IMLebanon

تباين أميركي – فرنسي حول لبنان

 

دخل لبنان مرحلة التدويل بشكل متسارع، وحيث الجميع يترقّب عودة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان لمتابعة لقاءاته واتصالاته مع المسؤولين اللبنانيين، إضافة إلى ما سيعود به من حلول متوقّعة، ولكن ليس هناك حتى الآن ما يدل على أن التسوية السياسية باتت ناضجة في ظل الصراع الإقليمي و«الكباش» بين هذا المحور وذاك، دون إغفال أن ثمة تباين واضح بين واشنطن وباريس حول النظرة لحلّ الأزمة اللبنانية، على الرغم من التوافق بينهما على قضايا أساسية، إنما لكل منهما رؤيته ونظرته لبعض القضايا، وتحديداً ما يتعلّق بـ«حزب الله»، بحيث رفعت واشنطن منسوب تصعيدها تجاه «حزب الله» وإيران، بينما لا زالت باريس تعتمد سياسة التهدئة والحوار مع الحزب من أجل عدم إقحام لبنان بأي تصعيد أو حروب أو أزمات جديدة، وإن كانت تجاري الولايات المتحدة الأميركية لعدم ترك المجال لإيران للسيطرة على لبنان سياسياً وأمنياً واقتصاديا، باعتبار أن ذلك يؤدي إلى خسارة لبنان لخصوصياته الثقافية والفرانكوفونية وتنوّعه وتعدّده، وهذه المزايا التي يتمتع بها لا تقبل باريس أي تفريط بها.

 

وعلى خط آخر، فإن اللافت كان المؤتمر الصحفي للبطريرك بشارة الراعي، والذي فنّد فيه موضوع الحياد، وحيث تشير أكثر من جهة سياسية أن إصرار البطريرك الراعي على طروحاته وتشدّده وتمسّكه بها ورفع منسوب كلامه المرتبط بهذه المسألة، فذلك يؤكد على سيره بما سبق وطرحه حتى النهاية، ومن الطبيعي وفق المعلومات من أكثر من جهة سياسية وديبلوماسية، أن الموفدين الدوليين الذين التقوا بالبطريرك الراعي لدى زيارتهم لبنان أشادوا بمبادرته المتقدمة، متمنّين عليه السير بها حتى النهاية، وأنهم إلى جانبه وداعمين لخطواته، خصوصاً أن هناك توجهاً لدى سيد بكركي للقيام بجولة أميركية وأوروبية عنوانها الرئيسي موضوع الحياد، والسعي إلى حض المجتمع الدولي لدعم لبنان وخلاصه لأزماته، مما يؤكد بأننا، ومن خلال الأجواء، مقبلون على مرحلة بالغة الأهمية والدقة، ولا تخلو في الوقت عينه من صدامات وخلافات سياسية، أكان على صعيد تداعيات قرار المحكمة الدولية، ومن ثم استمرار التجاذبات حول انفجار المرفأ وخلفياته والتحقيقات الجارية حول هذا الزلزال الكبير، بينما في المقابل، هناك كُثر يسعون إلى عرقلة مبادرة سيد بكركي التي فاجأتهم وصدمتهم، وحيث بات جلياً أن الكاردينال الراعي سائر بها حتى النهاية، وهو الذي طرحها لتصبح أمراً واقعاً، لا ليتراجع عنها مهما اشتدت الحملات والعواصف السياسية.

 

وأخيراً، فإن لبنان، وأمام هذه الكوارث المتتالية التي حلّت عليه، فإن المرحلة القادمة لن تكون سهلة، بل ستشهد بدورها أجواء تصعيدية بين الأفرقاء السياسيين مع عودة المواقف ذات النبرة العالية، كما كانت الحال في مرحلة سابقة، ولا سيما أن هناك من سيفرض شروطه على أبواب تشكيل الحكومة الجديدة، ولكن، وإزاء هذا الموضوع، فالاتصالات لا زالت جارية في الداخل والخارج، والقضية لا تتعلّق بإسم الرئيس المكلّف أو اسماء الوزراء، ولكن بشكل الحكومة حيث لم يعد الكثيرين في لبنان والخارج يقبلون بحكومات شبيهة إلى حد كبير بالحكومات المتعاقبة منذ ما بعد الطائف إلى اليوم.