IMLebanon

التنافس الاقتصادي يرجّح كفّة صناعة أميركا للكورونا

 

يأتي مقالي هذا في سياق موضوع فيروس الكورونا وهو المقال الثاني الذي يلي مقال بين أميركا والصين لا وجود لرمانة بل لقلوب ملآنة وغايتي من خط هذا المقال استكمال نشر أدلة جديدة يشعر كل قارئ لها بأنها ترجّح كفّة إنتاج واشنطن لفيروس كورونا لأسباب اقتصادية بحتة تتعلق بالتنافس الاقتصادي الحاد بينها وبين بكين. وفي هذا الإطار قال موقع الجزائر «تايم» بتاريخ 18 آذار 2020 بأن من مصلحة أميركا صناعة الفيروس ونشره في الصين لأن أميركا باتت مربكة جراء التقارب الروسي – الصيني وجراء خوفها من تنامي هذا التقارب الاقتصادي أكثر مما تتوقعه واشنطن والذي في حال تناميه سيشكّل لها عبأً كبيراً، لأن الأمرة في تسيير القرارات الدولية فيما يتعلق بمناطق النزاع خصوصاً والمناطق ذات الأهمية الاستراتيجية اقليمياً وعالمياً ستغدو بهذا التقارب التحالف وهذا يعني عملياً نهاية النفوذ العالمي لأميركا على الكتلة الدولية.

 

من هنا يبدو جليّاً أن أميركا لها المصلحة الكبرى واليد الطولى في ارهاق الاقتصاد الصيني ما يرجح نشرها لفيروس الكورونا، وما ضاعف من تخوّف واشنطن ظهر في إعلان الصين عن مباشرة مشروع الحزام وما يعرف بطريق الحرير وهو مشروع إن كتب له الوصول إلى شاطئ أمانه وإبصار النور سوف يربط شرق الكرة الأرضية بغربها وسيحقق انفتاحاً اقتصادياً رهيباً بالنسبة لبكين وسيجعل علاقتها تقوى مع الدول المنضمة في كل من آسيا وأوروبا وأفريقيا ومن ضمن هذه الدول روسيا وإيران، لذا فإن عرقلة المسار الصيني ولو مؤقتاً باضعافه لم يعد الأسلوب التقليدي وفق واشنطن يجدي نفعاً معه بل أن ما يخرس صوته هي الحرب الجرثومية.

 

أما الأمر الآخر الذي يود الكثيرون معرفته هو سبب انتشار الفيروس بكثرة في إيطاليا بعد الصين. وهنا أود القول أنه في نيسان 2019 وبالتحديد في قمة الحرير الجديدة كانت ايطاليا الدولة الأوروبية الوحيدة التي انضمت من مجموعة السبع إلى المبادرة الصينية وسعت لعقد اتفاقيات مع بكين الأمر الذي أغضب واشنطن.

 

أما المعارضة الأميركية للمشروع الصيني فقد تجلّت بتصريح الرئيس ترامب في الدورة 73 من الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما دعى رؤساء الدول إلى محاربة الفكر الشيوعي والاشتراكي الذي تتبنّاه وترعاه الصين، لأن طريق الحرير ليست سوى أداة لتوسيع تدخّل الجيش الصيني تحت عذر حماية مصالح بكين، كما ان المشروع سيعزز علاقاتها الدبلوماسية وسيمنحها مكاسب مع الدول الواقعة على خط طريق الحرير كبريطانيا والهند وتركيا وبلجيكا وغيرها من الدول، ما سيضعف الوجود الأميركي في المنطقة خاصة في المحيط الهادئ وهذا كله سيهديها نقاط إضافية على حساب واشنطن.

 

إن واشنطن ترى في مشروع الحزام والطريق دعماً للنفوذ الروسي إضافة إلى أن الاستثمار الصيني في الدول الواقعة على خط مشروع الحزام والطريق بلغت 80 مليار دولار في العام 2018 وأسست بكين حوالي 82 منطقة تبادل تجاري حرة، الأمر الذي أدّى إلى رفع حجم المبادلات التجارية للدول الواقعة حول مشروع طريق الحرير مع الصين إلى حوالي 5.5 ترليون دولار، وهو مبلغ يمثل تقريباً حوالي 28% من حجم الاقتصاد الأميركي سنوياً.

 

وإذا عدنا إلى تقرير نشرته مجلة «فورن أفيرز» بتاريخ 5/11/2019 نلاحظ ارتفاع منسوب التوتر الحاد بين العملاقين إذ نقرأ أنه في أيلول 2019 وبعد صيف لاهب بالمشادات الكلامية الساخنة بين الطرفين قامت إدارة ترامب بزيادة التعريفات الجمركية على واردات صينية بقيمة 125 مليار دولار أميركي ما حدى بالصين إلى الرد بفرض تعريفات جمركية على واردات أميركية بقيمة 75 مليار دولار أميركي، بينما كانت الولايات المتحدة تستعد لفرض المزيد من التعريفات الجمركية في كانون الأول 2019.

