الى ما هو أقسى في النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد.

 

يحاول الفرنسيون تدارك الازمة والحد منها بإصرارهم على طرح مبادرات للحل انطلاقاً من حكومة جديدة لا يتمثل فيها “حزب الله”. مبادرة وأدها الاخير في مهدها لاعتبارها بمثابة رفع راية بيضاء غير واردة في حسابات “حزب الله” الذي لا يتجه الى تسليم سلاحه، وهو ما سبق وأكده الامين العام لـ”الحزب” السيد حسن نصرالله يوم رفض التهويل بالجوع مقابل السلاح لأن الفاعل حينها سيقتل. تتقاطع اجواء الديبلوماسي الاميركي مع “حزب الله” في لبنان بأن المواجهة مستمرة ولا نية عند الأميركيين للتراجع عنها، ما ينبئ وفق أوساط مطلعة ان لبنان مقبل على مرحلة سوداوية مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها الحرب مع اسرائيل التي قد تكون الخرطوشة التي تجعل كل الدول تلتفت للبنان، لان اسرائيل ستكون في مواجهة وجودية مع “حزب الله”، لأنها قد تتجاوز الحدود الجغرافية للبنان الى دول أخرى وقد تتجاوز الحدود من والى فلسطين، وبالتالي لا يمكن قياسها مع النتائج التي حصلت في حرب تموز ان على المستوى البشري والاقتصادي أو البنى التحتية والتداعيات، التي ستكون مصيرية لكل الأطراف.