صورة مجازية لطبيعة العلاقة التي تربط الولايات المتحدة الأميركية بإسرائيل وبالشعب الفلسطيني.
لا نبالغ إذا قلنا ان اسرائيل هي صناعة أميركية بالكامل وجوداً واستمراراً. فقد حمَّلت أميركا نفسها وزر ما ارتكبه الغرب الأوروبي بحق اليهود وإضطهادهم ونبذهم إذ كانت صورتهم في هذا المجتمع في منتهى البشاعة لأنهم متهمون بقتل السيد المسيح، وانهم وراء كل ما في العالم من سقوط أخلاقي ومن إدارة نشاطات مدمرة.
أول اطلالة لأميركا على الغرب الأوروبي كانت في العام 1956 عندما أوقفت الحرب التي كانت تشنها بريطانيا وفرنسا واسرائيل (حرب السويس) وقد تكون هذه المرة الأولى والأخيرة التي تقول فيها أميركا «لا» لإسرائيل وكانت مناسبة لتصبح أميركا صاحبة القرار الأول في السياسة الدولية وايذانا لبداية سقوط القارة العجوز وصعود اسرائيل.
لقد تجلت هيمنة أميركا ودعمها لإسرائيل من خلال عدة محطات أولها أنها إعترفت بها قبل ان تصبح دولة. ثم راحت تزودها بكل الأسلحة وبنفس الوقت وفرت لها الحماية الدولية وذلك من خلال استعمالها لحق «الفيتو» في مجلس الأمن وقد استعملته 88 مرة من بينها 43 مرة لمصلحة اسرائيل فقط. وهذا ما وفر لإسرائيل الغطاء الدولي لخرق قرارات الشرعية الدولية بحيث لم تلتزم ولا مرة بوقف اطلاق النار اوالإمتناع عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. واكثر من ذلك فقد قامت باحتلال اراض عربية وضمها الى كيانها الهش.
كان هدف اميركا من دعم اسرائيل هو ان تجعلها متفوقة في المنطقة لذلك فتحت لها باب الدعم المالي والعسكري الواسع. فمنذ تاريخ تأسيسها حتى العام 2023 بلغت المساهمات المالية 6،158 مليار دولار يذهب القسم الأكبر منه للدعم العسكري بحيث شكل هذا الدعم ما يوازي 72% من قيمة المساعدات، هذا فضلا عما قامت به أميركا بتزويد اسرائيل بأسلحة متطورة لا تمنح لغيرها من دول المنطقة. وفد ارسلت دعما لها مع بداية الحرب مع حماس مجموعتين من حاملات الطائرات مزودة بـ 150 طائرة اضافة الى غواصة نووية.
وبسبب الحرب مع حماس وافق مجلس الشيوخ الأميركي على رزمة مساعدات. وكانت حصة اسرائيل منها 4،26 مليار دولار منها 4 مليارات لنظام القبة الحديدية و 2،1 مليار دولار لنظام الشعاع الحديدي الذي يتصدى للصواريخ القصيرة المدى و5،3 مليار دولار لشراء اسلحة متطورة واخيرا 2،9 مليار مساعدات انسانية.
أما على صعيد فلسطين فالهوة كبيرة جدا وقد تبين من البيانات الرسمية ان الولايات المتحدة ساعدت اسرائيل بـ 27 ضعفاً مما قدمته الى فلسطين. وفي وقت لاحق اعلنت القيادة المركزية الأميركية «سانت كوم» ان اميركا سلمت الفلسطينيين الف وخمسة اطنان مترية من مساعدات انسانية عبر الرصيف المؤقت.
لقد حصلت فلسطين من اميركا منذ العام 1950 على 11 مليار دولار لكن هذه المساهمة غالبا ما كانت تقدم عبر «الأونروا» التي أنشأتها أميركا في العام 1949 بهدف تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح بسبب النزاع العربي الإسرائيلي عام 1948.
تقدم «الأونروا» اليوم خدمات التعليم والخدمات الإجتماعية والرعاية الصحية لأكثر من خمسة ملايين لاجىء فلسطيني كما وظفت لديها اكثر من ثلاثين الف موظف فلسطيني.
تعتبر الولايات المتحدة الأميركية ويليها الإتحاد الأوروبي من اكبر المساهمين في تمويل «الأونروا» بحيث بلغت في العام 2022 239 مليون دولار من أميركا وحدها. ومؤخرا طلبت الإدارة الأميركية من مجلس الشيوخ مساهمة مالية للفلسطينيين بمبلغ 404 مليون دولار. هذا فضلا عما قامت به أميركا لتدريب كادرات لملء الوظائف لدى السلطة الفلسطينية.
خلاصة القول ان الولايات المتحدة الأميركية لو استعملت هذه الأموال للدفاع عن حق الشعوب في الحرية والإستقلال وليس للدفاع عن الباطل، لكانت تجنبت كراهية الشعوب وحقدها.
* مدعي عام التمييز سابقاً