لم تعد تنفع سياسة الترقيع لحل الازمة اللبنانية..المشكلةاليوم، اصبحت ازمة نظام برمته وبات لزاما اللجوء الى اجراءات جذرية لتغيير النظام واعادة هيكلة الدولة، لكن المشكلة التي تواجه الرعاة الدوليين لتسوية من هذا النوع: هل يمكن ان يستمر الحكم بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين بعدما بات الشيعة رقما صعبا في المعادلة الداخلية والدولية؟
في هذا الصدد، كشفت مصادر دبلوماسية للمرة الاولى معلومات عن عقد لقاءات رفيعة المستوى بين الفرنسيين وممثلين عن القوى اللبنانية الاساسية في البلد للبحث في كيفية ترتيب ميثاق لبناني جديد، وتقول المعلومات ان البحث يدور حول اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، على ان يتبعها اجراء مؤتمر لبناني شامل برعاية فرنسية مباشرة ، ويحكى في هذا الصدد عن مساع لتولي مصر الاشراف على التسوية.
ما يطلبه الاميركيون عبر الفرنسيين بشكل صريح ومباشر هو موافقة الثنائي الشيعي على تسهيل ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، والالتزام بما يشبه ربط النزاع مع العدو الاسرائيلي مقابل تعزيز دورهم وموقعهم في النظام اللبناني الجديد.
الكلام هنا حول منح الاقليات في لبنان مجلس شيوخ اي تطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف، بالتوازي مع استحداث موقع نائب رئيس الجمهورية ومنحه للشيعة، في حين يجري التداول بتوسيع صلاحيات مجلس الوزراء وسحب الامتيازات التي يتمتع بها الموارنة في المؤسسات لاسيما وظائف الفئة الاولى.
يضاف الى ذلك، طرح واشنطن عبر الفرنسيين استراتيجية دفاعية تضمن مركزية قرار الحرب والسلم لدى الدولة اللبنانية، ومؤازرة قوى المقاومة فقط لتنفيذ قرارات الدولة وليس اتخاذ قرارات احادية، ومنع حصول المقاومة على اية اسلحة نوعية ، ومراقبة تطبيق هذا القرار من خلال مراقبة المعابر والحدود وضبطها تحت اشراف دولي ،بما يعنيه ذلك من ترسيم الحدود البرية مع سوريا بشكل نهائي ، وتباعا تحديد هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يؤكد لبنان وقوى المقاومة لبنانيتها.
وتقول المعلومات ان تغيير النظام في لبنان وفقا للنظرة الاميركية والفرنسية يرى ان اشراك حزب الله في الدولة العميقة بالتوازي مع تسوية النزاعات على الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة سوف يؤدي تلقائيا حسب اعتقاد واشنطن الى ضمان الامن والاستقرار على الحدود دون الحاجة الى اي نوع من التطبيع او الهدنة بين العدو الاسرائيلي وحزب الله.
طبعا ،هذا الامر لا ينفصل عن الاتفاق الروسي-الاميركي القاضي بان تصبح روسيا هي الضامن لامن منطقة الجولان المحتل، اي بالمختصر تحاول واشنطن وقبيل انسحابها الجزئي من المنطقة تامين امن اسرائيل باية طريقة ممكنة.
لكن ثمة خلافاً حول إمكانية تسويق فكرة دور أكبر للشيعة في لبنان، مع استمرار توسعهم حسب زعمهم في المنطقة العربية وزعزعة استقرارها، في حين ان دول الخليج تبحث تحديدا عن كف يد حزب الله في اليمن وسوريا والبحرين والعراق والتنازل عما يسمى الهلال الشيعي قبل الشروع في اية تسوية معه؟!.