Site icon IMLebanon

أميركا وفرنسا… ولبنان الدولة الفاشلة

 

ما حدث سابقة في تاريخ العلاقات بين الدول، إضافة الى أنّه اعتراف دولي بأنّ لبنان دولة فاشلة. جاء الإعلان عن سفر السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا إلى المملكة العربية السعودية برفقة السفيرة الفرنسية آن غريّو لعقد اجتماعات مع مسؤولين سعوديين بمثابة تنفيذ لقرار دولي واضح. إنّه قرار أميركي واوروبي تحديدا. يقضي القرار بالتعاطي مع الواقع اللبناني من منطلق جديد. خلاصة هذا المنطلق أنّ الطبقة السياسية اللبنانية قاصرة عن تأدية المطلوب منها تجاه البلد من جهة، وأن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يستطيع، من جهة اخرى التعاطي مع الخارج. أي مع الدول العربيّة التي اهتمّت في الماضي بمساعدة لبنان، على رأسها المملكة العربيّة السعوديّة.

 

بكلام أوضح، لا يستطيع لبنان، عن طريق رئيس جمهوريته او حكومته المستقيلة، برئاسة الرجل الفضيحة الذي اسمه حسّان دياب، القيام بأيّ اتصال مع أي دولة خارجية خصوصا مع الدول العربيّة. كلّ ما في الامر انّ لبنان بات في حاجة الى من يقوم عنه بهذه المهمّة. لذلك وجدت الإدارة الأميركية والحكومة الفرنسيّة انّ لا خيار آخر امامهما غير التوسّط مع المملكة العربيّة السعوديّة، لعلّ وعسي تقبل مساعدة لبنان. يعني ذلك مساعدة اللبنانيين على العثور على صفيحة بنزين او مازوت او حبّة دواء. من المهم٬أيضا الإشارة الأميركية والفرنسيّة الى دعم الجيش اللبناني والقوى الامنيّة. لم يعد هناك سوى الجيش اللبناني من مؤسسات الدولة اللبنانية بعدما قضى رئيس الجمهورية على كلّ مؤسسة، بما في ذلك القضاء.

 

لاحظ البيان الصادر عن السفارة الاميركية أنّ «هذه الزيارة تأتي عقب الاجتماع الثلاثي بشأن لبنان لكل من وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود». عقد هذا الاجتماع في 29 حزيران – يونيو الماضي، على هامش مؤتمر قمة مجموعة العشرين، في مدينة ماتيرا في إيطاليا.

 

أوضح البيان انّه «خلال اجتماعاتها في المملكة العربية السعودية ستبحث السفيرة شيا (مع السفيرة الفرنسيّة) في خطورة الوضع في لبنان وسوف تؤكد أهمية المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني، فضلاً عن زيادة الدعم للجيش وقوى الأمن الداخلي. هذا، وبالشراكة مع نظيريها الفرنسي والسعودي، سوف تواصل السفيرة شيا العمل على تطوير الاستراتيجية الديبلوماسية للدول الثلاث التي تركز على تشكيل الحكومة وحتمية إجراء الإصلاحات العاجلة والأساسية التي يحتاجها لبنان.  سوف تغتنم السفيرة شيا فرصة هذه الزيارة لتعيد تأكيد التزام الولايات المتحدة مساعدة شعب لبنان، والإضاءة على المساهمة بأكثر من 3.7 مليارات دولار من المساعدات الاقتصادية والإنسانية والأمنية قدّمت منذ العام 2016».

 

من جهتها، قالت سفارة فرنسا في بيان خاص بها: «تتوجّه سفيرة فرنسا في لبنان، آن غريو، يوم الخميس الواقع فيه 8 تموز – يوليو 2021، إلى المملكة العربية السعودية، إلى جانب سفيرة الولايات المتحدة في لبنان، للقاء عددٍ من المسؤولين السعوديين. تأتي هذه الزيارة امتداداً للقاء المشترك لوزير أوروبا والشؤون الخارجية (الفرنسي) ونظيره الأميركي مع وزير الخارجية السعودي الذي انعقد في إيطاليا على هامش قمة مجموعة العشرين». لم يفت البيان الفرنسي القول بإنّه «سبق للوزيرين جان إيف لودريان وأنتوني بلينكن أن أشارا معاً في باريس في 25 حزيران – يونيو إلى عجز القادة السياسيين اللبنانيين، حتى الآن، عن تغليب المصلحة العامة للبنان على مصالحهم الخاصة. كما اتفقا على ضرورة أن تعمل فرنسا والولايات المتحدة معاً لإخراج لبنان من الأزمة».

