IMLebanon

هل تسعى أميركا إلى إنهاء حروبها في الشرق الأوسط؟

 

رفع الرئيس الاميركي جو بايدن شعار عودة اميركا لقيادة العالم، وفي هذا الاطار نشر موقع Responsible – Statecraft تقريراً حمل عنوان انهاء الحروب الأبدية الأميركية لا بد أن يشمل الحرب الاقتصاديّة، مع عدم الاغفال بأنّ شعار بايدن لا يختلف مضمونه كثيراً مع شعار الرئيس الأسبق دونالد ترامب القائل «اميركا أولاً». لقد غاص التقرير في الحديث عن حروب اميركا الاقتصادية على الدول التي تعارض سياساتها وتأثير تلك الحروب المدمرة على شعوب الدول المستهدفة.

 

يقول خبراء الأمم المتحدة بأنّ العقوبات الأميركية ذاتها تنتهك حقوق الانسان وقواعد السلوك الدولي، كما تخلق سياساتها المعلنة معاناة ومآسي لا حدود لها لملايين الأبرياء وتتسبّب في زعزعة استقرار البلدان المستهدفة بها.

 

ولنأخذ كوبا المعاقبة على سبيل المثال لا الحصر. فالرئيس جو بايدن أعلن «أننا ندعم الشعب الكوبي وسنسعى الى انهاء مآسيه وويلاته». لكن ما تناساه بايدن بأنّ واشنطن وللسنة 29 على التوالي، رفضت قراراً من الأمم المتحدة بانهاء حصار واشنطن على كوبا القائم منذ عقود والذي كلّف هافانا ما يقدّر بـ144 مليار دولار. وعلى الرغم من تصويت المجتمع الدولي بصورة ساحقة لصالح انهاء الحصار الأميركي على الجزيرة الشيوعية، والمستمر منذ ستة عقود متواصلة فقد صوتت واشنطن وتل ابيب فقط على استمرار الحصار والعقوبات.

 

وكما هو الحال مع كوبا، تخضع ايران للعقوبات الأميركيّة منذ عقود، ومع أنّ طهران حضرت على طاولة المفاوضات مع واشنطن في الاتفاق النووي لعام 2015 سرعان ما عادت اميركا الى اعتماد استراتيجية الضغط في عهد ترامب. ويرى كثير من المراقبين بأنّ السياسات الأميركية قد قوّت التوجّهات الايرانيّة وسمحت بإتيان ادارة من طهران رغبتها قليلة في الانخراط مع اميركا بدلاً من تسهيل التعاون. أمّا المجتمع الدولي فقد دعم الاتفاق النووي وحاول اغاثته واقالة عثرته في حين فرضت الولايات المتحدة قوتها بدلاً من تسهيل التعاون، والهدف هو رفع اي عقوبات عن ايران بهدف تدمير اقتصادها وافقار شعبها، مع أنّ نسبة مهمة من الشعب الايراني لا تأبه للشؤون السياسيّة، وتستمر ادارة بايدن منذ اشهر في فرض العقوبات. لقد نشأت فكرة بناء مجتمع دولي عقب الحرب العالمية الثانية وكان هدفها الأساسي حلّ الصراعات ومنع ويلات الحرب، لكن السياسة الأميركية وعكس مندرجات هذه الفكرة والمشروع الخلاصي، أصرّت على استخدام القوة العسكرية والاقتصادية لإرغام الدول الأخرى على الرضوخ والاذعان عوضاً عن الحوار والتعاون. وبالمناسبة تبيّن مجلة ذي نيويوركر بأنّ أميركا لا تستطيع ان تنهي حروبها الأبديّة لأنها تؤمن بأن روسيا والصين يجبرانها على خوض حروب معهما فحواها الصراع على النفوذ في اكثر من منطقة. فالمجلة الأميركية الشهيرة نشرت مقالاً بتاريخ 12 نيسان 2021 للكاتبة روبن رايت، رأت فيه أنّ انهاء اميركا لحروبها الاقتصادية ولا سيما على سوريا والعراق ولبنان، سيكون مستحيلاً، لأنّ المعضلة تكمن بالصراع على النفوذ مع موسكو وبكين في الشرق الأوسط، ويُذكر انّه في شهر آذار الفائت قام الجنرال كينيث ماكنزي الابن، قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا بجولة سريعة على العراق وسوريا ولبنان، وقد قال ماكنزي أثناء جولته، صحيح أنّ القوات الأميركية المتواجدة في تلك البلدان لا تقاتل، ولكن من الخطأ أن ننسحب، ففي سوريا ما زال نظام الأسد قوياً ويحظى بدعم روسي وايراني وصيني حتى. أما داعش ما زالت متواجدة في بعض المناطق السورية، وهنالك ايضاً ما بين ثمانية وستة عشر الف مقاتل من التنظيم ينفّذون اغتيالات وتفجيرات انتحاريّة في العراق وسوريا، وايضاً فإنّ التواجد الروسي والايراني واضح تماماً وجليّ، وفي العراق لم تستطع اميركا وحسب ماكنزي، الاتيان بنظام موالٍ لها غداة الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الأسبق صدّام حسين منذ 18 عاماً، لذا يسأل ماكنزي، اذن كيف تنهي اميركا تواجدها في تلك البلدان ولأخصامها السياسيين تواجدٌ في سوريا والعراق؟

 

وبالمناسبة، قال الجنرال المتقاعد هيربرت ماكماستر، وهو مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق الذي أقاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بأنّ الولايات المتحدة يجب أن لا تقدم على الانتخاب من العراق وسوريا لثلاثة اسباب، السبب الأول هو التنافس مع سوريا والصين على النفوذ في معقل موارد الطاقة العالمي والسبب الثاني هو احتواء التطرف والارهاب والسبب الثالث هو حرب العقوبات على كل بلد معادٍ سياسياً لواشنطن علماً بأنّ الشرق الأوسط ما زال يشكّل منطقةً جدّ هامة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.