لا يحتمل لبنان ولا المنطقة «برودة» قلب السياسة الأميركيّة، يعيش لبنان بالرّغم من كلّ مآسي انهياره مواجهة حقيقيّة بعدما نجحت إيران في السيطرة التي لا تكلّ ولا تملّ من عزمها في القبض عليه، وما تعيشه المنطقة اليوم من شلل وعجزٍ عن إيجاد حلول ومن مآسٍ تسبّبت بها إيران في العراق واليمن ولبنان وسوريا، كلّها نتيجة التغاضي الأميركي والأوروبي عن العبث الإيراني بمصير دولٍ بإمّها وأبيها وشعوبها منذ ثمانينات القرن الماضي! ويُدرك اللبنانيون أنّ القلق الأميركي تجاه حزب الله وإيران أيضاً لا يُسمن ولا يُغني من جوع، هذا «الموّال» لا يُغيّر حرفاً في القدر اللبناني الذي تكتبه إيران منذ العام 2006 وما تزال!
شبه لقاء قمة عبر تطبيق زووم بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين مع إعلان البيت الأبيض بأنّ الرئيس الأميركي ينوي الاتصال برؤساء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بعد المحادثات، بالإضافة إلى تأكيد مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية بأنّ بايدن سيتصل بنظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، عمليّاً تُثبت الأزمات التي تضرب دولاً كثيرة أنّ القائمين على الشأن الأميركي كاذبون في تعاطيهم مع قضايا المنطقة سواء في الخليج العربي وإيران أو في الشّرق الأوسط وفي لبنان وسوريا والعراق، وعلى مستوى قضايا دوليّة في أوكرانيا على سبيل المثال، وفيما ترتجف أوكرانيا بعد تقديرها أنّ روسيا قد حشدت أكثر من تسعين ألف جندي بالقرب من حدودها!
عمليّاً الخروج من دائرة اليأس من لبنان ودولته وسياسيّيه صعب جدّاً، لأنّ الدّويلة قتلت دولتنا وسلبتها هيبتها وقدرتها، وفوق هذا نحن نعيش في وطن أسهل الأمور فيه إشعال فتن متنقّلة، فمصيرنا كشعب وكوطن ليس تحت قبة البرلمان، ولا في السراي الحكومي، ولا على طاولة حوار في أي مكان انعقدت، مصير لبنان رهنٌ بالعقدة الإيرانية التي لا حلّ لها حتى السّاعة حتى وإن اجتمعت دول العالم لتجد هذا الحلّ!
يدرك الجميع أنّ لبنان الدولة والحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنيّة والشعب عاجزون جميعاً حتّى عن مجرّد التفكير بمواجهة مع حزب الله، ولا يوجد لبناني واحد عاقل يقبل بأخذ البلد إلى «حرب أهلية» مدمّرة من أجل الخلاص، وحدود ما باستطاعة لبنان أن يفعله وسط هذا التّراخي الدولي هو الصمود حتى النّفس الأخير منعاً لنجاح حزب إيران في سيطرته كلّياً ونهائياً على لبنان.
تتغيّر الأسماء والدّول لا تكترث إلا بمصالحها، من لبنان إلى العراق أو أوكرانيا لن يكون هناك فرق، هل تذكرون عندما جاءنا مرّة وزير خارجيّة أميركي اسمه مايك بومبيو ليبعث برسائل جديّة ومحذّرة لحزب الله معلناً أنّ إدارته «لن تقبل بالوضع الحالي الذي يمرّ به لبنان بسبب حزب الله ولن تقبل بسياسات حزب الله في لبنان، ولحزب الله وجود كبير في لبنان لكننا لن نقبل بذلك كأمر واقع» أو عندما جاءنا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والحديث عن امتلاكه خطّة للبنان، ما الذي أخذه لبنان من التحذير والتهديد الأميركي، أو من خطّة الرئيس الفرنسي؟ لا شيء وبناء على هاتيْن التجربتين قد تضحّي أميركا بأوكرانيا في اللحظة التي يجتاحها الدبّ الرّوسي الذي لا يختلف كثيراً عن بائع السّجاد الإيراني في الزّمن الأميركي الغبي!