 

لقد اعتقد الرئيس ترامب بأن تلك التعريفات ستكون كفيلة لاخضاع الصين وكسر هيبتها وشوكتها، لكن الأرقام كانت قد أشارت إلى أن الولايات المتحدة ليست الطرف الفائز في الحرب التجارية، ورغم أن النمو الاقتصادي قد تباطئ لكن التعريفات الجمركية ضربت المستهلك الأميركي بدرجة أكبر من نظيره الصيني.

 

قد يتراجع ترامب عن سياسة التدمير الذاتي التي يتبعها مع الصين لكن التنافس الصيني الأميركي يستمر إلى ما بعد فترته الرئاسية حيث تحاول الكثير من التغطيات الاعلامية تصوير الأمر على أنه تصادم بين شخصيتين الأولى مزاجية ترامب في مواجهة الثانية عناد الرئيس الصيني تشيجينغ والحزب الشيوعي الصيني.

 

ويذكر أنه في العام 2018 ارتفعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة الأميركية بمقدار 34 مليار دولار أميركي أي نسبة 7% عن العام الفائت مقابل انخفاض صادرات واشنطن إلى الصين بمقدار 10 مليار دولار أميركي أي نسبة 8%.

 

ووفقاً لمسح أجرته الغرفة التجارية في شنغهاي في شهر أيار 2018 تبيّن أن هناك ما دون الـ 6% من الأعمال التجارية الأميركية التي تخطط لمغادرة الصين والعودة إلى أميركا، في حين قالت نسبة 60% من الشركات الأميركية أنها تفضّل البقاء في الصين.

 

وباعتراف أميركي ضمني بأن لواشنطن المصلحة في نشر الكورونا في الصين، كتب موقع «بزنس انسايدر» بتاريخ 30/1/2020 تقريراً قالت فيه الكاتبة لينيت لوبيز أن انتشار الفيروس على الاقتصاد الصيني سيكون كبيراً نظراً لتزامنه مع الاحتفال برأس السنة القمرية الصينية الجديدة التي كان ينتظر أن ينفق خلالها المستهلكون الكثير من المال، وقالت أنه كلما طالت مدة الفشل في محاصرة انتشار هذا الفيروس زاد الضغط على الاقتصاد.

 

ويرى محللون في بنك سوسيته جنرال أن استمرار انتشار الفيروس في الصين حتى شهر آذار قد يؤدّي إلى خفض نمو الناتج المحلي الاجمالي إلى أقل من 6% وأكدوا أن الفيروس يعتبر الضربة الأخطر على الاستهلاك المحلي والقطاعات المتعلقة بالسياحة في جميع أنحاء الصين ذلك أخذاً بعين الاعتبار الثقل الذي اكتسبه الاستهلاك في الاقتصاد الصيني، علما أن انتشار الكورونا في مدينة ووهان كان كارثياً إذ تمثل المدينة وهي عاصمة اقليم هوبي، مركزاً صناعياً مهماً في الصين يساهم بنحو 4% من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد وفي سياق امكانية التورط عينه قال شارلي جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في 15 آذار 2020 بأن مجلة nature medicine الأميركية أكدت في بحث نشرته في أحد أعدادها في العام 2015 أن علماء من الولايات المتحدة تمكنوا من الحصول على نوع جديد من فيروس كورونا له تأثير خطير وحتى مميت على الإنسان وأضاف جيان أن جنوداً أميركيين شاركوا في دورة الألعاب العسكرية الأميركية التي جرت في مدينة ووهان وقد تنافس فيها عشرة آلاف عسكري من مختلف أنحاء العالم في تشرين الأول الماضي وهم الذين نقلوا الفيروس إلى هذه المدينة حتى أن الأمر وصل بالرئيس ترامب إلى استغلال المرض وعرض دواء شافٍ من صنع أميركي على شريكة كيورفاك الألمانية للأدوية مقابل انتقالها إلى أميركا، والدواء هو عبارة مصل ودواء حصري لأميركا فقط وهذا العرض الأميركي الزاخر بالأرباح الطائلة يثبت نظرية التآمر على الصين، لكن الخطوة الجريئة أتت من وزير الداخلية الألماني هورست ذي هوفر الذي أكد صحة العرض الأميركي وأضاف بجواب جبار يجب أن يعلم ترامب أن المانيا ليست للبيع لأنها هي من تود انتاج لقاح شافٍ ليكون في خدمة بلدان العالم كلها الموالية والمعارضة لأميركا.

 

أما قنبلة موسم الكورونا أو زمن الكورونا فقد فجرها وزير خارجية اسرائيل يسرائيل كاتس عندما قال لقناة CH1 الاسرائيلية بتاريخ 18/3/2020 وهذه المرة خلافاً للعادة وبعيداً عن الاتهام للصين بأن أميركا صنعت الكورونا لتصيب ايران به بعد مقتل جنودها في عين الأسد، لكن وللأسف فقد تحوّل الفيروس إلى جميع الدول وأصبحت السيطرة عليه مستحيلة لذا يجب إعدام ترامب فوراً على فعلته حسب قول كاتس.