IMLebanon

لبنان و”الثّمن الكبير”

 

يشهد اللبنانيّون كلّ يوم فضائح دولتهم، أقربها مشهد أكياس الطحين العراقيّة وفضيحة تخزينها بأوامر وزير الاقتصاد راوول نعمة في المدينة الرياضيّة، مشهد لو حدث في أيّ بلدٍ آخر لسارع إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة المزدوجة لأنّ هذا الطحين تبرع به العراق بعد تفجير 4 آب الماضي، ولكن نحن في بلد ليس فيه مسؤول يتحمّل مسؤولياته، ولا يوجد من يجاسب مسؤولاً إن قصّر في مسؤولياته!

 

العالم مشغولٌ بنتائج الانتخابات الأميركية التي على ما يبدو ذاهبة باتجاه أزمة معقّدة وإعادة عدّ الأرقام ستمتدّ هذه المرّة فترة طويلة هذا إذا لم يحسمها جو بايدن وظلّه الظليل الرئيس الأسبق باراك أوباما في العودة إلى البيت الأبيض، ولكن نموذج دونالد ترامب ليس من النوع الذي سيغادر البيت الأبيض بهدوء، وفي هذا الوقت لبنان لا يزال في قلب المجهول وفي عين العواصف الآتية عليه من الدّاخل ومن الخارج، حتى اليوم لا يعرف الشعب أيّ حكومة ينتظر، ولا  إجابة على سؤاله العميق عن تغيير ما سيفتح كوة أمل في قدر هذا الشعب، وهل هذا هو الأمل الذي يبحث عنه الشعب، قد تكون الحقيقة التي تلوح في أفق اللبنانيّين أنّ ما ينتظرهم هو بدلاء ينوبون عن أدوات نفس الطبقة التي نهشت جسد الدولة اللبنانيّة على الأقل منذ العام 1993!!

 

ويُدرك اللبنانيون أنّ القلق الأميركي تجاه إيران وحزبها الذي حرص على إبدائه دائماً الأميركي الغاضب من أفعال الاثنين لن تتجاوز أفعاله حدود العقوبات التي قد تستغرق سنوات لتسفر عن نتيجة، هذا «الموّال» عاشه اللبنانيون طوال فترة حكم دونالد ترامب، وأدركوا أنّه لا يُغيّر حرفاً في القدر اللبناني الذي لا تزال إيران تكتبه لنا منذ العام 2006، وعلى ما يبدو أنّه سواء فاز ترامب أو بايدن فهذا لن يغيّر حرفاً ممّا كتب للبنان، وللمناسبة يتذكّر اللبنانيّون أنّ أميركا وقفت متفرّجة فعلاً في 7 أيار الـ 2008 على لبنان واللبنانيين، إدارة جورج بوش الجمهورية لم تفعل شيئاً للبنان بالرّغم من وعودها الكثيرة، وعلى غرارها إدارة دونالد ترامب أيضاً، تتغيّر الحكومات ووعود تشكيلها، وتتغيّر الإدارات الأميركيّة أيضاً وفي كلّ مرّة يعود لبنان دائماً إلى مربّع الصفر!

 

مهما تغيّر المشهد الدوليّ يبقى المتحكّم بلبنان وشعبه هو الحاكم الفعلي، وحزب الله لا يستتر من ممارسته لدور الحاكم، وللمناسبة هذه المظاهر السياسية لشبه دولة لا تزال قائمة ومستمرّة لأنّ حزب الله لا يزال محتاجاً إلى «هيئتها» الخارجيّة التي يختبىء خلفها حتى الآن، ويشكّل ظهورها الدائم في الصورة سقفاً يلطى الحزب تحته، إلى أن تحين ساعة الصفر، ولا يعود هناك من حاجة لهذا المظهر إذ يكون قد حان موعد ظهور حزب الله بحلّته «الحاكمة» الجديدة!

 

سواء عاد ترامب إلى البيت الأبيض أو دخله جو بايدن على حصان الديمقراطيين وظلّ باراك أوباما واتفاقه النووي مع طهران والنّقزة مع عودة المنطقة لتدفع ثمن التوافق الأميركي الإيراني، تبقى يدُ اللبنانيين على قلوبهم خوفاً من دفع ثمنٍ كبير سواء في حال توافق الأميركان مع إيران أم تواجهوا معها، وحده لبنان سيجد نفسه يدفع ثمناً أكبر بكثير من كلّ الأزمات التي يعانيها حتى اليوم، ثمنٌ أكبر بكثير من كلمة أزمة!