{يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [صدق الله العظيم].
لا شك في أنّ أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت على حق، في كل تصرّف يتصرفونه، وفي كل اتهام يتهمونه، وفي كل كلمة يقولونها لسبب بسيط انهم خسروا فلذات أكبادهم، أو فقدوا أهلهم، أو فقدوا آباءهم أو أمهاتهم أو أولادهم… والمصيبة الكبرى ان جميع الذين استشهدوا أو أصيبوا، كلهم أبرياء، لا ذنب لهم، إلاّ انهم كانوا موجودين في تلك المنطقة.
ولكن في الحقيقة قبل أن تُوَجّه الاتهامات يميناً ويساراً، علينا قبل كل شيء أن نعرف الحقيقة.
الحقيقة المطلوبة بكل بساطة هي: مَن فجّر المرفأ؟ وهنا نرى ان أهالي الضحايا على حق باتهاماتهم أي مسؤول، إن كان كبيراً أم صغيراً. لأنّ هؤلاء الاهالي هم الذين خسروا أو فقدوا أعزاءهم.
بينما المسؤول الحقيقي حتى هذه اللحظة التي اكتب فيها، لم يحدد بعد، فمَن الذي فجّر مرفأ بيروت؟ وبمعنى أدق من الذي استورد المواد المتفجرة منذ سبع سنوات؟ يُقال إنّ الذي استورد النيترات هو المواطن السوري الذي يحمل جنسية روسية واسمه جورج حسواني… فلماذا استورد هذه المواد ولمن استوردها؟ مع العلم ان جورج حسواني هو تاجر سلاح.
كل هذه الاسئلة لم تلق حتى اليوم أي جواب. فبدل أن نعود الى محاسبة الجهة التي استوردت هذه المواد نضيع في متاهات أخرى وهذا هو السؤال الاول.
السؤال الثاني: مَن كان «يسحب» المواد او نيترات الأمونيوم على دفعات من المرفأ، إذ تبيّـن ان الكمية المستوردة كانت 2750 طناً والكمية الباقية خمسماية طن. لذلك فإنّ هناك شاحنات دخلت المرفأ وحمّلت الامونيوم، ونقلته الى مكان آخر، طبعاً الى جهات مختلفة حيث أفاد أحد السائقين انهم اتجهوا بالنيترات نحو جنوب لبنان.
يبقى السؤال الكبير لماذا استوردت هذه المواد؟ وما هي الحاجة إليها؟ ومن هي الجهة التي كانت تحتاجها؟ ومن هي الجهة التي استعملتها؟ كلها اسئلة لا أجوبة عليها حتى تاريخه.
بالعودة ولو قليلاً الى هذه المهمة المستحيلة التي وضعت على عاتق القضاء، فمثلاً بداية بالقاضي او المحقق العدلي فادي صوّان، فقد أُرْسِل له «رأس قط مقطوع» طبعاً هذه رسالة كي لا يفكر في متابعة الامساك بهذا الملف لأنه ملف خطير، ومن المستحسن أن لا يتدخل فيه وهكذا حصل…
اما المحقق الثاني القاضي طارق البيطار فقط كان عنده اجتهاد مختلف، إذ اخذ يفتش عن التقصير، او الإهمال في الوظيفة وهو ما يعتبر جريمة لا جنحة، خاصة وأنّ الإهمال الذي حصل لا تعرف حقيقته: هل هو إهمال مقصود أو ان الذين اهملوا كانوا مجبرين على إهمالهم.
هناك سؤال لا بد من أن نسأله ويسأله كل انسان: ألَيْست هناك صوَر جوية؟
طبعاً هناك أقمار اصطناعية تصوّر كل شيء، بل إن أكثر من دولة عظمى وصغرى كانت متواجدة، ومن هنا نبدأ:
١- روسيا، وهنا يجب أن نأخذ بالاعتبار انها موجودة في سوريا بشكل عسكري مكثف «قاعدة حميميم» ومرفأ طرطوس.
٢- اميركا، وهي متواجدة في البحر الابيض المتوسط وفي شمال سوريا، والأهم في تركيا.
٣- بريطانيا: إذ ان هناك قاعدة عسكرية تعتبر من أهم قواعد القوات البريطانية في الشرق الأوسط.
٤- الام الحنون فرنسا وأسطولها يتمختر في البحر الابيض المتوسط.
والأهم من هذا وذاك اسرائيل… فبالعودة الى السؤال التقليدي وهو: طالما ان هناك كل هذه الدول فلماذا لا يُعْطى القضاء اللبناني تلك الصوَر فتتضح الصورة ونوفر عليه الخطر وكل المشقات التي يمكن أن يتعرّض لها، وليس أقلها الزيارة التي قام بها مسؤول هيئة الارتباط في حزب الله وفيق صفا ولأول مرة في التاريخ بشكل علني الى قصر العدل.
يمكن لأميركا أو فرنسا إذا ارادتا أن تعرفا من الذي فجّر مرفأ بيروت وأن تحصلا على البرهان من الصوَر الجوية.
ولكن يبدو أنّ الجميع يفضلون أن يبقى الموضوع غامضاً لحماية الجهة التي فجّرت المرفأ… والمصيبة الأكبر أنّ الذي فجّر مرفأ بيروت معروف، وليس بحاجة الى دليل لمعرفته.