 

أضاف البيان: «ستشرح السفيرة خلال لقاءاتها أنه من الملحّ أن يشكلّ المسؤولون اللبنانيون حكومةً فعالة وذات صدقيّة تعمل بهدف تحقيق الإصلاحات الضرورية لمصلحة لبنان، وفقاً لتطلّعات الشعب اللبناني. وستعرب مع نظيرتها الأميركية عن رغبة فرنسا والولايات المتحدة في العمل مع شركائهما الإقليميين والدوليين للضغط على المسؤولين عن التعطيل. ستشدّد أيضاً على ضرورة ان تذهب المساعدات الإنسانية الفرنسية المقدّمة، مباشرة الى الشعب اللبناني وللقوات المسلحة اللبنانية ولقوى الأمن الداخلي التي ستستمر فرنسا والولايات المتحدة بدعمها». هذا يعني ان لا ثقة مطلقا بمؤسسات الدولة اللبنانية كي تصل هذه المساعدات الى المواطنين العاديين!

 

كان لا بدّ من ذكر ما ورد في البيانين الأميركي والفرنسي للتأكّد من فقدان المجتمع الدولي ايّ امل بإنقاذ لبنان من دون مبادرة خارجة عن المألوف. الموضوع في غاية البساطة، على خطورته. الموضوع يتعلّق ببلد رئيس جمهوريته ميشال عون ويحكمه «حزب الله»، أي ايران التي لا ترى في لبنان سوى ورقة من أوراق عدّة تمتلكها في المنطقة. تريد، عبر هذه الأوراق ابتزاز المجتمع الدولي، على رأسه الولايات المتحدة.

 

في النهاية، ما الذي يمكن توقعّه من بلد يقرّر فيه «حزب الله» من هو رئيس الجمهوريّة. ما نشهده اليوم في لبنان، على كلّ صعيد نتيجة طبيعية لوصول ميشال عون الى قصر بعبدا بعد اغلاق «حزب الله» مجلسّ النواب اللبناني سنتين وخمسة اشهر من اجل فرضه رئيسا. فعل ذلك عن طريق رفع شعار: اما يكون ميشال عون رئيسا او الفراغ في الموقع الاوّل للدولة اللبنانيّة. تبيّن مع مرور الوقت ان الفراغ كان افضل. هناك الآن رئيس للجمهوريّة آخر ما يهمّه مستقبل لبنان واللبنانيين. ما يهمّه امر واحد هو مستقبل صهره جبران باسيل الذي يعتبره وريثه الشرعي على الرغم من فرض عقوبات اميركيّة عليه بموجب قانون ماغنتسكي المتعلّق بالفساد. نعم، بالفساد.

 

هل تعيد اميركا وفرنسا السعوديّة الى لبنان؟ هذا الامر ليس أكيدا في ضوء رغبة ميشال عون وضع كلّ العراقيل الممكنة في طريق تشكيل حكومة لا تكون خاتما في اصبع صهره. الأكيد انّ الردّ الإيراني على أيّ محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في لبنان سيتسّم بمزيد من التصلّب ليس في لبنان فحسب، بل في سوريا والعراق واليمن أيضا. تخوض هناك ما هو ابعد من زيارة السفيرتين الى السعودية. هناك معركة مستقبل النظام في ايران. سيكون ردّ فعلها في غاية الخطورة. هذا ما ظهر أخيرا من خلال نسف ميليشياتها لخطوط الكهرباء في العراق ومن خلال قصف قاعدة عين الأسد التي فيها وجود أميركي داخل الأراضي العراقيّة…